تخطى إلى المحتوى

محاربة التطرف وايجاد الوطن

نساء تمنع التطرف العنفي هو العنوان الذي حملني الى الولايات المتحدة ضمن برنامج القيادة العالمية مع ٢٤ سيدة من مختلف انحاء العالم . داعبتني منذ اللحظات الاولى فكرة كيف ان الغرب يخلق الازمات ومن ثم يبحث عن حلول ، الا انني هذه المرة وبالرغم من عدم تبرئة الغرب من هذا ، الا انني اصر ان ما يجري حولنا من ازمات تحولت الى حروب اهلية سببها التطرف الذي لا نحتاج الى الغرب لنشره . فهل نلوم الغرب على زرع الفتيل ام نلومنا نحن على اشعاله ؟

اسمع للقصص المختلفة للمعاناة ، وعلى عكس المرات السابقة اشعر بآني بفلسطين لست مركز الحدث ، فعند سماع قصص الاغتصاب وجرائم القتل البشعة على ايدي الجماعات الارهابية التي تحمل اسم الاسلام كجرس حول اعناقنا ، يبدو من السخيف حتى التفكير بما يجري في فلسطين من تنكيل الاحتلال لنا .

فكيف اشرح للناس ارهاب وتطرف ممنهج تقوم به دولة وليست جماعة بعينها ؟

كيف آفسر لمن يصف اغتصاب عائلة امام جموع الناس ، عملية الاغتصاب التي تتعرض لها الخليل في كل لحظة من وجودها منذ اكثر من عقد وما من سامع ولا مجيب . الطريق الى الحرم الابراهيمي في البلدة القديمة في الخليل لا يزال يشكل بداخلي ما لا يقل تشبيها عن طريق الالام والسيد المسيح . طريق مكبلة بثقل ورهبة بضع مستوطنين تعلوها شباك لصد القذورات والحجارة والتنكيل الذي يرمى على اصحاب المحال المرابطون . الطريق الذي يقودك بين خطين يفصلهما لون برتقالي تنهيه ثكنة عسكرية واشارات تمنعك من الاقتراب اكثر لانك تصل بهذا الى بيوت لمستوطنين .

القدس واغتصابها اليومي وكآنها تحيا على حقن مخدرة تجعلها لا تعي تماما ما يخر بجسدها المغتصب بكل لحظة متاحة. .تصحو احيانا من غفوتها لتعود وتبحر مع نفسها الدامية في عالم من الهلوسة والخيال تبقيها على قيد الحياة.

كيف افسر الانتظار المهين على الحواجز ،التي تحولت تدريجيا الى معابر ، ويوما بعد يوم تصبح هي الحياة ؟

لما اتذمر من انتهاكات جيش يترك ابناء الوطن مبتورين ان لم يقتلهم ؟ في حين تتفجر الاجسام بآعضائها وارواحها امام اعيننا على الشاشات؟

لما اتذمر وبالسجن حياة مقابل القتل العشوائي المترصد لابناء العالم من حولنا ؟

ويبقى الجرح بالعمق حين افكر في الصراخ لنبذ الاحتلال ، وارى في العيون اشارات ودلالات تتساءل عن انقسامنا الداخلي .. كيف افسر الانقسام في ظل الاحتلال امام العالم الاخر ؟ كيف ادافع عن احقية القضية وعدالتها ، بينما نبيع نحن اصحابها فيها بالجملة والمفرق ؟

وفي خضم تساؤلاتي مع نفسي بانتظار دوري في التعريف عن نفسي ، رآيتني بحالة اشد تيها ، فانظر امامي لاسمي الكامل الذي ليس اسم عائلتي ، وكنت قد تصالحت مع الفكرة مؤخرا بأصرار بآني احمل اسم اولادي . الا انها فكرة لا تلبث الخروج الى فضاء عقلي امام المفارقات الاخرى . فانا واسمي من “المناطق الفلسطينية ” ونقع تحت طائلة الانتماء الى الاردن .

فقلت باصرار ، اتمنى ان تنادوني بنادية واذا سآلتم عن مكاني فآنا من القدس . فلا استطيع قبول كلمة مناطق لوطني ، واعترف بان دولة فلسطين التي تم اعلانها في الامم المتحدة لا اريد لها ان تكون فلسطين التي تعيش بداخلي . والاردن مشكورة لمنحها لي جواز سفر  ليس هي وطني ، واسرائيل بوثيقة عبورها لا تمثلني ولا امثلها . فالقدس تبقى ما يخلج لي من مساحات لا زلت اجد فيها وطن افترشه ..بالرغم من ضياعها واغتصابها .. بالرغم من الهوان بها والتهاون عليها . بالرغم من تهويدها والعربدة فيها … تبقى القدس المكان الذي لا زلت استطيع وبقوة وفخر ان اقول هي قلب الوطن…

الوطن الذي لا يزال ينبض حياة بداخلي…

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading