تخطى إلى المحتوى

وشهيد جديد يرتقي من طريق الآلام: اياد الحلاق

وكأن السماء تطلب اليها نجوما لإضاءة دنيانا على هذه الأرض. 

شهيد اليوم على عتبات القدس القديمة أوجع قلوبنا من جديد. 

شهيد مختلف ربما… ولكن لا اختلاف عندما يكون الامر زهق حياة فلسطيني اخر. 

هذه هي لعبة الحياة والمت في فلسطين. 

حياة الانسان الفلسطيني فيها رخيصة يمكن التخلص منها متى قرر جندي إسرائيلي اخذها بوابل رصاصه الطائش الهمجي القاتل. 

الشاب اياد الحلاق كان اخر ضحايا معادلة الظلم الدائمة لشعب يعيش تحت احتلال متربص لا ينتهي. ندور في دوائره كشعب لا نكاد نستكين للحياة تحت بساطير جنوده حتى يضج اجرامها مضاجعنا المستكينة الى هدوء وامن وسلم ربما. فيذكرنا وابل رصاصهم اننا قد نكون ضحايا بطشهم الغاشم في أي لحظة. 

أي منا يمكن ان يكون الضحية التالية… 

رجل او امرأة. شاب او طاعن. صبي او طفل. رضيع او جنين. وصاحب احتياج خاص بعثك الله لتكون درسا في الاختلاف بهذه الحياة. 

اياد الحلاق، شاب مقدسي، من ذوي الاحتياجات الخاصة، كان بطريقه الى مركز تربوي يعنى باحتياجاته، عندما قرر جنود الاحتلال انه هدف لشكهم وبالتالي فدمه كان متاحا للهدر.

وقتلوه… قتلوه بوابل من الرصاص ليحلق بروحه فوقنا شهيدا. 

تعودنا الموت ظلما في هذه المدينة المتعطشة لدم أبنائها. 

ولكن … هذه المرة يبدو القتل أكثر قهرا. فالضحية لم يستطع الا ان يحاول الهروب من مطاردة لجنود فقدوا انسانيتهم ولم تمكنهم وحشيتهم ان يتبينوا ان الشاب كان يعاني من متلازمة التوحد. فبينما هو يهرب من صياحهم ومطاردتهم محاولا الوصول الى مكانه الامن، لم ترحمه رصاصاتهم التي لم تعطه فرصة لطلب المساعدة، ولم يفكروا للحظة بانه قد يكون كما كان اياد… انسان مختلف يحتاج الى الاهتمام لا المطاردة…. فأردوه قتيلا… 

اياد كان وحيد ابويه. رجل بقي طفلا رغم نمو جسده ولكن كيف لجنود احتلال يتبجحون بالقتل ان يفهموا معنى قتل اخر. 

سنصرخ ونبكي ونشجب ونستنكر من جديد. ولكن هذه المرة سنبكي ضعفنا أكثر. سنشجب قلة حيلتنا أكثر. سنتنكر هواننا الدائم أكثر. لأننا عجزنا كل هذا العجز عن الدفاع حتى عن الأضعف بيننا. أولئك الذين يعيشون بأرواحهم النقية في أجساد وعقول تحتاج الينا، وعجزنا ضمن عجزنا الدائم من حمايته. 

قتل اياد الحلاق اليوم ليس كأي قتل، فكأنهم قتلوا جزء من ارواحنا بعد ان استحذوا على اجسادنا وما نعيشه من حياة. 

وكأنهم يستهدفون ارواحنا كما يستهدفون حياتنا بكافة اشكالها. 

فلا رحمة ولا حتى تفكير للحظات من قبل هؤلاء الوحوش المدرعة بأسلحة القتل بان الفلسطيني هذا كان اياد. 

اياد الحلاق، الشاب الذي كان دوما بحاجة لرعاية أكثر بقليل، وحب أكثر بقليل، وإنسانية أكثر بقليل… فكيف تكون النهاية في مكان الرعاية فيه اقل بكثير، والانسانية كادت ان تكون معدمة.

تتكرر مشاهد القتل المتعمد وبدم بارد تحت حجة خوف جندي الاحتلال المدرع المعتد بالأسلحة من الانسان الفلسطيني مهما كان عمره وجنسه ووضعه.

وقد تكون جريمة اليوم في قتل اياد الحلاق بدم بارد وبوحشية مجحفة، فصلا جديدا من فصول وحشية الاحتلال امام الانسان الفلسطيني. 

لتستمر المعركة ضد عنجهية الظلم والة القمع والاستبداد، لنتأكد مرة أخرى اننا بالنسبة لهم بكل احوالنا واوضاعنا أهدافا محتملة لرصاصات فتكهم. 

لتطهر الأرض ربما اليوم بدماء اياد…وكأن عتبات القدس تشتاق بانتعاش لرحيق دم أبنائها الابرار.

لتكن روح اياد بإذن الله في مكان اهم وأكثر عدل. 

فلقد سبقك في نفس طريق آلام اليوم كثر منذ المسيح عيسى عليه السلام. وارتقوا لخلود ابدي في سماء صاروا فيها نجوم يضيئون لنا بها حياتنا المظلمة الظالمة. 

الصبر والسلوان لنا …الاحياء منا اليوم والشهداء ربما غدا… 

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading