تخطى إلى المحتوى

حديث صعب وحقيقة أصعب منظومة مهترئة واحدة : حوار السفير الفلسطيني بلندن ببرنامج “هارد توك”

حديث صعب وحقيقة أصعب منظومة مهترئة واحدة : حوار السفير الفلسطيني حسام زملط ببرنامج “هارد توك” على شبكة الإذاعة البريطانية 

شاهدت مقابلة ببرنامج “هارد توك” -حديث صعب- الشهير مع سفير فلسطين بلندن السيد حسام زملط، الذي عمل سابقا سفيرا في واشنطن. 

في معرض حديثه مع محاوره، قرر السفير تصويب معلومة عمله كسفير لدى السلطة الفلسطينية قائلاً: “أنت تقول لي أنني أمثل السلطة الفلسطينية. لكن انا لا أقوم بذلك. انا أمثل منظمة التحرير الفلسطينية. مكتبنا في لندن اسمه مكتب منظمة التحرير وكذلك كان اسم مكتبنا في واشنطن. لا يوجد للسلطة الفلسطينية أدوات دبلوماسية.”

وفي نهاية البرنامج عندما سأله المحاور عما يقوله الفلسطينيون ولقد ضرب له مقولتين لكل من هاني المصري وديانا بوتو، ابدى عدم الارتياح والانزعاج من كيفية استخدام المحاور لبعض “المقولات” على انها تمثل الحال الفلسطيني العام.

وكأنه على قناعة تامة باستحواذه على المشهد من الفه الى يائه. وما يقوله للإعلام الأجنبي هو الحقيقة الوحيدة.

خطر لي زميلة السيد زملط السفيرة في احدى الدول الأوروبية  (- أبو رمضان) التي هددت المتجمهرين امام السفارة قبل حوالي أسبوع من اجل الرجوع الى البلاد باستدعاء الشرطة. ثم زميل آخر لهما رجعت ابنته من الخارج ولم يرق لها الحجر الصحي المتاح- ومعها حق- فتم اخذها على سيارة اسعاف خاصة- ملك الدولة- لبيتها.   مما جعلني اسأل نفسي مرة أخرى من هؤلاء؟ 

هل من الممكن اننا لا نعرف من نحن، ونخدع أنفسنا بكوننا شعب بينما الحقيقة انهم هم السلطة وكل ما يخرج عن اطار صفوفهم الأولى هو نحن-الشعب- مجرد حطب دفئهم، وظلال فيئهم قبل اقتطاعنا إربا  لهم؟

طبعا افكاري متعثرة بتعثر الحوار الحاصل كما انعكاسه على الحقيقة. فمن الصعب التفكير باتزان بينما تختلط كل الأمور. فما يقوله السفير لا يختلف عما يقوله المتحدث باسم الحكومة من حيث التصريحات: لوم الاحتلال والاستعلاء على الشعب. كل بلغة يتقن الحديث بها. والمحصلة استغلال الشعب من اجل مصالح يستفيدوا هم منها وعلينا تقديم الولاء والعرفان وشكر الله كثيرا على وجودهم بيننا.

استمعت للسفير ولم أتوقف عن تساؤلاتي بين الواقع المرير الصعب المأساوي الذي نعيشه بسبب هذه السلطة، وبين الواقع الاخر المتمثل بالاحتلال واستخدامهم- السلطة او المنظمة- او هم- له كعلّاقة دائمة لكل اخفاقاتهم. 

وطبعا لم يخلو الامر من ديباجة تضحيات(هم) اليومية بأطفالنا وانتهاكهم لنا، ولم يوفر الفرصة في التكلم عن الشهيد اياد الحلاق.

ولكن أولا اريد ان اسأل: لمن تتبع السفارات؟ لمنظمة التحرير ام للسلطة؟ وما الفرق بين السفارة والمكتب؟ هل الاثنين جسمين في موقع واحد ام ان هناك سفارة وهناك مكتب؟  يعني السيد زملط في هذه الحالة إذا ما كان منصبه هو سفير لمنظمة التحرير لمكتبها بلندن، فهل يتقاضى راتب سفير السلطة من وزارة الخارجية؟

ام علينا ان نفهم ان هناك جسم مستقل يدعى وزارة الخارجية وجسم مستقل اخر يدعى منظمة التحرير تفرغ عليه موظفيها. هل هذا يعني ان هناك إمكانية بأن نرى سفير فلسطيني ممثل سلطة رام الله وسفير فلسطيني ممثل منظمة التحرير؟ طبعا يجب ان يكون هناك سفير فلسطيني ممثلا لسلطة حماس. وسفير ممثلا لديوان الرئاسة؟ بالنهاية فلقد تمرر(حيث لم نر أي الغاء رسمي) قانون ديوان الرئاسة واستقلاله بلا تبعيات ولا نعرف الى اين انتهى!

وسؤالي هنا حيث لا تزال كلمات رئيس حكومة السلطة تدوي في اذني عندما خاطب الشعب مخيرا: تريدون وطنا ام تريدون مالا؟ يعني إذا ما كان خيار الشعب للوطن، فهل يذهب المال لهؤلاء الذين لا يعملون لدى السلطة ولكن يعملون لدى المنظمة؟ ام ان الامر مرتبط بخطة عنقودية لا يفهم مداها الرعاع امثالنا؟ 

عندما قررت وزارة الخارجية اقتطاع يومي عمل من رواتب افرادها ( عند عروض الكورونا قبل اشهر قليلة) هل كانت تعني رواتبهم من أموال السلطة ام من أموال منظمة التحرير. 

يعني بجد، من يدفع لمن ومن أي صندوق؟ هل للحكومة او السلطة او الرئاسة او المنظمة؟ من يحكم من وماذا وبأي صلاحية؟ 

هل أموال منظمة التحرير منفصلة عن أموال السلطة؟ وإذا كانت منفصلة كيف تصرف المنظمة على نفسها؟ 

وزارة الخارجية لمن تتبع؟ للسلطة ام للمنظمة؟ 

حسام زملط من شخصيات فتح المتعلمة الذكية المتحدثة القليلة جدا، بل النادرة، خصوصا في قدرته على التكلم باللغة الإنجليزية، وهو حاصل على دكتوراه حقيقية وعلى الأرجح معدله بالتوجيهي كان عاليا. 

زملط القادم من غزة سرعان ما تربع على سماء النجومية في الدبلوماسية الفلسطينية لذكائه وتعلمه وقدرته على التحاور. ولكن شأنه شأن كل من يتربع مناصب سلطوية في سلطة غير منتخبة حزبية فصائلية ان تذوب صفاته المهمة من تشكيل أكاديمي رفيع وذكاء وشخصية جيدة في سائل رخو عكر تلبده في قاعه المنظومة السياسية. 

استوقفني الحديث الدائر في البرنامج عندما قال المحاور لزملط في معرض سؤاله عن هدف السلطة من التهديد بقطع التمويل لأنشطتها (أي السلطة) في كل المجالات من الامن، الصحة، التعليم الى كل شيء والذي اعتبره المحاور وكأنه أقرب الى الايذاء الذاتي إذا ما تم الضم حيث يبدو الامرغير عقلاني، وسيؤدي هذا الى احداث ازمة إنسانية كبيرة للشعب الفلسطيني.

فكان رد زملط ان ما ينبغي علينا عمله هو “المثابرة وبناء مؤسسات وطنية أكثر، تحسين خدماتنا، تحسين عملية التشاور في إطار عملية ديمقراطية. “واستطرد ان هدف السلطة عند قيامها كان “اخذنا من الاحتلال الى الاستقلال. هذه هي مهمتها الأساسية ولهذا السبب قمنا نحن والمجتمع الدولي بتأسيس السلطة الفلسطينية. بينما إسرائيل تريد ان تبقي السلطة الفلسطينية كمزود للخدمات تحت الاحتلال. وبالتالي تخدم إسرائيل بالمحافظة على الوضع الحالي.”

هل احتاجت السلطة ٢٧ سنة لتفهم ان إسرائيل أهدافها لا تمت لتوقعات قيام الدولة التي يتمسك زملط بها على حدود ال١٩٦٧؟ 

عن أي مهام تقوم بها السلطة يتكلم زملط؟ “نحن نعلم اننا بحاجة لمؤسسات وطنية، نحن بحاجة للسلطة الفلسطينية فهي تقوم بمهام ضرورية في الصحة، وانظر مثلا اليوم لوباء الكورونا. وفي مجال التعليم، انظر مثلا الى الناجحين في نتائج الثانوية وهم مصدر فخر نحن لدينا أكبر عدد من حملة شهادات الدكتوراه في العالم.”

 وعن أي اشادة بالتعامل مع وباء الكورونا يتحدث؟ عن أي نظام صحي، الا يسمع عن المآسي التي تحصل بالقطاع الصحي يوميا؟  وهل يعتبر المفرقعات المصاحبة لنتائج التوجيهي إشارة لنجاح العملية التعليمية وتفوقها على غيرها؟ ما الذي صنعته لنا شهادات الدكتوراه عندما يتخرج ابن صاحب السلطة من الجامعة بتحصيله العلمي الأول ويجد نفسه مديرا عاما. وما هو استحقاق النجاح والتفوق عندما يحصل ابن المسؤول على معدل لا يصل الستين ونراه وكيل نيابة بعد سنوات قليلة؟ 

حملة الدكتوراه الحقيقيين في هذا البلد لا مكان لهم (الا اذا كانوا من عظام رقبة الفصيل). لأن الكفاءات الحقيقية يتم طمسها وتهميشها والاستغناء عنها واستبدالها بالمحسوبية والواسطة. 

في معرض سؤال المحاور له عما جاء من تصريحات لحسين الشيخ قائلا: “انت تتحدث عن التخلي عن شعبكم.. حسين الشيخ المسؤول عن العلاقات مع الجانب الإسرائيلي قال لو قام الإسرائيليون بالضم فليتحملوا المسؤولية كمحتل في كل الضفة الغربية”.

كان رد زملط بأن حسين الشيخ معه حق لأنه لا يمكن لإسرائيل ان تحصل على كل شيء في نفس الوقت. وأردف:  

“شعبنا يريد شيئا واحدا وهو التحرر. الحرية، العدالة وهم يسعون الى حياة طبيعية.”

والحمد الله ان المحاور رد على جوابه بسؤال كان على طرف لساني:  

“هل تعتقد ان موظفيكم وافراد اجهزتكم الأمنية يريدون لرواتبهم ان تنقطع؟”

ليكون رد زملط:  

“ليس بالخبز وحده يحيا الانسان. نحن نعيش بكرامة”

ذكرني بمقولة رئيس الحكومة من جديد: بدكم فلوس والا بدكم وطن!!!

وقد يكون رد المحاور له هو الرد الصحيح، لأن ردي او سؤالي كان سيبدو سؤالا حاقدا. وسأنقل هنا السؤال والجواب ذهابا وإيابا بين المحاور وزملط، ربما ليكون اكثر تعبيراعن مكامن المأساة الحاصلة معنا… وتكشفها امام العالم اليوم.

المحاور: من السهل عليك قول ذلك فانت تعيش في مكان مريح في لندن كسفير للسلطة الفلسطينية. ماذا عن عشرات الالاف من الناس الذين لن يحصلوا على رواتب؟ 

زملط: يعلم هؤلاء العشرات الالاف ان قضيتهم ليست قضية اقتصادية، هم يعلمون انهم ليسوا في حالة فقر بسبب كارثة طبيعية. هم يعلمون انهم يعيشون ويمتلكون ارض من أثرى بقاع الأرض. وبالمناسبة قبل كل هذا، قبل تأسيس إسرائيل، كنا نحن من اغنى شعوب المنطقة ونحن ما زلنا من اغنى شعوب المنطقة، هذه ليست قضية اقتصادية. 

المحاور: لكنها قضية اقتصادية للعديد من الناس. ماذا عن قطاع غزة؟ فالسلطة لا تهتم كثيرا بغزة لأنها مسيطر عليها من قبل حماس وليس فتح.

زملط: انا من غزة. ولدت في غزة لعائلة لاجئين ونعلم جيدا ما حصل في غزة. فهو بالدرجة الأولى الحصار الإسرائيلي. يجب الا نرفع المسؤولية عن إسرائيل.

المحاور: عندما يقول زميلك المسؤول حسين الشيخ انه سيقوم بقطع ال ١٠٥ مليون دولار التي ترسلها السلطة الفلسطينية الى غزة شهريا لتغطية نفقات استهلاكية وصحية وكل شيء. عندما يقول انه سيقوم بقطع هذا التمويل بسبب مبدأ عدم الرغبة في العمل كوكيل لإسرائيل، ماذا برأيك سيقول الناس في غزة حيث معدل الفقر يصل الي ٥٣ ٪ ومعدل البطالة الى ٥٠ ٪. كيف سيشعرون بذلك؟” 

هنا رنت ببالي عبارة من كتاب عن ادوارد سعيد لصبحي الحديدي يصف فيه استثنائية سعيد، ولقد عدت ادراجي الى فقرة جاءت كما يلي: ” ان مكانة سعيد لم تنهض في أي يوم، على استثمار حكايته الشخصية، ونهضت، في المقابل، على استثمار عبقري ذكي، دؤوب ومبدئي، لكل ما في القضية الفلسطينية من ابعاد إنسانية وتاريخية وثقافية وجيو-سياسية.” 

وفكرت… اين نحن من زمن كان به ادوارد سعيد؟

من أين يأتي السيد زملط؟ هل غزته وعائلته اللاجئة تختلف عن غزتنا وعوائلنا اللاجئة؟ 

الحقيقة كذلك لا اعرف متى كنّا اغنى شعوب المنطقة وما زلنا! ربما يتكلم السيد زملط عن شعب يتشكل هو منه اليوم بهذه القيادة التي هي بالفعل غنيّه غنى فاحش بينما يقتات الشعب على الفتات… إذا ما تبقى له فتات. 

كيف لا يرى السيد زملط الوضع الاقتصادي المنهار. الا يرى كيف يخاطر الفلسطيني بحياته من أجل لقمة عيش في مستعمرة؟ هل ما نراه من معاناة ومصائب لا يرونها هم؟ 

نعم النخب من قيادته التي تتكون منه قيادته بأفرادها لا يعاني من مشاكل اقتصادية. فهم يتعلمون بمدارس خاصة ويتخرجون من أغلى الجامعات الأجنبية ويعيشون برخاء البارونات والامراء. يقودون سيارات بمئات الالاف ويسكنون ببيوت بالملايين. عندما يمرضون يتشافوا بالخارج لا مستشفيات سلطتها العامة. بدلاتهم التي يلبسونها من اجل التصريحات تتجاوز سعر الواحدة منها راتب عشر موظفين أحيانا. ساعاتهم التي يرتدونها تمكن موظف بالعيش سنوات.

عندما سأل المحاور السيد زملط عن توقعات السلطة عن الضم وعن حل الدولتين. حمل زملط إسرائيل المسؤولية بذلك. كما حمل فساد نتانياهو تمسكه بالسلطة مسؤولية تردي الأمور.. كما أعلن لنا ان حل الدولتين هو مطلب إسرائيلي منذ بدئه، ونحن الشعب الذي يريد التحرر قَبِل بذلك، ولكن إسرائيل لا تزال تتنصل من ذلك. 

زملط يريد لإعلان الدولة الفلسطينية ان يحصل كي تسجل عملية التحرر التي يريد إعلانها وبالتالي انتصار دبلوماسيته من خلالها. لا اعرف كيف يستطيع انسان ولد وتربى لعائلة لاجئة من غزة ان ينسى او يتغاضى عما يحصل ويتكلم وكأن المنبر الذي يجلس عليه هو ما تدار عليه الأمور على الأرض.

لا اعرف كيف يستطيع الانسان ان يمتهن مأساة شعبه ويتكلم بهذه الاريحية، وكأنه تربى وترعرع بدولة سويسرية المعالم. يتكلمون عن المعاناة وعن الموت وعن الضحايا وكأن لوم الضحية التي تكلم عنها ادوارد سعيد حالها نفسه. 

وعندما قدم له المحاور ما يقوله الإسرائيليون بشأن ما يرونه حقهم بالضم. اخذ الحديث بين سؤال وجواب كالاتي:  

“زملط: …. الحسابات لدى نتانياهو ولدى إسرائيل هي نفسها. والحصيلة النهائية لهذه الحكومة هي واضحة. فبالنسبة لنتانياهو القضية هي قضية نجاحه في الانتخابات واحكام قبضته على النظام، والافلات من القضايا الجنائية والذي نجح في فعله حتى الان. كما ان هذا يخدم كوسيلة استراتيجية مهمة الا وهي تدمير حل الدولتين. وهو الامر الذي يعلنه منذ انتخابه للمرة الأولى سنه ١٩٩٦. فهو مناهض لفكرة وجود دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة وهذا يخدم كذلك سياسيا فالان يتحدث الجميع عن الضم على الرغم من ان الضم هو أحد العديد من الأفعال التي كانت تقوض جهود السلام.  فالجميع يطالب بوقف الضم على الرغم من ان الواقع يجب ان يكون انهاء الاحتلال. وعليه فان نتانياهو مرتاح. العالم لم يقم باتخاذ إجراءات كفيلة بإجبار نتانياهو على التراجع.

المحاور: لقد اعطيتني إجابة تصب في صميم سياسة نتانياهو والحكومة الإسرائيلية كما تراها، ولكن لم تعطني إجابة عما يشكله الضم لنتانياهو وحكومته. الموضوع ليس فقط ذا علاقة بالسياسة ولكن في معتقدات اليهود والحقوق الأساسية المبنية على القانون والتاريخ وحتى التوراة.

زملط: هل بإمكانك ان تتخيل عالما تحدد معالم علاقاته هذه الاطروحات؟ 

هل بإمكانك تخيل عالما تحكمه الاساطير ووجهات النظر والمشاعر؟ 

هل تقبل ان يأتي الرومان ليقولوا ان جزيرة بريطانية ما هي حق لهم لأنهم عاشوا فيها؟ 

اسمع كلام زملط وأفكر، لماذا لا يجري هذا الحديث داخليا؟ اين مداخلات زملط لحكومته عن تفعيل قانون العشائر والقبائل واستخدام سيداو كعدو المجتمع؟ او ربما اين كلام زملط عن غياب الشرعية وقانون الغاب والمحسوبية والفساد المستشري بأوصال السلطة عن هذا الحديث؟ كيف يعرف زملط عن فساد نتانياهو ويريد محاسبته بينما تغرق سلطته بوحل الفساد؟

كيف يتوقع ان لا يرتكز الآخر على الرواية والاسطورة والدين وهي صلب ما نتداوله بحياتنا. وقد يكون موضوع تحويل أيا صوفيا هو بالضبط اخر ما يترجم هذه الحقيقة. 

ما يقوم به اردوغان هو ما يقوم به الإسرائيلي من اجل الاستيلاء على استحقاق تاريخي اسطوري ديني وبصكوك بيع، سنشهد تداولها قريبا من قبل الإسرائيليين. الخطاب الديني الذي يتربع على منابره الهباش الذي يحلل ما أراده ولي السلطة ويكفر ويجرم ويحرم ما أراد.  

زملط: القضية هنا هي السلطة الفلسطينية وهي مؤسسة كان من المفترض ان تبقى لفترة خمس سنوات فقط من عام ١٩٩٤ لعام ١٩٩٩ طبقا لاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل وطبقا لالتزامات إسرائيل. هدف الخمس سنوات تلك هي بناء قدرة السلطة الفلسطينية لتصبح دولة كاملة…” 

بجد، السيد السفير، ما الذي اخّر سلطتك عن بناء قدرتها ببناء الدولة على مدار ما يقرب من ال ٣٠ سنه. لماذا عليكم اليوم وبعد انتهاء مدة أوسلو بخمسة اضعاف مدتها الاصلية ان تقرروا بناء المؤسسات الوطنية التي من الممكن ان تغنيكم عن الاحتلال؟ 

إسرائيل تنكرت على حسب قوله عن الاتفاقيات ولكنها تركت السلطة ولقد تم ضخ أموال بهذه السلطة يمكن بناء دول منها. فما الذي جرى؟ 

نعم على إسرائيل اللوم بانها لم تلتزم بالاتفاقيات من حيث الحدود والأرض وكل شيء. ولكن هل تلام إسرائيل على الدمار الاقتصادي الذي يعيشه الشعب الفلسطيني الذي لا يعرف عنه السيد زملط الا قدرته الاقتصادية وثرائه وتحصيله العلمي المنقطع النظير؟ 

المحاور: الشيء الاخر الذي ذكره مسؤولو السلطة الفلسطينية هو انهم سينهون التنسيق مع الإسرائيليين

زملط: لقد أنهينا كل التنسيقات. 

المحاور: انهيتم التنسيق الأمني؟ 

زملط: نعم

المحاور: إذاً نحن نتحدث هنا عن حالة فوضى وعن انعدام للأمن قد يخرج عن السيطرة. هل تريدون انتفاضة جديدة؟ 

زملط: لا نريد هذا، ما نريده هو وضع حد للوضع الحالي. كفانا ٢٧ عاما وإسرائيل ببساطة.. سئمنا هذا الوضع. نحن سئمنا من القول للجميع ان إسرائيل مراوغة وليست جدية. مع كل حجر تم بنائه منذ ١٩٩٣ بعد التوقيع على اتفاقية السلام.. انظر للوضع الحالي.. عندما بدأنا كان هناك اقل من ١٢٥ ألف مستوطن والان يتحدثون عن ٧٥- ألف مستوطن وتسعى حكومة المتطرفين في إسرائيل الى زيادتهم لمليون خلال عامين.

المحاور: لكن ما الذي سيحدث الان والتعاون الأمني مع إسرائيل قد انتهى، وقد قلت الان انه انتهى. 

مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط يقول انه يخشى ان يكون هناك اشتعالا…

هل هذا ما تريدونه؟ 

زملط: لا، ما نريده هو محاسبة ونريد تطبيق القرارات الدولية. نريد العدالة ان تتحقق، للشاب في القدس الذي قتل الشهر الماضي….

نحن قررنا وقف التنسيق الأمني وأعلننا اننا في حل من كل الاتفاقيات الموقعة من اجل سببين

الأول إسرائيل قامت بإلغاء كل هذه الاتفاقيات في اللحظة التي أعلنت بها في خطاب تشكيل حكومتها والتي شكلت أحزابا من اقصى اليمين الى اليسار، من حركة المستوطنين، مرورا بالليكود وحتى عزب العمال انهم سيقومون بضم الأراضي بشكل غير قانوني فهم قاموا فعليا بإلغاء كافة الاتفاقيات. هذا الامر انتهى لذلك فليس باستطاعتنا الاستمرار بالالتزامات بهذه الاتفاقيات 

المحاور: هنا لدي مشكلة عميقة مع موقفك هذا. تقول ان كل شيء انتهى وتقول انه لا شريك هناك في إسرائيل للحديث معه ولكن في نفس الوقت طرحك الاستراتيجي الوحيد هو جعل السيد نتانياهو يوقف تحركه تجاه الضم. وبعدئذ طبقا لمسؤولين رفيعي المستوى ستعودون الى طاولة المفاوضات. تريدون ما يسمى بالرباعية بان تشارك القوى الدولية من اجل استئناف عملية مفاوضات كنت قد قلت لي للتو انها لم توصلكم لأي مكان على مدار ٢٧ عام هل هذه رؤية استراتيجية؟

  الحقيقة تابعت اللقاء واعدت سماعه عدة مرات وحاولت تدوين كل كلمة فيه لكيلا اخرج بمفاهيم خاطئة عن الحوار. 

ولكني في كل مرة توقفت امام حقيقة وحيدة هي ان هذه السلطة سواء اطلقت على نفسها منظمة تحرير او ديوان رئاسة او حكومة او جهاز أمني او ما طاب لها من التسميات التي يلحقها مناصب لثلة من يديرونها، هي النقمة الأكبر على هذا الشعب. 

لقد حان لنا نحن الشعب ان نقول كلمتنا ضدهم. فما جرى منذ أوسلو لم يجر بموافقة الشعب ولا رعايته. ولكنهم اختطفونا تحت مسميات التحرر والدولة والعلم، وباعونا شعارات وسلبوا منا الوطن والأرض والموارد. وصرنا شعبا يقتات على الفتات. يخاف ان يعبر عن نفسه. وويله ان شكي او بكى. المطلوب منا ان نكون فقط رعاع لأولي السلطة والسيادة الذين يعتقدون انهم يجيدون فن الخطابات، ويعتقدون ان الغرب كالشرق يخاف من المواجهة. يخاف من تكميم الافواه الحاصل ويشتري ما يبيعونه من شعارات لم يعد أحد يقتنع بها، الا أولئك الذين يقتاتون على فتاتهم ليعيشوا معهم على قوت الشعب وارضه وخيره. 

الشعب لا يأبه لضم… الشعب لا يريد سلطة فاسدة تسمى وطن. 

الفساد لا يبني الأوطان. 

ولا لوم الاحتلال يخلصكم او ينجيكم من فسادكم. 

لقد طفح الكيل فعلا…

كلكم وجوه واحدة لعملة لم تكن ابدا تمثلنا.

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading