التطبيع الحميد والتطبيع الخبيث: تقرير التلفزيون الاسرائيلي عن رام الله

https://fb.watch/29IIDdB1Jy/

منذ يومين وهناك ضجيج حول تقرير لقناة كان الاسرائيلية عن المطاعم والسياحة برام الله وبيت لحم في ظل الاوضاع الحالية. تبع الضجيج بيان من نقابة الصحافيين تشجب التقرير الاسرائيلي المغرض وتحذر اصحاب المطاعم وغيرهم من التعاطي مع الصحافة الاسرائيلية الحاقدة لان هذا يعتبر تطبيع . الحقيقة ان هناك بعض المنطق بموضوع التطبيع والحذر من نوايا الصحافة الاسرائيلية المغرضة وغيرها .

ولكن ….. شاهدت التقرير ولكن لم استطع فهم سبب الغضب منه. فما هي الفضائح التي تناولها التقرير؟

ما هي الاسرار التي كشفها التقرير ؟

ولماذا هذا التطبيع حرام – اذا ما كان يندرج تحت فعل التطبيع،مقابل العديد من التقارير التي نشرت وبثت من قبل عن الجانب النخبوي من رام الله او الضفة الغربية؟
ان تجول كاميرا اسرائيلية بشوارع رام الله وبيت لحم ، بالتأكيد اقل اشكالية من المدرعات العسكرية التي تجول المدن بلا رادع وعلى مرأى وبتنسيق امني مقدس. التقرير لم يكشف جديد ولم يظهر ما هو مخفي . فلماذا الفزع؟ لأننا نفضل ان نبقي رؤوسنا مدفونة بالارض وعوراتنا المكشوفة لا تؤرقنا لطالما عيوننا لا ترى؟
المشكلة بكون التقرير من تلفزيون اسرائيلي ام بوجود التقرير اصلا؟
فهل يكشف التقرير مثلا هزلية التعامل مع الكورونا ؟
وهل يكشف التقرير تلقائية التطبيع في حياتنا من حيث التكلم بالعبري بلكنة الاشكنازي ام بلكنة السفرادي ابن البلد ؟ وهل كان على اصحاب المطاعم ان يمتنعوا عن الحديث مع اسرائيليين في ظل حربنا ضد الكورونا ؟ عند تسجيل التقرير كانت سلطة رام الله تتغنى بانتصار عودة التنسيق وتحتفل به ، فكيف للمواطن ان يميز ان هناك تطبيع حميد وتطبيع خبيث؟ اصحاب المطاعم ربما وجدوا فرصة للترويج لمحالهم سياحيا بعد خراب بيوت طال الكثيرين على مدار اشهر.
نعم ، يظهر التقرير رام الله وكأنها دبي او عمان او ربما تل ابيب- لو كان الانفتاح السابق للمدينة لا يشوبه تهديد التزمت والتطرف الحالي.- نوعا ما كما لمح صاحب المطعم الاول- ولكن هل ما اظهره التقرير خاطيء ومسيء؟ هل يجب ان نحدد للصحافة كيف يجب ان ترى ما نريدها ان تراه من حياتنا ؟ وهنا، كان يجب ان يتناول التقرير معاناة الناس من الاحتلال ؟ يعني لو تناول التقرير كيف تقضي عائلات المعتقلين من الاطفال لياليهم كان سيخرج من اطار التطبيع ؟
الصحافة الاسرائيلية واي صحافة طبيعية تكتب من اجل جمهورها ووفقا لمعاييرها الخاصة بها. وهنا تلفزيون كان وهو اسرائيلي حكومي رسمي لن يحاول اظهار الحق الفلسطيني . التقرير خرج نضمن بند الترفيه والثقافة ربما بعد عودة التنسيق المقدس. فلم يكسر المعايير لا بالتفكير بنوع التقرير ولم يكسر اصحاب المطاعم التوجه الرسمي الحاضن للتنسيق .

الصحافة الاسرائيلية تتجول بمناطق الضفة الغربية دائما، ونرى التقارير ونعتمدها في كثير من الاحيان ، فما المختلف بهذا التقرير. قبل الطلب من اصحاب المحلات الا يتعاونوا مع الصحافة الاسرائيلية ، ربما على نقابة الصحافيين ان تتطالب بمنع تواجد الصحافة الاسرائيلية من الاساس، ولكن هل تفعل؟ او بالاحرى هل هذا هو موقفها الفعلي؟

،اذا ما كان رئيس السلطة نفسه يجري مقابلات تلفزيونية بتخصيص للتلفزيون الاسرائيلي، والصحافة الاسرائيلية لها جولات بالمقاطعة ومع اصحاب السلطة من كل صوب. ولجنة التطبيع حدث ولا حرج بهذا الامر، فما الغريب والمختلف الآن؟
يحضرني سؤال ان كان التطبيع والتنسيق مختلفان؟
سلطة تعيل مواطنيها من عائدات ضرائبهم التي ترجعها او تحشرها اسرائيل ، وتبني على تلك العائدات طموح عنقودية تنموية ، لماذا نستهجن ان يقدم مواطنيها طوعاً لاجراء مقابلات في تقرير يبثه التلفزيون الاسرائيلي، بينما اصحابها من علية القوم واصحاب القرار السياسي يعلنون انتصارهم بسبب رسالة من منسّق اسرائيلي ؟

اترك رد