تخطى إلى المحتوى

حرق شجرة الميلاد لا تسمية له الا الارهاب الداعشي

أعترف انني من المرات النادرة ولربما الوحيدة التي اسمع فيها كلمة الرئيس ابو مازن لنهايتها بشعور ايجابي. تلك الكلمة التي القاها بمناسبة عيد الميلاد. كلمات تؤكد اننا شعبٌ الميلاد فيه جزء من موروثه وثقافته وهويته. ليس المسيحي فيه نصرانيّ ولا المسيحيون جماعة الكريسماس وليسوا اخواننا المسيحيين وليسوا جالية.
المسيحي بعيده ووجوده هو انا الفلسطينيّ.
ما جرى من حرق مخزي بكل ما تحمله الكلمات من معنى لشجرة العيد بسخنين، يؤكد على اننا امام خطر جلل. خطر تعدى الفلتان الامني وانتشار السلاح والمخدرات والقتل العشوائي. خطر اساسه التحزب والفصائل والانقسام . خطر اساسه تمييز ابناء هذا الشعب بين من ينتمي لهذا الفصيل أو ذاك. خطر صار مسيحي ومسلم. خطر صار يمثل عاراً على جبيننا. ليس من الصعب فهم هذه المأساة التي من السهل ان يصبح فيها المسيحي عدو. لأننا سمحنا بأن يكون الاخ عدو اخيه، والجار عدو جاره، والموالي لهذا الفصيل عدو الموالي لذلك الفصيل، والمحسوب على هذا عدو للمحسوب على ذاك. والمختلف عن هذا بفكرة او رأي هو عدو للآخر الذي يتبنى رأيا مغايرا.
من السهل فهم المأساة هذه عندما جعلنا سماحة الدين مرتبطة بقدرة الرجل على التحكم، والالتزام بالدين سمته لحية وحجاب. عندما صارت سيداو مرادفة للانحطاط والرذيلة، وعندما صار المخالف للرأي الرسمي مدسوسا بأجندات خارجية.
عندما تترك العدالة بلا تنفيذ، وعندما يعتقل الفلسطيني ويختطف بسبب رأيه، وعندما تحرق الممتلكات لفرض القانون ويكون حرق السيارات ترهيب لحرية التعبير، من البديهي ان تصبح شجرة الميلاد مرادفة للكفر والبدع.
من السهل ان نصل الى هنا، بينما ينظر لنا الاحتلال المتربص بينما ننهش في لحم اخوتنا وجيراننا وأبنائنا واهلنا وانفسنا ولا نزال نعلق خطايانا عليهم. فاوصلناهم الى مرحلة يتبرؤون بها من خطيتنا ونصبح بعيون العالم كما ارادوه لنا دوما: ارهابيون عنيفون مجرمون.
لا اعرف ان كان ما حصل من حرق شجرة هو محصّلة بديهية لأدلجة الحياة بداخل حزب او فصيل ما ليكون هو الدين الوحيد الذي يتبعه. قد يكون كل متنفذ لهكذا ادلجة مدفوع من مكان ما لا يريد الا التخريب والفساد بالارض وبالبشر. تتعدى افعاله ما يريده الاحتلال منا او توازيه. هؤلاء هم الارهابيون حقا. هؤلاء هم الخونة والعملاء والقتلة.
والسلطة الفلسطينية، تتحمل المسؤولية، بقدر ما تتحمل سلطات الاحتلال المسؤولية بترك هؤلاء ليتمكنوا وهم على علم اكيد بأن ما يضمرونه سينتهي الى حرق بدايته شجرة.
لن أستخدم كلمة اسلام لهؤلاء.. فالاسلام لا يمكن ان يكون دين كره وحقد وحرق. الاسلام لا يمكن ان يكون دين تفرقة وتجزئة واقصاء. هؤلاء مرتزقة مأجورين ان كان بهم من الاسلام ذرة… كانوا سيخشون الله. ولكن عندما تختفي مخافة الله من تصرفات العبد، فنحن امام عبيد لجهات دسيسة عميلة حاقدة.. تكره فلسطين بقدر ما تكره ابناءها…. المسيحيون- الآن- هم فقط واجهة لحقدهم وشرورهم وعمالتهم.
الاسلام الذي نعرفه ونعتز به ونفتخر بحملنا له بعروقنا وثقافتنا وحضارتنا بريء من هؤلاء المرتزقة المأجورين الارهابيين.
هؤلاء لا يختلفوا بذرة عن اليهودي المتطرف الاعمى القلب والعقل الذي حاول حرق كنيسة الجثمانية قبل شهر.
على الرئيس الفلسطيني وضع حد حازم وحاسم لهذا الفلتان الاخلاقي والانساني. ليس بخطاب شجب وتنديد، بل باجراءات حقيقية ونية حقة لا مجرد كلام شعارات بمحاسبة التطرف الاعمى والحاقد بكل مستوياته. هذا الفلتان من كل امر بسبب المحسوبية والفصائلية والعشائرية التي مكّنتها السلطة بدل تمكين سيادة القانون اوصلنا الى هذا المستوى من التردي الذي تبدو فيه احراق شجرة امام كنيسة ملحّ التدخل فيه من اجل قرع كل الاجراس والتكبير بالمآذن وتنكيس الاعلام. هذا مدخل لكبرى هزائمنا.

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading