تخطى إلى المحتوى

التوجيهي ..الكابوس المتكرر…قبل النتائج هذه المرة

التوجيهي ..الكابوس المتكرر…قبل النتائج هذه المرة 

قد يكون التوجيهي في هذه السنة هو الاستثناء في كابوسيته عن كل السنوات السابقة. فلم نشهد من قبل هكذا غضب وتعجيز نتيجة الأسئلة الموضوعة للطلاب من مادة التربية الدينية مروراً بالفيزياء وأخيراً بالرياضيات. 

هذه السنة الكابوس جاء قبل النوم….

السنة الماضية حدث فيها ضجة مشابهة ولكن اقل صخب، عندما اعترض الكثيرون على امتحان مادة الفيزياء الذي بدا تعجيزياً من حيث صعوبة الأسئلة والمدة المحددة للامتحان. 

كنت قد نسيت الامر لو لم يذكّرنا به مسؤول الوزارة عن الامتحانات، الذي صرح بمقابلة على الهواء عما بدا شخصيا بينه وبين من اعترض على الامر في العام السابق. لا افهم كيف يصبح الشأن العام شخصياً دائماً في هذا البلد. صرنا نخاف حتى ان نعبّر عن رأينا في أنفسنا لكيلا تغضب نفسنا منّا وتعتبر الأمر مؤامرة على شخصنا! 

المهم.. 

حاولت الابتعاد عن التعليق برأي عن موضوع التوجيهي، لأنني لم اعد افهم اين تبدأ المشكلة وأين تنتهي. اهي بالوزارة ومنهاج التعليم ومتطلباته ام بالأهل ام بالطلاب؟ صرت اشعر ان المشكلة متشعبة لدرجة ترى فيها المظلوم ظالما والظالم مظلوما. والضحية تتحول الى جلاد مع الأيام كما الجلاد كان ضحية ذات يوم. 

ولكن، بعد الضجة التي اثارها امتحان الرياضيات بالأمس، وكان قد سبقه تأفف واسع من امتحان الفيزياء وغيره، وامتداد الضجة بالاعتراض الى وقوف الاهل احتجاجا امام مبنى وزارة التربية والتعليم، لا يمكن ان نتوقف امام هذا الامر بحيادية. هناك بلا شك مشكلة. المختصون من أساتذة أقروا بذلك. مسؤول التربية الرسمي – مدير عام الامتحانات- اقر بما هو أخطر من ذلك، بأنهم يضعوا أسئلة لا يعرفون اجابتها بالضرورة!!! ” حتى واضع الأسئلة يتحكم بالأسئلة ولكنه لا يتحكم بالإجابة.” واكد ان من يقدّر وقت الإجابة هو واضع الأسئلة واللجنة، التي نفهم انها لا تعرف الإجابة بالضرورة!!

ما المفروض ان نفهمه من هذا؟ 

ما هو النظام التجريبي على طاقة ونفسيات وحياة الطلاب واهلهم الذي يتم ممارسته؟ 

لا يمكن فهم ما الذي تحاول وزارة التربية والتعليم بتقديمه باستخدام عشرات الالاف بل مئات الالاف من المواطنين بين طلاب واهل كحقل تجارب لنواياهم غير المعروفة والمحددة لتجارب بتغيير النظام التعليمي المبتغى؟؟؟

لا يمكن ان تقرر الوزارة التخلص من نظام التحفيظ والبصم لتدخل التفكير بلا اعدادات وتجهيزات لذلك. 

فكرة تقديم أسئلة لا يعرف واضعوها حلولها هي المعضلة التي تشير الى الخلل. 

إذا ما ارادت الوزارة ابتكار طرقا جديدة للتقييم، فلا يكون هذا على حساب المجتمع بطلابه واهاليهم هكذا عنوة بلا تحضير ولا تهيئة وكأن الامر عادي. وكأن الانسان منا ولقد مضى على هذا الامتحان عقود من حياته لا يزال يعاني الكوابيس منه.

نفهم الحاجة لتغيير التوجيهي، وعشنا مأساوية تغيير الاسم لإنجاز لنخرج بآلية للحفظ والتكرار لا تحمل من الإنجاز الا اسمه. ولكن، ان يصبح التوجيهي وكأنه عصاة تمسكها الوزارة من خلال الامتحانات التعجيزية لتغير ما تصبو اليه تكسر من خلاله هيبة العلامة، فإن هذا الامر ليس الا وجه اخر لنفس النظام القمعي المسيطر على الطالب ومستقبله. التغيير فقط بان الطالب هذا سيشعر بنفسه اقل قيمة ويتسر ما يملكه من اعتداد وثقة بالنفس امام أسئلة تعجيزية لا يعرف اجابتها حتى واضعيها. 

الفضول لا يزال يراودني تجاه سؤال الدين الذي يحتمل أربع إجابات صحيحة من أصل أربع احتمالات!! فكيف تكون أسئلة الفيزياء والرياضيات. 

ولأن الوزارة تعتقد كما جاء على لسان رئيس لجنة الامتحانات بشأن الإجابات التي لا يعرفها بالضرورة، ان الامر يحتمل دائما الخطأ والصواب، فلا ضير بإعلان رسمي يقول لنا ان الوزارة تنظر في الامر. 

عفوا!!!!! 

عفوا كبيرة للحقيقة… 

قد تكون الوزارة استجابت للضغط الذي مارسه الأهالي اليوم امام مبنى الوزراة ، ولكني لا اعتقد ان احدهم اهتم ولو للحظة بدموع القهر والوجع الذي عاشته الأمهات بالأمس والحرقة على ابنائهن من احباط محتم. 

لم تعبأ الوزارة ولو للحظة لإحباط الطلاب ودموعهم الحزينة بالأمس وكأنهم خرجوا للتو من فاجعة. 

لا تزال الوزارة تمارس لعبة جسّ النبض ، وتمرير ما يمكن تمريره بلا أي اعتبار بأن ما يجري يخطف من اعمار الاهل والابناء لحظات سيستمر رعبها الى الابد. وكأننا نحتاج الى المزيد من المآسي. كأننا نحتاج الى المزيد من حرقة الدم والاعصاب. 

لا اعرف ان كان من يضع الامتحانات ويشرف عليها وكل المسؤولين الكبار في حكومة السلطة يفهمون او يعون ما تعنيه هذه الأيام لمئات الالاف من الشعب. قد لا يعرفون لان ابناءهم لا يتقون التعليم بمدارس كأبناء باقي الشعب. فهذا الكابوس لا يرافق حياتهم ولا يخيم على ايامهم. 

الحقيقة لا افهم كيف يمكن ان نفهم المشكلة بعمقها، لأننا نعرف جميعا ان هناك مشكلة، ولكن من يحاول حلها، امّا انه لا يفهم كيف تحل لأنه لا يعرف عن المشكلة الا كونها مشكلة، او انه معقد يريد الانتقام مما عاناه من هذه المشكلة وعليه يريد للبشرية ان تعاني معاناته. 

وبين الاثنين الذي من الواضح انهما كنوعية لمن يتابع موضوع التوجيهي، أحدهم لا يعي مأساوية الامر والآخر يريد للجميع ان يشرب من زقوم المأساة مثله ، يتأرجح الطلاب واهلهم كمن يمشي على صراط مؤدي بالتأكيد الى جهنم. 

من جهة ثانية، وبعيدا عن الامتحانات وتعقيداتها المبتذلة التي لم تراع الظروف التي عاشها الطلاب على مدار أشهر من الانتظار وعدم اليقين وحجر دام لأشهر، وكأن الوقت الموجود هو اجباري لهم لحفظ كل ما يمكن حفظه كما الحجر واجب. الغش الذي يتم بداخل القاعات، من قبل المراقبين أنفسهم لبعض الطلاب يؤكد مرة أخرى ان النظام التعليمي خلله ليس فقط بامتحان اسمه توجيهي، ولكنه منظومة تبدأ بالتحفيظ والتلقين وتنتهي بالتسلط والفساد. 

2 فكرتين بشأن “التوجيهي ..الكابوس المتكرر…قبل النتائج هذه المرة”

  1. تنبيه Pingback: طبائع التعليم في مصارع الاستعباد – نادية حرحش

  2. تنبيه Pingback: مصارع الاستعباد في طبائع التعليم – نادية حرحش

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading