أزمة فرص الانتخابات: إنذارات اللوبي الصهيوني وتعنّت رئاسي فتحاوي بنيوي وميثاق شرف كشهادة زور فصائل.
يبدو ان حمى الانتخابات الفلسطينية وصلت الى أمريكا. ولا أعرف كم هي مصادفة، توقيت البيان الذي أصدره معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى (١٥-٣-٢٠٢١) موقعا من مجموعة بارزة من “الصهيونيين” الامريكيين ابرزهم دنيس روس مبعوث عملية السلام السابق والرباعية، وكذلك غيث العمري احد مستشاري السلطة بمحادثات الوضع الدائم للمفاوضات وغيرهم ، ومقال نشر (١٤-٣-٢٠٢١) بإحدى مؤسسات رقابة الاعلام الصهيونية الامريكية لجدعون بن تسفي بعنوان “نيويورك تايمز، سي ان ان تتجاهلان تطرف رئيس الوزراء الفلسطيني “المعتدل” السابق”، بالإشارة لتصريحات الأخير اثر إعلانه النية في خوض الانتخابات التشريعية الفلسطينية المرتقبة وحواره في صحيفة القدس قبل أسبوع. حيث نقل المقال اعلان فياض انه ” يعتقد انه من اجل الترشح في الانتخابات التشريعية والرئاسية الفلسطينية المرتقبة، او بشكل عام، ان يكون عضوا في أي كيان سياسي فلسطيني، لا يحتاج المرء إلى قبول المبادئ التوجيهية الثلاث للجنة الرباعية.” ويتساءل كاتب المقال عن سبب اجحام المؤسسات الإعلامية الكبرى مثل السي ان ان ونيو يورك تايمز وغيرها “التي أشادت بالسابق بفياض باعتباره تجسيدا لمستوى سياسي فلسطيني جديد ومعتدل ومُصالِح ولم تبلغ عن رفضه الواضح لحق إسرائيل في الوجود او حاجة الفلسطينيين الى الالتزام باتفاقات أوسلو وانهاء دعمهم للهجمات على الإسرائيليين.” وينسب كاتب المقال الى مقالات سابقة وتقارير سابقة لنيويورك تايمز وسي ان ان تصف فياض بانه يريد السلام وعرضته على انه تكنوقراطي رصين هدفه زيادة الشفافية السياسية والمالية اثناء السعي الى التقارب مع إسرائيل، الا ان توجهه الأخير ظل بعيدا تماما عن الرادار. حيث ان فياض ” الثوري التكنوقراطي المفترض تبنى مواقف تتوافق مع مواقف حماس”.
ما اثار كاتب المقال هو تصريحات سلام فياض في حواره لجريدة القدس بشأن الرباعية حيث يقول باقتباس له من خلال الكاتب: “اما شروط الرباعية فيجب ان يرفضها كل الفلسطينيين وليس حماس والجهاد الإسلامي فقط. وعندما أقول الرفض، أعني ذلك تماماً، دون محاولة الالتفاف عليه..”
ويبدو ان ما لم يلتقطه رادار الكاتب ان سلام فياض كان قد تحدث وبالإنجليزية بلا داعي لعبء الترجمة في لقاء مصور قبل أسابيع قليلة من إعلانه نية خوضه الانتخابات في سياق مؤتمر نظمه معهد بروكنغز في واشنطن تحت عنوان “الشرق الأوسط والإدارة الامريكية” نفس التصريح وبإسهاب وبلا مواربة ” نرفض الاستمرار في الإصرار على الالتزام بشروط الرباعية”. أي انه لم يكن يتكلم بصدد دعاية انتخابية، فكانت وجهته الرأي العام الأمريكي والإدارة الامريكية الجديدة.[1]
الا ان الاهتمام بما يقوله فياض يختلف إذا ما كان جالسا على كرسي الأكاديمي والمحلل والسياسي المتقاعد في “رحاب” أمريكا عن ذلك السياسي ورجل الدولة الذي ينوي خوض العمل العام على ارضه.
وقد يبدو كلام سلام فياض بحواره بجريدة القدس وسابقه حديث العهد ولأغراض انتخابية استعراضية. ومن اجل الدقة حاولت تتبع تصريحات فياض على مدار السنوات واستوقفتني الكثير منها بمقالات غنية جدا مليئة بالفكر السياسي والقلق على ما ال اليه الوضع. وقد يكون خروجه من قيود السلطة منحه مساحات تعبير اكثر تحررا جعلت من اخذه العبر من التجارب مختلفة وبالتأكيد غنية.
في كلمة القاها فياض بواشنطن بالمجلس الأطلسي بتاريخ ٣١-٧-٢٠١٤ تحت عنوان “كسر الحلقة المفرغة “، يقول:
“يكمن مفتاح العمل نحو تأمين {هذه التعديلات} بسرعة في جهد فلسطيني مصمم بالكامل يهدف الى تحقيق الوحدة من خلال إطار تمثيلي أكثر، ان لم يكن شاملا. وتحقيقا لهذه الغاية، {….} يجب تفعيل إطار القيادة الموحد الذي يشمل جميع فصائل منظمة التحرير وتلك التي لا تنتمي اليها، وتكليف جبهة المتحدة للتحرير بشكل {…}.
ان لا تتطلب عضوية الفصائل غير التابعة لمنظمة التحرير في الجبهة المتحدة قبولا من جانبها في برنامج منظمة التحرير. ومع ذلك يمكن النظر في جعل الجبهة تتبنى بالإجماع، التزاما محددا زمنيا من قبل جميع الفصائل باللاعنف، مع الاخذ في الاعتبار انه سيكون من المنطقي ان يكون مصطلح الالتزام باللاعنف يتوافق مع الوقت الذي يحكم عليه لازمة لتمكين الحكومة من توحيد المؤسسات الرسمية للدولة والقوانين.
التأكد من ان الحكومة مخوّلة الى اقصى حد يسمح به القانون الأساسي لإعادة بناء المؤسسات وتوحيدها، والاضطلاع بكامل مسؤولياتها على النحو المحدد في القانون.
الالتزام بإجراء انتخابات نزيهة وحرة وشاملة في موعد لا يتجاوز ستة أشهر قبل نهاية الفترة الانتقالية المشار اليها أعلاه. ولضمان اقصى قدر من المساءلة، وإعادة عقد الهيئة التشريعية الحالية وفتح النظام السياسي من خلال السعي التوسيع قاعدة المشاركة فيها من خلال الوسائل الديمقراطية.” [2]
التقرير الأمريكي الصهيوني من جهته يتابع، وكأنه التقط ما غاب عن الجميع بسبق صحفي تحذيري من الفلسطينيّ القادم الى السلطة من جديد، بتفسير منطق فياض برفض مبادئ الرباعية، لأنه يؤكد ان قبول هذه المبادئ سيضر بمصداقية العملية الانتخابية ويعرقل أي جهد لإنهاء الانقسام الفلسطيني. يقول: “وبعبارة أخرى، فان القيام بذلك سيمنع تشكيل حكومة لا يهيمن عليها أعضاء حركة فتح الحاكمة التي يتزعمها عباس فحسب، بل وأيضا حكام غزة الإرهابيين الذين يكرسون جهودهم لتدمير الدولة اليهودية.”
من المثير بالحقيقة رؤية خوف الكاتب الإسرائيلي (المفتعل) من جملة بديهيّة لأي فلسطيني لا يرى مخرجاً من الوضع الكارثي الحالي الّا بإنهاء الانقسام الذي تقوّضه مبادئ اللجنة الرباعيّة، ويحمّل الكلمات خطرا محتدما قادما، يُدخل عليه كلمات تدب الرعب في نفوس الإسرائيليين الآمنين من الخطر الفلسطيني منذ بدء الانقسام على وجه الخصوص. وكأن المصلحة بالانقسام هي مصلحة عليا أمريكية وإسرائيلية لا يجب التفكير بتغيير الوضع فيها. فالمصالحة ستعني بلا أدنى شك في نفوس هؤلاء “تكريس الجهود لتدمير الدولة اليهودية”.
بالنسبة لكاتب التقرير، هو فشل وسائل الاعلام الكبرى بالتقاط هذا التطور الخطير بتصريحات فيّاض والاعتراف به، “حتى عندما رحبت إسرائيل بمشاركة الرباعية في التوسط في عملية سلام تهدف الى انهاء الصراع هو دليل على رفض هذه المؤسسات الإعلامية محاسبة القادة الفلسطينيين بالماضي والحاضر على تحمل مسؤولية رفضهم.” ويفسر الكاتب هذا الرفض من قبل هذه المؤسسات الإعلامية (سي ان ان ونيويورك تايمز) “بالإبلاغ عن الموقف الاستفزازي لسياسي فلسطيني بارز تجاه إسرائيل، سيضع هذه المؤسسات مع موقف خاص يتناقض مع رواية الضحية الفلسطينية التي ساعدت في خلقها.”
وطبعا، نستطيع التصور الى اين وصل الكاتب بتصوير هيمنة الرواية الفلسطينية المضللة في الاعلام، ليجعل المرء يشعر ان من يتحكم بالإعلام الغربي هو نحن. فطلب من الاعلام ان يتابع الحقيقة كلها بلا انتقاص، والا يغض الطرف عن خطورة تصريحات كتلك التي خرجت من فياض.
شعرت انّ على الإسرائيليين الاختباء بالملاجئ من الخطر القادم بتحذيرات كاتب المقال، وكأن مقولة رمي اليهود في البحر انتفضت وهرولت الى الاختباء من العرب.
شعرت وكأن خالد بن الوليد وصلاح الدين يبتعثون من جديد وها هم بجيوشهم مستعدين للحرب ضد الكفار!!!
اللوبي الصهيوني المتنفذ بمؤسسات كهذه انتفض من هذا التحذير من الخطر القادم.
واحتراسا على ما يبدو، وتحسّبا من خطر فلسطيني ممكن برفع الصوت ولو من خلال حوار مكتوب او مصور، استنهضت الفرق الصهيونية نفسها وصحت من غفلتها عن الخطر القادم من خلال الرجل الذي يقرون جميعهم انه “العقلاني والوسطي ولا يرى غير التعايش لإسرائيل والفلسطينيين حلا” على حسب ما هو منسوب له في نفس المقال من حوارات سابقة، وقررت اصدار بيان موجّه لحكومة بايدن بتحذيرها من مغبة الانتخابات الفلسطينية القادمة. [3]
من نسي منا اللجنة الرباعية التي لم يتبقّ منها الا امتصاص الموارد التي تُسمّى على الشعب الفلسطيني كمنح دولية غير عمارة يبلغ مصاريفها التشغيلية السنوية على اقل تقدير بعض الملايين وسط الشيخ جراح بالقدس، يتذكرها بمحاولة الرئيس الفلسطيني استجداء الحياة لها من خلال محاولته تحدّيه (العبثي) لترامب بأن التسوية المنتظرة لن تكون متفرّدة لأمريكا، وعليه حاول التلويح بها كنذير لخلخلة السيطرة الامريكية على المشهد المسيطر على كل شيء.
وطبعا، أمريكا لم تعر الامر (الحمد لله) أي اقيمة، ولم يهتم أحد حتى بحلحلة أي امر. وربما تكلُّم سلام فياض في أكثر من مناسبة ومقال عن ضرورة عدم الرجوع الى الرباعية كان تأكيدا منه ووعيا واضحا بإشكالية الرباعية وتعطيلها الواضح لفرص المصالحة الفلسطينية.
وعليه جاء البيان الصهيوني الصادر من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، الذي يؤكد مرة تلو المرّة ان هؤلاء لا يريدون لنا ان ننهض بأنفسنا حتى. فلقد وفرت لهم الدبلوماسية الفلسطينية وسيادة الانقسام والفساد المستشري فرصا سانحة بالراحة المفرطة، ومجرد اعلان نية ترشح لمن يعتبره الجميع “رجل أمريكا” ضج هذه المضاجع وارّقها.
وان فسر البيان امرا، فيفسر الغرور والتعنت والوقاحة من جهة، ولكنه يجعلنا من جديد نفكر كيف اوصلنا هؤلاء الخانعون الى هنا.
يؤكد البيان أولا على “ضرورة الانتخابات لبناء حكومة ديمقراطية، ويطالب إدارة بايدن ان ترحب بالخطوات نحو اجراء الانتخابات. ولكن، إذا قررت السلطة الفلسطينية اجراء انتخابات بمشاركة حماس، فقد يكون لذلك تداعيات مهمة على قدرة الولايات المتحدة على التعامل بشكل بناء مع السلطة الفلسطينية وتعزيز قضية السلام الفلسطيني الإسرائيلي.” وكالعادة وضع العصا يأتي بالجملة التالية مضيفا:” في حين ان الامر متروك للسلطة الفلسطينية في نهاية المطاف لاتخاذ قرار بشأن إذا ما كانت ستجري الانتخابات ومتى وكيف، فان للولايات المتحدة قيمها وسياساتها، قوانينها الخاصة التي ستحدد استعدادها وقدرتها على التعامل مع السلطة الفلسطينية بعد هذه الانتخابات. لتجنب سوء الفهم او سوء التقدير، يجب على الولايات المتحدة ان تنقل بوضوح وعلى مستوى عال الى قادة السلطة الفلسطينية موقفها بشأن هذه القضايا.”
ويذكّر كتبة البيان إدارة بايدن بما جرى بانتخابات ٢٠٠٦ عندما “سُمِح” لحركة حماس والجماعات التابعة لها بالمشاركة دون تلبية الشروط المنصوص عليها في اتفاقيات أوسلو او حتى نبذ العنف، – على حسب التعبير-. وترتب على ذلك فوز حماس الذي نتج عنه رفض الولايات المتحدة اشراك السلطة الفلسطينية حتى تلبي الشروط الأساسية المطلوبة.
يؤكد البيان على تلك الشروط التي كانت مطلوبة حينها ولا تزال قائمة اليوم وهي تلك التي كُرِّست من خلال اللجنة الرباعية وتكرَّس على أثرها قانون مكافحة “الإرهاب” الفلسطيني لسنة ٢٠٠٦، والتي رفضتها حماس، والذي ترتب عليه توتر العلاقة الامريكية الفلسطينية الذي انتهى بإيقاف المساعدات.
وهنا يحذّر البيان من ان احتمال ان تسفر الانتخابات المقبلة في السلطة الفلسطينية نتائج من شأنها ان تكون خطوة للوراء في العلاقات الامريكية الفلسطينية، كأن تنتج الانتخابات “سلطة فلسطينية تضم وزرائها ومسؤوليها أشخاصا غير راغبين في نبذ العنف والاعتراف بإسرائيل والالتزام بالاتفاقيات السابقة التي لا تتماشى مع الهدف النهائي لحل الدولتين. وبشكل فوري، ستؤدي هذه النتيجة الى تعقيد تحقيق الأهداف التي حددتها إدارة بايدن. لقد شرعت الإدارة بحكمة في سياسة إعادة اشراك السلطة الفلسطينية، بما في ذلك الاستئناف النهائي للمساعدات والتركيز على احراز تقدم ملموس على الأرض لصالح الفلسطينيين وإسرائيل. يمكن ان تتعرض هذه السياسات للخطر لان الولايات المتحدة- من حيث القانون والسياسة- لا يمكنها اشراك سلطة فلسطينية لا تلتزم بهذه الشروط.”
ولتخفيف وطأة التعالي وتجنّب تهمة انّ الامر ليس امر تدخل في الشؤون الفلسطينية، او هم لا قدّر الله لا يتدخلون بحكمة بايدن وادارته الجديدة، يؤكدون على انهم ليسوا أصحاب الامر وكذلك أمريكا بالقول للسلطة الفلسطينية اذا ما كان ينبغي او لا ينبغي لها اجراء الانتخابات، ولكن هم حريصون فقط على التأكد من قيام الإدارة نفسها بمسؤوليتها بالتوضيح الآن للسلطة الفلسطينية وقبل الانتخابات ان هذه المشاركة يمكن ان تعيق العلاقة الامريكية الفلسطينية، وعليه يجب على الولايات المتحدة ان : “التوضيح للسلطة الفلسطينية وعلى مستوى عال بما فيه الكفاية، ان القوانين والسياسات الامريكية ستمنع تطوير العلاقات، بما في ذلك تقديم المساعدات مع حكومة سلطة فلسطينية تضم مسؤولي حماس او حماس، ما لم يؤكد هؤلاء بوضوح التزامهم بوضوح وبشكل لا لبس فيه لالتزامهم للشروط.
التشاور مع إسرائيل للتأكد من ان مصالحها مأخوذة بالحسبان وإيجاد مواقف أمريكية إسرائيلية متوافقة.
التشاور مع الحلفاء العرب، وخاصة شركاء السلام الأردن ومصر، وكذلك أصحاب المصلحة العرب الآخرين، بما في ذلك السعودية وكذلك الدول التي ترتبط إسرائيل معها بعلاقات سلمية.”
ويختتم البيان إعادة التحذير بما حصل ب ٢٠٠٦ بمفاجأة الولايات المتحدة بنتيجة الانتخابات، وعدم توقع السلطة الفلسطينية بالتالي بردة الفعل الامريكية.
وعليه، على السلطة الفلسطينية هذه المرة ان تعرف من خلال التجربة التي اثبتتها لها الولايات المتحدة من التاريخ انها: “سترفض التعامل محكومة تفشل في مطالبة مسؤوليها بنبذ العنف والالتزام بالحل السلمي للنزاع. ان مبدأ أوراق الاقتراع او الرصاص- وليس أوراق الاقتراع والرصاص- هو حجر الزاوية في سياستنا الخارجية. لا ينبغي لواشنطن ان تخاطر بفشل السلطة الفلسطينية في تقدير الاثار المحتملة لأفعالها. وعليه التواصل الواضح بشأن قانون وسياسة الولايات المتحدة مهم من اجل تجنب تكرار ما جرى عام ٢٠٠٦.” [4]
الحقيقة، يطيب للمرء ان يقول ما نردده بالعامية “عداهم العيب”!
قد تكون هذه هي اللغة الوحيدة التي تتم مخاطبة السلطة الفلسطينية من خلالها. لغة الاستعلاء والاملاءات ولوي اليد والتهديد المبطن والعلني.
وقد يكون ما تم تداوله من انّ هناك مكالمة هاتفية يتم الإعداد لها بين بايدن وعباس تتمحور حول هذا الامر. سيملي بايدن املاءات اللوبي الصهيوني على عباس. وكما اطاعت الفصائل الفلسطينية املاءات عباس بشأن الانتخابات بالأمس، ووقعت على ميثاق شرف بإجراء الانتخابات بلا أي تعديل او تصويب من شأنه يجعل الانتخابات فرصة لإصلاح الوضع من حيث الغاء البنود التعجيزية بالترشح، التي كان من المفترض انها ستتغير على حسب اللقاء القاهريّ الأول، ومن اجل هذا كان اللقاء الأخير للتوافق على ما كان يجب ان يتم تغييره.. او هكذا فهمنا نحن الشعب المغيّب. قد يفهم الانسان العادي ان ما تقوم به فتح وحماس كفصيلين مهيمنين على المشهد السياسي والتحكم بنتائج الانتخابات لما يخدم اقتسامهم، فليس من مصلحة الحزبين تغيير هذه البنود التعجيزية من سن الترشح والاستقالة ورسوم تسجيل\تأمين القوائم بمبلغ ٢٠ الف دولار.[5] ولكن لماذا ذهب ممثلي الفصائل الاخرين وكيف وقعوا على ما لم يقبلوه من عدم موافقة الرئيس على التعديلات كما جاء على لسان مصطفى البرغوِثي بصفحته الرسمة على الفيسبوك: “يؤسفنا عدم التوافق على اصدار مرسوم بتعديل قانون الانتخابات لتخفيض سن الترشح ورفع نسبة تمثيل المرأة وإلغاء بند قبول الاستقالة وتخفيض رسوم المشاركة في الانتخابات.” لماذا وقع اذن على ما لم يوافق عليه؟ وأين دور لجنة الانتخابات التي يبدو وأنها تقوم بدور المنفذ للتعليمات فقط، وكأنها شرطي لا صاحب رأي او صفة. مجرد جهة تتأكد من تنفيذ مراسيم الرئيس غير الشرعية.
قد تكون الأيام القادمة حاسمة للترقب المتوقع بتأجيل الانتخابات “بأمر أمريكي” يكون الخروج من مأزق الاقتتال الفتحاوي الداخلي على القوائم والمحاصصة على كافة مستوياتها من المركزية الى الأقاليم.
ولكن… بكل الأحوال يبدو ان الرئيس الفلسطيني هو بالمكان الأصعب، لأنه الخاسر في كل الحالات، عدم التأكد من حسم فتح لأكبر عدد ممكن من المقاعد التشريعية، والشرخ والتصدع المتزايد بين طبقاتها المختلفة من اعلى هرمية -المركزية- الى قاعدتها بالأقاليم، بالإضافة الى تجنح العديد من الكوادر (بالعلن والسر) واستقطاب الكثيرين منهم نحو تيار الدحلان، ناهيك عن الأزمة الأخيرة مع ناصر القدوة، وإعلان مروان البرغوثي نيته الترشح للرئاسة. وإذا ما استمرت العملية على حسب الخطة الاصلية باقتسام المجلس التشريعي مع حماس بقائمة مشتركة، سيكون المتصدّي الأكبر هنا هو أمريكا، التي لن تسمح لأفراد من حماس التواجد حكومة قادمة إذا ما استطاع اللوبي الصهيوني الضغط أكثر- وسيستطيع وسط دبلوماسية فلسطينية حالية مترهلة- مما سيضع السلطة في مأزق مالي أكبر وكارثي.
فقد يمنح الفيتو الأمريكي ورقة رابحة أكثر من ورقة تفشي الوباء لإعطاء حجة لتأجيل الانتخابات الى أجل غير مسمى آخر.
[1] https://www.youtube.com/watch?v=O1VErJt5lY0
[2] https://www.atlanticcouncil.org/wp-content/uploads/2014/07/Breaking_the_Vicious_Cycle_-_Fayyad_Remarks.pdf
[3] https://honestreporting.com/nyt-cnn-ignore-former-moderate-palestinian-authority-pms-apparent-radicalization/
[4] https://www.washingtoninstitute.org/about/press-room/press-release/institute-experts-urge-biden-administration-clarify-palestinian
[5] https://www.elections.ps/tabid/1121/language/ar-PS/Default.aspx