اعترف بأنني لم افرح بالقرار الاممي الجديد ، ولم اشعر بأي شيء لكي اكون اكثر دقة. فكم من القرارات الاممية التي شجبت وادانت ودعت واعطت وطالبت في الشأن الفلسطيني ولم تنفذ ولم يعرها العدو ولا الصديق اي اهتمام من اجل التطبيق.
واعترف كذلك ان بداخلي يقين بأن القرارات الاممية هذه لن تأتينا ابدا بخير مهما بدا للعيان خيرها . وان كنت في السابق (قبل اوسلو) تأملت بعض خير لاستعمال لهذه القرارات في يوم ما ، صرت ارتاب من كل ما يأتي بعد اوسلو.
بدءا ، الامم المتحدة وقراراتها ، هي من شرعنت وجود اسرائيل ، واعطت اليهود حق على اشلائنا . لم تكن الامم المتحدة الا ذراعا ينفذ القرارات الاممية المتحالفة فيما بين الحربين العالميتين لما اصبح شكل العالم الجديد بين شرق اوسط تم تدشينه وسط ايماءات لورنس العرب الشاذة ، وبين رسم للقوى التي ستتحكم بالعالم على مدار العقود اللاحقة .
واذا ما سلمت لكوني انسانة حقوقية متعولمة ، يراد منها القبول بقرارات الدول المتحضرة تحت عصبة الامم ، والقبول بالقرارات التي بدأت في التغريبة الفلسطينية مع قرار التقسيم الذي تلاه قرار اعلان اسرائيل ، في محاولة لفهم العالم الجديد وسط انتصارات لم نكن نحن معشر العروبة احد اطرافها . فالاولى ان اطالب بالقرارات الاممية اللاحقة منذ قرار التقسيم او لربما المطالبة بتنفيذ القرار نفسه . فنحن الفلسطينييون اعترضنا وبشدة حتى على تلك القرارات التي ننادي بتطبيقها اليوم (أقصد قبل اوسلو) ، من ١٨١، ١٩٤، ٢٤٢ ، وغيرها الكثير في مسار القضية الفلسطينية وانتهاكها من قبل اسرائيل على مدار عقود الاحتلال وتكوين اسرائيل .
المريب بالنسبة لي في كل قرار لاحق لسلطة اوسلو ، هو امكانية التعامل مع القرارات الحالية وكأنها الوضع الدائم ، مثل قرار اعلان الدولة ، يأتي قرار المستوطنات وكأن هناك خطوطا للخريطة القادمة فيما ستصبح عليه فلسطين الدولة .
وان كان علي ان اكون اكثر تفاؤلا، وايمانا بالدبلوماسية الفلسطينية ، والتوقع ان هذه خطوة نحو التحرر، فلن اصاب الا بتشنج به بعض الفرح من فمي نحو ابتسامة متصنعة ، لان سلطتنا وبلا ادني شك ، بل وبيقين اقول ، لا تسعى الى اي شيء فيه محاسبة لاسرائيل. فمنذ قرار وقف الجدار الذي تبنته الامم المتحدة لم تحرك السلطة ساكنا في حركة واحدة حقيقية نحو استخدام القرار ، الا باستخدام القرار كحجة واهية يلوح فيها المسؤولين للدعايات الخاصة بنفوذهم وتجميعهم للمزيد من اموال “آلشحدة” على القضية الفلسطينية ، وبطبيعة الحال تش؛يل مجلس اعلى او وزارة او حلقة ما يتم فيها اعطاء بعض المناصب للمقربين وغيره من نفس الديباجة المعتادة .
وهناك قرار جولدستون الشهير الذي افضى ومع الاسف الى التأكد من ان السلطة لم تكن على قدر الامانة في تمثيلها على كافة المستويات . فتقرير جولدستون عرى القيادة الفلسطينية ووضعنا كشعل امام تساؤل حقيقي نحو ولاء السلطة واولوياتها .
وملف محكمة الجنايات ، حدث ولا حرج …. فقبل حتى التصويت على قبولنا في محكمة الجنايات كانت الضمانات المحكية ،السرية تقدم لاسرائيل بأن ملفا واحدا لن يقدم … وهكذا كان ولا يزال .
لا يتم استخدام اي من كل تلك الفرص التي كانت من الممكن ان تكون حقيقية من اجل تصديع القوة التي تتحكم بها اسرائيل على الارض والانسان الفلسطيني دوليا . الا في مناسبات التهديد التي لم يعد يسمعها ولا يصدقها ولا يكترث لها الفلسطيني ولا الاسرائيلي على حد سواء .
نحن الشعب الفلسطيني ، اكتفينا اليوم في العمل على تحرير القضية الفلسطينية من خلال منابر السوشيل ميديا التي نصطف من خلالها جميعا نحو هذه القضية او تلك ، في صف مستقيم نحو قائد ما او ضده ، ولم تعد قضيتنا الحقيقية هي القضية الاصيلة لفلسطين . نكتفي ان نهلل لانتصارات وهمية . لا يختلف تهليلنا بهذا القرار عن تهليلنا لمتسابقي اراب ايدل وغيره من المسابقات التي اجلستنا جميعا متسمرين ،ناهبة ما تبقى لدي الاغبياء منا من قروش نصوت فيها ليعيش امراء الحروب السعودية والقطرية والصهيونية في رفاه اكثر.
سيأتي يوم، يتم فيه التصويت على فلسطيني بمسابقة كتلك ، وسنربح بلا شك (بصعوبة) وسنفرح ونكتفي بتتويج القدس عاصمة وفلسطين ارضا (ما ) وطنا لما تبقى من انسان يسمى فلسطيني .