بين محنة تولستوي ومحمد منير في البحث عن المعنى: كتاب اعترافات ومسلسل المغني
ما أن فرغت من مشاهدة مسلسل المغني للفنان الكبير محمد منير بصعوبة وشعور سيء يملأه الغثيان من رداءة السيناريو وضعف التمثيل والرياء والادعاء والاستهتار بذائقة المشاهدين، حتى بدأت بقراءة اعترافات تولستوي، بعد ان كنت قد انهيت قراءة روايته المهمة الحاج مراد. الحقيقة انني لطالما اعتبرت ان تولستوي من اهم الكتاب شأنا لي كقارئة، فآنا كارنينا تتصدر قائمة أفضل الروايات التي قرأتها مهما زاد على تلك القائمة روايات. الا ان الحاج مراد كان مختلفا ولم تشدني بنفس القوة. وعليه شرعت بقراءة اعترافاته. ذكرتني اعترافات تولستوي باعترافات روسو تحديدا. هذه الاعترافات لأدباء ومفكرين بحجمهما تشكل ثورة فكرية بحد ذاتها. فكم يتوق القارئ منا الى معرفة ذلك الكاتب وراء تلك الروايات او الكتب المهمة، فنراهم متجسدين امامنا ليكسروا كل التماثيل التي صنعناها لهم ليخرج امامنا الانسان. ذلك الانسان العظيم والضعيف بنفس القدر بكل معنى الكلمة.
رحلة البحث التي تؤتي هؤلاء الى مكان مهم وكأنه لحظة التقاء الحياة بالموت. تولستوي تجسدت له حياته بأسطورة قديمة بإنسان على شجرة معلق بأغصان ينتظر تكسرها ليلتهمه تنين ضخم، وعلى الأرض جرذين ابيض واسود يقضمان الجذع. وفي خضم الرعب من التنين المتربص يبصر عسلا على احدى الأوراق فيلعقه ليتلذذ به وينسى مؤقتا ما يتربص به ومن يقضم جذعه رويدا. التنين هو الموت، والجرذين هما الليل والنهار والعسل هو لحظات السعادة والانجاز بالحياة.
بدأت رحلة تولستوي هذه (باعترافاته) وهو على مشارف الخمسين من عمره. يبدو ان بعمر الأربعين والخمسين يبدأ الانسان بالفعل باستجواب نفسه، معتقداته، وجوده وجدواه وعدمه. بل أكثر وصل تولستوي الى حافة الانتحار. وبدت له الأسئلة التي بدأ بسؤال نفسه عنها تتزايد كلما اعتقد انه وصل الى جواب ما. بدأ سؤاله بجدوى ما يقوم به كل يوم. ما الجدوى من افعاله وانجازاته وحياته نفسها لطالما ان النهاية هي دائما الموت؟ أصاب تولستوي الفزع الحقيقي من فكرة عدم الجدوى وحتمية الموت.
تستمر فكرة الانتحار بمراودته، ولا يمكن الا يلاحظ القارئ تأثير شوبنهاور عليه، وربما يكون السبب في عدوله مؤقتا عن فكرة الانتحار لاجئا بالمحصلة الى نتيجة مرآها “أن يعيش المرء كما عاش سليمان شوبنهاور — يعلم أن الحياة نكتة سخيفة يسخر منا بها القدر، ومع ذلك يواصل الحياة، فيغتسل ويلبس ويأكل ويتحدث إلى غيره بل ويؤلف الكتب، وكان ذلك بغيضًا إلى نفسي مؤلمًا جدًّا، ولكني بقيت على هذا الوضع”
ومع ازدياد وقوعه باليأس ازداد لديه الشعور بالحاجة الى الفهم. فهم ما يمكن ان يكون قد سها عنه. فبدأ يتلمس الأجوبة في كل فروع المعرفة والعلوم التي اكتسبها الإنسان، مصرا على إيجاد اجوبته وكان كالرجل بين فكي الموت يبحث عن النجاة” ولكن عبثا كانت محاولاته..
واستمرت هذه الحالة سنوات، بعد ان أيقن ان الأسئلة بحاجة الى ايمان لكي يعيش. ولكنه ما لبث البدء بالبحث عن الله. ولكن فكرة الانتحار بقيت تخرج امامه كلما هدأها. ولكنه انتهى دائما الى قناعة حقيقية
“بأن معرفة الإيمان — كالإنسانية كلها وما لديها من عقل — تتدفق من ينبوع عجيب، ذلك الينبوع هو الله، أصل الجسم الإنساني والعقل الإنساني، وكما أن جسمي هبط إليَّ من الله فكذلك هبط إليَّ عقلي وإدراكي للحياة”
وبنهاية الامر تيقن ان ما “يتعلق بعبث الحياة مهما تكن حتمية بحكم المنطق” قد لا يخلو من الخطأ مهما اتفق عليه جموع المفكرين. ومهما اوصله عقله الى عبثية الوجود وبالتالي حتمية الانتحار، كان هناك دائما، بداخله “الإحساس بالحياة” يعمل كقوة ترغمه على التمسك بأهمية الحياة التي يتمسك هو بها كغيره من الملايين بكافة الطبقات المعرفية والاجتماعية. فوصل الى ان المعرفة العقلية التي يعرضها الحكماء والعلماء بطرقهم الخاصة تنكر معنى الحياة، بينما تقف الإنسانية بأسرها المؤلفة من جماهير الناس البسطاء الى يقين بمعرفة أخرى لا تستند الى العقل بل الى الايمان. تلك المعرفة هي الله. معرفة لا يقبلها العقل! وعليه تيقن انه لن يستطيع من خلال المعرفة العقلية غير انكار الحياة. وبالمقابل، في الايمان، لا شيء غير انكار العقل، الذي يمثل بالنسبة له استحالة أكبر من انكار الحياة. ولكن حيث اكدت المعرفة العقلية على ان الحياة شر، وعرف الناس هذا كذلك، عاشوا ولا زالوا يعيشون على الرغم من معرفة الجميع ان الحياة تخلو من المعاني وهي شر مستطير. ولكن الايمان اظهر له، انه كم اجل ان يفهم معنى الحياة لا بد ان يطرح العقل جانبا – والعقل هو نفسه الذي من خلاله فقط يمكن إدراك ما في الحياة من معنى. وعليه فان الإجابات التي يقدمها الايمان مهما كانت ملتوية بعيدة عن العقل، الا انها لها ميزة كبرى بتدخلها في كل جواب علاقة بين المحدود واللا محدود، وهي العلاقة التي يمكن أن يكون لنا بغيرها حل. في الجواب، كيف لي أن أعيش؟ وفقًا لناموس الإله، ما النتيجة الحقيقية التي تنجم عن حياتي؟ العذاب الأبدي أو النعيم الأبدي، ما معنى الحياة الذي لا يقضي عليه الموت؟ الاتحاد مع الله الدائم: السماء.. ومهما تكن الصيغة التي وضعت فيها سؤالي فإن هذه العلاقة كانت دائمًا تظهر
وهكذا كانت طريق خلاصه هي بالإيمان! الايمان هو الوحيد الذي يعطي الانسان الأجوبة على الحياة. الايمان يمنح قوة على فهم مغزى الحياة وادراكها. الايمان هو وحده قوة الحياة.
مع كل كلمة وعبارة كنت أقول في نفسي كم هو عظيم وجريء هذا الرجل، كمن سبقه في الاعترافات. ذكرني برحلة نيتشه في زرادشت. كيف عاش نيتشه هذا الصراع في وقت مبكر أكثر بكثير من حياته، لان الحياة لم تكن لتمنحه الكثير من الوقت. ويعزي هنا تولستوي الى عزوفه عن الانتحار لشعوره بأن أفكاره لم تكن سليمة صحيحة. وكأنه قرر الانزواء بداخله الى ذلك الجبل البعيد كما الحكماء من قبله ليتسنى له معرفة المعنى التي تخلو من الحياة “فقد بقي في دخيلة نفسي شك غامض في عدالة الحكم الذي وصلت إليه”
قبل توغله بسؤال الوجود والمعنى، كان تولستوي قد بدأ مكاشفة نفسه باعترافات دنيوية أسهل. ولكنها بالحقيقة أصعب عند مواجهتها مع الناس.
تولستوي كان يطلق على فعل الكتابة التي كان يمتهنها وتمرسها فنا. تذكرني كلماته بالمثقفين في بلادنا العربية الذين نشأوا على الادب الروسي وترعرعوا على الفكر الماركسي. انتهى الفكر وبقيت ممارساتهم. يؤمنون كما امن تولستوي واقرانه في شبابه من معتقدات فكانوا يعتقدون أن الحياة في جملتها تتطور، وأننا نحن رجال الفكر نلعب أكبر دور في هذا التطور، وأن الفنانين والشعراء من بين رجال الفكر هم أصحاب النفوذ الأكبر، مهمتنا في الحياة أن نُعلِّم الناس، فإن سأل سائل هذا السؤال المطروق «ماذا أَعلَم، وماذا أستطيع أن أُعَلِّم؟» أجابوه أن هذا — بناء على نظريتهم — أمر ليس من الضروري أن يُعرف، فالفنان والشاعر يعلم غيره دون أن يشعر بذلك، وكانوا يعدونني فنانًا وشاعرًا من الطراز الأول، فكان من الطبيعي جدًّا لي أن أعتنق نظريتهم، فكنت كفنانٍ وشاعرٍ أكتب وأُعلِّم دون أن أدري أنا نفسي ماذا أعلم، وكنت من أجل ذلك أتقاضى الأجور، فأستمتع بشهيِّ الطعام وبالمأوى والنساء والمجتمع، وظفرت بالشهرة التي دلَّت على أنني كنت أُعلِّم شيئًا له قيمة كبرى.”
مسلسل المغني ورحلة محمد منير ببحثه عن إلهامه التائه وسؤاله عن جدوى الوجود واهمية اغانيه، يشبه ما وصفه تولستوي انفا. يشبه فئة المفكرين عندنا، الذين على ما يبدو لم ينتهوا ابدا الى اعترافات تولستوي، وما قاله له رجل فاضل من معارفه عندما قص عليه كيف خسر ايمانه. قصة بسيطة الى ابعد الحدود. رجل يمارس طقوس العبادة كما تعود عليها منذ صغره بالتزام صارم، حتى رآه اخاه الأكبر بعد سنوات كثيرة اثناء سياحتهما معا وقال له:
“اف منك الا تزال محتفظا بهذه العادة؟” فلم يجبه ولكنه انقطع منذ تلك الساعة عن الصلاة. ليس لسبب غير انه وثق بان اعماله في هذا الموضوع لا معنى لها. ويقول: “على هذا المنوال سارت أكثرية الناس ولا تزال تسير حتى اليوم وانا أقول هذا عن أبناء طبقتي، وأولئك الذين يهمهم الإخلاص لحقيقة عقائدهم، وليس الذين يتخذون من الدين وسيلة للربح والوجاهة: مثل هؤلاء هم بالحقيقة غير مؤمنين لأنه إذا كان الايمان وسيلة للربح المادي فهو عند التحقيق ليس بالإيمان الحقيقة البتة.
وأبناء طبقتنا هؤلاء يلخص مركزهم كما يأتي: – ان نور المعرفة والحياة قد اذاب قصور الايمان المصنوعة من الشمع في اعماقهم من اثار القصور المتهدمة. ولكن الفريق الاخر ظل متعاميا عن هذه الحقيقة فلم يشعر بها.”
مشهد يشبه التراس منير في المسلسل، ورحلة منير نفسه التي عكسها او أراد لنا المسلسل ان نعرفها. حالة من الهيام والتيه في بحث عن عمق سحيق للحقيقة، ولكن السبيل الأخير لا يتغير. احتاج منير بلا شك الى تلك الرحلة الا انه لم يعترف بشيء، ظل يلف ويدور في دوائر تيهه وتعبه، الا انه لم يصدق في شيء. شأنه شأن الفنان والمفكر العربي. فهل رأينا قط مبدع او فنان عربي يعترف بهكذا شفافية او مصداقية؟
مهما اعترف مشاهيرنا، ومهما كشفوا من حقائق، الا انهم يفعلون ذلك ليبرزوا ذاك الشق العظيم الساعي الى الكمال فيهم. وان تجرأوا تجرؤوا على كشف غيرهم لا كشف أنفسهم لتكون فرصة المكاشفة هذه في التركيز على وجهة نظرهم من القصة التي بها اخر بلا شك.
فهل رأينا قط فنان عربي يعترف بهكذا عبارات؟
فتولستوي قدم اعترافاً بحقيقة كتابته التي حفزها الظفر بالمال والشهرة. وكشف علاقته بالكتاب بمقتبل حياته الذين استقبلوه بالنفاق، واعتناقه لآراء المؤلفين الذين خالطهم والتي بموجبها استمد تبرير انحلال حياته. ويضيف:
“وهذه العقيدة في معنى الشعر وفي تطور الحياة كانت دينًا وكنت أحد المبشرين به، والتبشير به كان محببًا إلى نفسي يدر عليَّ مالًا وافرًا، وعشت على هذه العقيدة دهرًا دون أن أشك في صحتها، ولكني بدأت في العام الثاني — وفي العام الثالث خاصةً — من هذه الحياة أشك في نزاهة هذا الدين، كما بدأت أن أفحص حقائقه، وكان أول ما دعاني إلى الشك أني بدأت ألحظ أن المبشرين بهذا الدين لم يكونوا جميعًا على رأي واحد، فبعضهم يقول: نحن خير المعلمين وأكثرهم نفعًا، فنحن نعلِّم المطلوب، ويعلِّم غيرنا الأخطاء، ويقول بعضهم الآخر: كلا! نحن المعلمون الحقيقيون، وإنما أنتم تعلمون الخطأ، فهم يتنازعون ويتشاجرون ويتسابون ويحتالون ويخدع بعضهم بعضًا، وكان بيننا كذلك كثيرون لم يعبئوا من أصاب ومن أخطأ، ولا يهمهم إلا أن يحققوا أطماعهم بهذا الضرب من النشاط الذي نشطناه، وقد اضطرني كل ذلك إلى الشك في صحة ما كنا نعتقد فيه”
وقد افهم لما راودتني فكرة الربط ما بين الاعترافات الخاصة بتولستوي ومحمد منير بالمغني. كان هناك فعلا حقيقيا يريد منير ان يستنير من خلاله في متاهته بلا شك. وقد تختلف الظروف والسياقات كما هو بالفعل، فمنير لا يحيا زمن الفكر الحقيقي الذي عاشه تولستوي، ويعاني ما نعانيه اليوم من انحدار محيط بنا للأخلاق والمفاهيم والفكر. فتبدو كلمات اغانيه ببساطتها وعمقها فلسفة بحد ذاتها.
وقد أعطي المسلسل أكبر من قدره بمحاولتي التحليل بعمق أكبر، لأنه بلا شك، كان هناك ما أراد منير ايصاله، لكن سوء الإنتاج من اوله الى اخره كانت نتيجته مزعجة، فما جرى مع منير في مسلسل المغني قد يكون جسده الممثل الشاب محمد عادل الذي قام بدور كينغ المعادي، الذي قام بدور مهووس يتخيل نفسه الكينج محمد منير. والحق ان أداء هذا الفنان ودور كان أفضل ما قدمه هذا المسلسل. الا ان الدور والمعني تاه كما تاه محمد منير نفسه في الغرض من المسلسل. وهنا كنا الامر يبدو كما وصفه تولستوي برحلته الخاصة ربما على هذا النحو تحديداً عندما تبددت له حالته العقلية بصورة تصور حياته بمهزلة سخيفة يمثلها معه شخص آخر، حاقد عليه، كائد له. مضيفاً: “وبدا لي أن هناك في مكان ما شخصاً يلهو بمشاهدة الطريقة التي عشت بها ثلاثين أو أربعين عامًا: وأنا أتعلم وأتطور وأبلغ رشدي جسماً وعقلاً، كما يلهو بمشاهدتي — وقد بلغت الرشد العقلي فصعدت إلى قمة الحياة حتى انبسطت أمامي جميعها، ووقفت فوق تلك القمة كالأبله أرى بجلاء أن الحياة فارغة لا شيء فيها، ولم يكن ولن يكون فيها شيء ما، وقد سره بالفعل مرآي.”
ولكن، بينما لم يدر تولستوي ان كان ذلك الشخص الذي يسخر منه موجدا او غير موجود، وعليه حاول ان يرى الحقيقة بلا خداع. بقي مجنون منير بالمسلسل كما بقي منير نفسه منفصلا تماما عنه. لم يحدث أي ربط بينهما، فتركه منير بهوسه الذي كانت نهايته بمصح للمجانين، واستمر هو (منير) بتيهه من اجل خلاصه والهامه بطريق منفصل مستمرا على الرغم من يقينه بلهو الاخرين وخداعهم وسخف الحياة وقسوتها، وكأن امراً لم يكن.
تبدو محنة تولستوي متشابهة مع تلك المحن التي يمتحن بها سابقيه من مفكرين. ذكرني بالمنقذ من الضلال ورحلة الغزالي بأسئلته الوجودية وايجادها بالصوفية، وضلالة الحائرين لابن ميمون، وقد تكون كلمة محنة أقرب بحقيقة توغل تولستوي بمحاسبة الذات بمحنة ابن حنبل الشهيرة. بينما حاول أولئك الحصول على اجوبتهم من خلال الاعتقاد الديني، استطاع تولستوي رفع الغطاء عن الدين والتمسك بالله. فتوقف امام نفسه وراجعها لوحده، وكان العمال والفلاحين بالنسبة له، وحياتهم، وبساطتهم، وما عرفه على انه الايمان هو مفتاح يقينه.
حاول منير ان يجسد نفس المعاني في بحثه، وهروبه الى الأماكن البسيطة وسط البسطاء، وقد تكون رداءة الإنتاج الفني شبيهة بحقيقة التشويهات الحياتية، بين ما تقدمه التفاهات وما تدحض باستثمارات شكلية لجمالية اصولنا.
وهنا كانت محنة المشاهد بالمسلسل، الا ان اليقين ان منير فنان نوعي بقي رصيده المهم. فإنتاجه الفني غزير وعظيم ومما لا شك فيه سيبقى لأزمنة قادمة. ولكن يبدو ان ما جرى مع منير قريب من الوصف مع جاء على لسان تولستوي الذي لم تعد تخدعه مسرات الحياة الموهومة. وتشبيه تولستوي لنفسه وكأنه وضع في زورق دُفِع به من ساحل مجهول، ووجد نفسه مع مجاديف لم يُمرّن على استخدامها وحده، ليجد نفسه وسط تيار يجرفه على هواه مع اخرين امثاله. كل يكافح او يسلم او يترك بطريقته. وحاول متابعة من ظنوا انهم يسيرون مع تيار ما، الا انه حين صوب بصره الى الوراء ورأى عدد لا محدود من الزوارق تنطلق عبر النهر بقوة وبغير انقطاع، تذكر الساحل والمجاديف ووجهته وشرع صوب الساحل ضد التيار. ذلك الساحل كان الله، وتلك الوجهة كانت التقاليد، والمجاديف هي الحرية التي أعطيت للسير نحو الساحل والاتحاد مع الله.
ومنير في تيهه حاول الرجوع الى مكانه الأول اسوان، والاصغاء الى الفلاحين والبسطاء ورجع اليه الالهام. بينما اصغاء تولستوي الى أحاديث الفلاحين تكشف له من خلاله العلم بالإيمان وادراكه للحق.
وقد تكون اغنية النهاية في مسلسل المغني، كما اغنية المقدمة الأهم والأفضل والابقى في ذلك المسلسل. قد يحتاج منير الى اعترافات تبقيها اغانيه لا مسلسلات تسويقية تجحف بقيمته.
مش لايق عليا إني ابكي وسط ما بغنّي ولو مطر الدموع خنّي تلحقني بسمة امل
انا عايش في سجن جراح والعالم قصادي براح وبغني عن الافراح وهغني لو ايه حصلي
انا رافع رايات عشقي بدور ع اللي مش ملقي يحارب كدبهم صدقي لو مهما يطول الاجل
مش قادر أعيش وخلاص المي غير الام الناس البس قصة الإحساس وعارف إني البطل
تولستوي (١٨٢٨–١٩١٠)
اعترافات تولستوي (صدر ١٨٨٢)
ترجمه الى العربية محمود محمود سنة ١٩٤٧