شروط الانتخابات المعطِّلة الثلاث بإقصاء الشباب: العمر، الاستقالة ورسوم تشكيل القائمة. هل يستطيع الشباب إعلاء صوتهم وفرض الغاء هذه الشروط؟

بما اننا خرجنا من مرحلة ازمة مرسوم الرئيس الذي حدد فيه موعد الانتخابات التشريعية القادمة، على الرغم من الايمان الحقيقي بأن ما بني عليه المرسوم من نية عقد الانتخابات يملأه الغبن، فلا قاعدة سوية او جدية او حقيقية لإجراء الانتخابات في ظل انقسام، استطاع أصحاب الفرقة السياسية المنقسمين ان يتفاوضوا على تقاسم الوطن مع استمرار انقسامهم. وما يترتب على هذا من إجراءات يصعب تصور إمكانية اجراء انتخابات على قاعدة النزاهة وسط نظامين منقسمين ومنفصلين وجهازي امن من اجل انتخابات واحدة. 

ولكن، بما ان سمة الانسان التأقلم، فلقد خرجنا من هذا المأزق بعدم حله تاركينه وراءنا على الرغم من تأكدنا ان أثره سيكون له هيمنة حقيقية على اجراء الانتخابات الفعلي. لأنه بالمحصلة، لا يمكن للوضع الراهن الاستمرار على هذا الشكل، وأزمة الشرعية التي يواجهها الحزبين المتحكمين بالوطن بشقيه المنقسمين تحتاج الى انتخابات، وعليه، يجب علينا ان نتدارك ما يمكن تداركه إذا ما أردنا لأنفسنا وابنائنا حياة بهذا الوطن.

ولكن… 

وهنا تبدأ العراقيل التي ستحدد من يشارك بعملية الترشح للانتخابات بالقيود التي تم وضعها لتحسم ربما الفرص للحزب الواحد في شقي الوطن المنقسم. 

سن الترشح الذي يجب الا يقل عن ٢٨ سنة. 

شرط تقديم الاستقالة والموافقة عليها من قبل المسؤولين. 

رسوم دفع ٢٠ ألف دولار لتشكيل القائمة

عندما ننظر الى هذه القيود يصبح احتمالات خوض الانتخابات لمن نرفع باسمهم شعارات التغيير مستحيلة. 

لماذا يجب ان يكون سن الترشح ٢٨، بينما سن التصويت ١٨؟ 

إذا ما اتفقنا ان سن الرشد هو ٢١، فلم لا يستطيع الراشد العاقل ان يدخل معترك الانتخابات كمرشح؟ 

القوة الأكبر في هذه الانتخابات موجودة في المسافة الواقعة بين ١٨ وال ٢٨ من حيث الاعداد وهي قوة الشباب (٥٤٣٥٦٤ ذكور و٥٢٥٥٧٣ اناث، أي ما مجموعه ١٠٦٩١٣٧ على حسب توقعات عدد السكان في القدس والضفة الغربية وغزة لسنة ٢٠٢٠)، ولكنها قوة استخدام واستغلال، لا لأخذ دورها الذي ينادي الجمع من اجله. 

هؤلاء مطلوب منهم ادلاء أصواتهم بصناديق الاقتراع ولا يحق لهم الترشح. 

يكاد لا يخلو أي خطاب او شعار او نقاش انتخابي الا وكلمة “شباب” تتصدره. “يجب علينا ان نعطي الفرص للشباب.” “علينا الاهتمام بالشباب.” “على الشباب اخذ زمام القيادة” … وغيرها من شعارات رنانة ترمي الوعودات وتبيع الامل والوهم ولا دور حقيقي للشباب الا من خلال استغلاله كقوة انتخابية لمصلحة من يعد الشباب من غير الشباب بآمال المستقبل. 

وإذا اتفقنا ان الشباب من عمر ٢٨ الى ٤٩ (ويشكلوا ما مجموعه أكثر من ١١١٢٤٣٦) لهم الحق بالترشح، لن يكون لهؤلاء فرصة حقيقة او قريبة او ممكن من الترشح بسبب قيود الاستقالة والمبلغ المالي التعجيزي. 

فما الذي نتوقعه من شباب بدأوا للتو بشق طريقهم العملي والمهني، وعليه وان لم تكن انشغالات بناء اسرة وتأميل اعالة بيت هو أكبر انشغالاتهم، فخسارته لوظيفته امام شرط الاستقالة وموافقة المدراء عليها يجعل من الامل يأس، ومن الحلم كابوس، ومن التوقعات احباطات. 

ولنقل، خرج من بين هؤلاء من هو فدائي ويريد خوض غمار المعركة الانتخابية بسبب ايمانه بكل الشعارات المرفوعة بحقه بالترشح، من اين له ولكتلته الشابة تأمين مبلغ ٢٠ ألف دولارا؟ 

يعني من يريد النزول الى الانتخابات، عليه ان يكون من حيث المبدأ، قد وصل الى سن التقاعد لكيلا يضطر لخسارة وظيفته وان يكون مقتدرا لدرجة الثراء ليسجل قائمته. لأنه من البديهي الفهم ان المصاريف المترتبة على اللحظة التالية لتسجيل القائمة قد تصل الى ٢٠٠ ألف دولار. 

وهنا، في وضع يتم اقصاء لأي فرصة للتغيير الحقيقي، والقضاء على أي امل للشباب لكي يأخذوا حقهم بالتواجد على الساحة السياسية، فربما يكون من الأفضل لو أعلن الشباب مقاطعتهم للانتخابات حتى تغيير الشروط المكبلة لأي مستقبل. 

فيجب ان يكون سن الترشح بأقل تقدير ٢١ سنة. الحقيقة انه السن المناسب جدا للشباب لخوض غمار معترك الحياة السياسية، خصوصا ان معظم الشباب يكتسبون تجارب كبيرة ومهمة بانتخابات مجالس الطلبة في الجامعات. أي ان الشاب لا يأتي من فراغ وعدم معرفة. بالعكس تماما، مقدرة الشباب على العمل السياسي تكون أكبر وأكثر جرأة وبالتالي قدرة على التغيير. 

عند اشتراط سن الترشح بال ٢٨، فإن هؤلاء الشباب يكونوا قد قطعوا من ٧ الى ١٠ اعوام في فراغ وعبث واحباط ناجم عن تبعثر احلام الشباب التي يظن الشباب في مقتبل عمرهم انهم قادرين على تحقيقها. ما يكاد الشاب يصل الى ٢٨ وتكون حساباته قد اختلفت وتغيرت وانحصرت فيما يخص طموحه الخاص والشخصي. 

بالمحصلة مجموع من له الحق بإدلاء صوته بالانتخابات هو ١٣٧٦٢٩٨ من الذكور و١٣٥٤٥٠٩، أي ما مجموعه ٢٧٣٠٨٠٧ شخص، منهم ١٠٦٩١٣٧ لا يحق له اطلاقا الترشح و١١١٢٤٣٦من لا فرصة لمعظمهم بالترشح.

أي ان الفرصة الأكبر والأكثر إمكانية هي ٥٤٩٢٣٤ شخص ممن تجاوز عمره الخمسين، منهم ١٦٦٢٠٦ بين الاعمار ٦٥-٨٥ ممن لهم الفرص الحقيقية الأكبر بسبب وصولهم الى سن التقاعد، وعليه لن يطالهم شرط الاستقالة، وربما يستطيعوا استخدام مدخرات تقاعدهم لتغطية تكاليف الانتخابات. 

من هنا، نحن نتحدث عن قوة حقيقية ومهولة للشباب من حيث التأثير والضغط باتجاه ابطال القوانين المكبلة والمانعة لفرص مشاركة الشباب بعملية صنع القرار. 

فاذا ما وقف الشباب معلنين عزوفهم عن المشاركة بالانتخابات حتى تتغير هذه القوانين، فلن يكون هناك شرعية لانتخابات يشكل الشباب غالبية اصواتها الممتنعة. 

اترك رد