آسفة يا مجد… فلا عزاء الا للأموات في هذا الوطن المستباح

https://www.facebook.com/670160674/videos/10158292983450675/

قضية مجد سمارة مرة اخرى.

            آسفة مجد…. فلا عزاء الا للأموات في هذا الوطن 

صارت القصة معروفة لدى الكثيرين على ما اعتقد. والكثيرون يسكتون عن الامر لأسباب جلية ترتبط بالمصالح او الخوف. وربما الخوف والمصلحة توأمان إذا ما تمعننا قليلا بالمشهد العام.

نحن بلد لا حرية  بها الا حرية الردح او التسحيج … فلا إعلام ولا مؤسسات حقوقية حقيقية ولا قضاء يمكن ان يحمي المواطن. وناهيك عن الفساد المستفحل فينا.. فحدث ولا حرج!

ككل مرة أفكر كم يفيد الكلام. كم ربما يكون السكوت أفضل. ثم اعيد التفكير واقول في نفسي، إذا ما سكتنا جميعنا امام هذه الغوغائية الحاصلة ستصل الينا لا محالة. فلا أحد محصن. وحليف اليوم قد يكون عدو الغد والعكس. لم يعد هناك معايير اخلاقية او منطقية. 

قضية مجد سمارة كانت بالبدء قضية رأي ربما تكون بسيطة. كان الامر يشبه النكتة، كيف يقوم بنك بإنزال بيان وكأنه تنظيم من زمن الانتفاضة الاولى بعميل.. عميل بنكي هذه المرة قد تسقط عليه صفة عميل بفعل هكذا بيان، خصوصا عندما يتم التلاعب بالوطن ليكون الوتر الذي تشد عليه المشاعر وتتوازن عليه الخطابات التعبوية. 

ولأن البنك صاحب مال وبالتالي صاحب سلطة، سبق مجد في الشكوى، وبدل ان يشتكي مجد الذي تم إنزال بيان بحقه يحرض ضده من قبل البنك، اشتكى البنك ضد مجد الذي وصف موقف البنوك من موضوع وقف حسابات الاسرى على انها أقرب لفعل الاحتلال، وارتكب “جريمة سيتم حبسه ومقاضاته عليها” لقوله “يجب ان يسمي بنك القدس نفسه بنك يروشلايم”. 

الحقيقة ان الحقيقة مضحكة مبكية تستدعي اللطم كذلك. فلقد كان البيان المتداول لجمعية البنوك بشأن الاوامر التي تلقوها من جانب سلطات الاحتلال بهذا الصدد والذي ابلغوا فيه وزارة المالية وكأن الامر مبتوت فيه، اسوأ بكثير في كل ما يمكن ان نتداوله من ردود فعل من تحويل اسم بنك من القدس الى يروشليم. 

قد يكون التعبير مجازا، وقد يحتمل الكثير او القليل من التفسيرات. ولكن في تلك الايام كانت ردود الفعل عنيفة لدرجة تم احراق بعض البنوك فيها للتعبير عن استياء الناس من الامر. 

وككل شيء في هذا البلد، نهوج ونموج على الامور الكبيرة والمصيرية لبضعة ايام حتى نلتهي بمصيبة جديدة. 

بين علاقة “خاصة” تجمع بين مجد والبنك، وبين فكرة اننا جميعا تربطنا علاقة خاصة بالبنوك، بدت حرية التعبير تأخذ منحنى أكثر خطورة. وتحول الموضوع الى اخر، وتحول الضحية الى مجرم وصارت تنهال على الشاب الاتهامات من كل الاتجاهات التي ترصدها يد البنك. 

بين تبعيات للأمر يرتبط فيها “فلان” مهم وصاحب يد وسلطة وهيمنة، وبين الاحتكام الى القضاء كان كل متعقل يفكر انه ربما لا بأس. فالقضاء مستقل -لنقل- ولن تصل طول اليد ولا عرضها له. وان وصلت فهي لن تمتد طويلا. 

ولكن في هذا الامر بدا الطريق الى القضاء أصعب وأكثر تعقيدا. لدرجة كان من الصعب فيها ايجاد محامي. وكان تخافت الجهات الحقوقية في هذا الامر واضطرابها وانهزامهم عن القضية يشكل صفعة. 

الحقيقة، لا اعرف كم مؤلمة او مدوية تلك الصفعة، لأنني على الصعيد الشخصي من متابعاتي لم اعد اضع ثقلا ولا ثقة بأحد. فلكل صاحب ولكل تبعية لجهاز أمني او مخابراتي ما. إذا كان صاحب القضية على جانب أحد المتخاصمين من الصراع السلطوي الحاصل قد تأخذ هذه القضية صدى. وفي حالة البنك توحد الخصوم، لان من منا او منهم لا حساب بنكي له ليرجم البنك بحرية. ولكلتا عملاء للبنوك فلا مفر من الطاعة او اخذ مصلحة. 

ولكن القضية اصبحت أكبر واهم من بنك صاحب سلطة مالية متنفذ بأذرع حماية لأجهزة امنية سلطوية كبيرة. القضية اصبحت قضية قضاء على ما يبدو مخترق لهذه الدرجة. 

عندما سمعت ما جرى من خلال الفيديو المرفق لمجد خلال جلسة الاستماع التي تحولت خلال دقائق الى جلسة حكم بلا وجود المتهم بحجة عدم وجوده بينما كان ينتظر بالخارج للنداء عليه، تذكرت رحلتي الى نيجيريا، والتي تعرفت بينما كنت على متن الطائرة على شاب لبناني يعيش هناك. شاب عادي، ربما يحمل شكل وصفات مجد، لم التق معه قبل تلك الرحلة (على متن الطائرة) ولا بعدها، ولكن بفضله وجدت نفسي وعدد من الزملاء\الزميلات في تلك الرحلة ولقد اخذ ذلك الشاب جوازات سفرنا فور نزولنا من الطائرة واخرجنا من المطار بدون داعي للانتظار في الدور. لكم ان تتخيلوا ان تدخلوا حدود دولة بلا ان يرى وجهكم من يختم جواز سفركم. نادى امرأة بزي شرطي حدود وناولها جوازات السفر وبضع دولارات واذ بالجوازات تختم وترجع الينا، وكأننا في زمن ما قبل جوازات السفر. ولكن لم نكن كذلك، كنا قد وصلنا الى مستنقع فساد ينتهي بأصغر شرطي او موظف رسمي. 

هذا هو حالنا اليوم، إذا ما كان القضاء يشترى بهذه السهولة…. 

اعرف اننا نتكلم عن خصم متمثل ببنك وقد يوحي الامر ان الامر يستوجب أكثر من بضع دولارات… او ربما لا يستوجب اي شيء الا امر ممن بمقدرتهم حصد الدولارات. 

بينما ترددت بالحديث عن الامر من جديد، في وقت يبدو كل شيء بلا بصيص لأي امل… وقد ينتهي مجد بالسجن الذي حكم به لمدة سنة مع غرامة ببضع الاف الدنانير، او ينتهي بمرمغة رأسه لاستجداء الاعتذار من البنك، وبالحالتين سيمرمغ انفه ورأسه وكل ما تبقى من انسانيته… ولكن ونحن في هذه الغوغاء قد ينته الامر برصاصة تأخذ حياته…. 

وعندها سيصير مجد قضية رأي عام… 

وسنتكلم في قصته

وسنصرخ ونبكي ونطلق الهاشتاغات من كل الاتجاهات لنقول كلنا مجد. 

وسواء زج مجد بالسجن او مغمغ رأسه وتشوهت سمعته وأطلق العيان للتشهير به من كل الاتجاهات، وسواء قتل (لا قدر الله) (لا قدر الله تنطبق على السيناريو هين) لا يسعني الا ان اقول … 

آسفة يا مجد… 

...فلا مكان للتعبير ولا للحرية ولا للعدل ولا للحق... ولكني اريد اعلاء صوت الحق من اجل وانت حي لا وانت اسير ولا شهيد.... سيطلقون عليك لقب شهيد اذا ما قتلوك.... ستصير ايقونة العدل وربما تجد صورك متداولة والكل يصيح " حياة مجد تعني شيئا"... حياتك تعني الكثير وانت حي... ابق قوي... ابق حي....

اترك رد