تخطى إلى المحتوى

الرئيس الفلسطيني وجمل المحامل: القدوة، الهباش، أبو شرار، مي كيلة، والفساد المنظّم والظلم المحتم

الرئيس الفلسطيني وجمل المحامل: القدوة، الهباش، أبو شرار، مي كيلة، والفساد المنظّم والظلم المحتم

لا يعرف المرء من اين يبدأ، ولكن بالتأكيد الله يعين أبو مازن على ابتلائه. 

لا اعرف كيف أقيم كلماتي بحيث لا أبدو متعاطفة مع الرئيس الفلسطيني، او لا أبدو في موقف الدفاع عنه. لأنه بالحقيقة لم يترك لنا ما يمكن الدفاع عنه من خلاله. واقصد هنا بال ” نحن” الشعب في معظمه من غير المستفيدين ولا المرتزقين ولا المتشبثين بمنافع السلطة. أولئك منا، الذين اشتروا حلم الوطن بمجيء زمرته اول مرة، ويدفعون ثمن ما دفعه الفلسطيني المرابط في مكانه منذ المؤامرة الأولى التي حطت بقواها على هذا الشعب منذ بلفور. 

وها نحن مندفعون في مقطورة يقودها نحو هاوية تنذر بحرب أهلية او تسليم لاحتلال.

لا يمكن الا وصف ما يخرج عن أبو مازن من قرارات ومراسيم وتصرفات الا بكلمات محددة: التخبط والهلع والاستشارة الفتاكة.  في السابق كنت اظن جازمة ان المشكلة تكمن ربما بمن يعطي الاستشارات له، قد يكون الرجل مضللا ومغيبا. ولكن ما يحدث لا يقول هذا اطلاقا، على العكس، فهو يبدو على رأس ما يخرج منه من قرارات، ولا يمكن عدم رؤية هذا. فعدم اكتراثه وتمسكه بقراراته الكارثية ينم عما يسمى بلغة الشارع “تكسير عظام”. فالرجل لا يأبه ولا يبالي ولا يرى أحد. صار هو الرئيس وهو الشعب. هو القانون والتشريع والقاضي والجلاد. 

والاقتراب من أبي مازن على يبدو مثل الاقتراب من النار، اما يدفئ او يحرق. فنرى تمسكه واصراره بما منحه لعيسى ابو شرار (رئيس المحكمة العليا\محكمة النقض ورئيس مجلس القضاء الأعلى) وأخيرا لمحمود الهباش (مستشار الرئيس للشؤون الدينية وقاضي القضاة رئيس مجلس القضاء الشرعي، رئيس المحكمة العليا الشرعية). فهل هذا حب وثقة بالغة ام هو تحكم مطلق في منافذ القانون المدني والشرعي بقبضة يد واحدة بلا تنازع؟ 

يتمنى المرء لو كان أبو شرار او الهباش، ولا يمكن الا السؤال ما هو سرهما، وسر الزمرة المحددة التي تتحكم بابي مازن او أبو مازن يتحكم بها؟ هل هم بالفعل مخلصين له؟ هل ولاءهم بالفعل اعمى ويؤمنون بالفعل بحكمته ويرون ما لا نراه؟ 

ولكن بكل اسف الجواب جلي كما الضوء الذي تبثه تلك النار في حرقها لمن يقترب منها او ادفائه. 

الحقيقة التي تبث ذاتها كالنور الحارق لنا كالذباب المجتمع في زاوية مغلقة ان منظومة الفساد تحتاج الى التحكم والسيطرة المطلقة: التحكم المطلق بكل السلطات، نظام قضائي يسيطر عليه بالمطلق الرئيس، نظام تشريعي يصدر مراسيمه الرئيس. وحكومة يسيطر على كل منافذها الرئيس، وهي بالتالي تسيطر على منافذ الانسان الفلسطيني: المجتمع المدني، الاعلام، المؤسسات الرسمية، والمواطن.

ازمة ناصر القدوة مع الرئيس ليست بالغريبة، ولا يوجد بها حتى ما يثير الاندهاش، فكل حركة يتم القيام بها متوقعة. الغريب الوحيد في الامر هو عدم توقع القدوة ومناصريه لما يحدث وسيحدث. يستطيع المرء التنبؤ بكل ما يحصل كمن يتنبأ بمجريات فيلم بوليسي ضعيف الحبكة وعالي الإنتاج. 

حبكة لا يمكن اقناع المشاهد فيها بأن المظلوم وقع عليه الضرر لظلمه، ولا يمكن اقناع المشاهد ان المذنب سيصاب بصحوة ضمير مفاجئة. في المسلسلات العربية ننتظر ٣٠ حلقة لنرى الحق في نهاية المسلسل ينتصر لما يمكن ان يكون عشرات السنوات في قصة بدأت بالحلقة الأولى وانتهت بالحلقة الثلاثين. ولكن في مسلسلنا الفلسطيني لا يتغير الا السنوات ولكن الحق لا ينتصر والظالم والمظلوم سواء. 

قرار فصل ناصر القدوة يعتبر شأن فتحاوي خالص لن اخوض في تحليله وترجيح فرضية الحق والباطل فيه. ولكن مسألة مؤسسة ياسر عرفات وما يدور من تحليل يشوبه الغضب لعدم شرعية قرار فصله من قبل الرئيس هو مسألتنا. وعليه، يختلط الحق بالباطل والمظلوم هنا ليس الا ظالم اخر حان وقت ظلمه. إذا كان هناك قاعدة للحكم البشري من قبل الخالق علينا فهي الآية القرآنية “ولن ينفعكم اليوم إذا ظلمتم انكم في العذاب مشتركون”. ناصر القدوة يجلس على رأس مؤسسة ياسر عرفات منذ تأسيسها سنة ٢٠٠٧. فاللوائح التي ابقته بذلك المنصب هي نفسها اللوائح التي اخرجته منه. غياب الوضوح والشفافية والمساءلة وجلوس المرء على رأس المؤسسة الى الابد. او الى حين يأتي امرا كان مفعولا كما جرى معه. 

صحيح، ان ما قام به أبو مازن غير شرعي، ولكن ما هو الشرعي؟ 

هل يشكل ما قام به سابقة بتحكم الرئيس كذلك بالمؤسسات غير الحكومية؟ لا اعتقد، لان مؤسسة ياسر عرفات هي مؤسسة كما رأينا تدفع كل مصاريفها وتحملها الحكومة من خلال ما يسمى بالصندوق الوطني التابع لمنظمة التحرير. والرئيس هو المسؤول الاكبر وبالتالي يعتبر فصله من المؤسسة كما فصله من فتح. شأن رئيس منظمة التحرير صاحب الولاية على الصندوق. 

رأينا المشهد ذاته تقريبا، قبل سنوات عندما غضب الرئيس على ياسر عبد ربه وخلع عنه المؤسسات التي كان يترأسها. وكنا لسان الحال نفسه. 

لم نفكر حتى بالدفاع عن ياسر عبد ربه، ولم نأبه بفهم ما حصل، لأننا كمشاهدين في مسرحية الكارثة الفلسطينية قلنا لأنفسنا ” فخار بطبش بعضه”. والامثلة كثيرة وننتظر حدوثها دوما. فصرنا كشعب نرى من سقوط فسادهم لذة في مرارة عيشنا واستفحال فسادهم من كل الاتجاهات صوبنا. 

كلهم يقفون بلا حراك او تعليق او كلمة امام الظلم الذي يقع على زملائهم، لأنهم جميعا يعرفون جيدا ان من يسقط هناك عشرات المصطفين في طوابير الفرصة المتاحة، ومن يعترض يعرف انه التالي. ليس لأنه رفع الحق امام الباطل، ولكن لأنه جزء وطيد من الفساد الحاصل. فلا يستطيع الاعتراض على ما يمارسه هو وعائلته واقاربه واصدقاؤه وجيرانه المقربون. وإذا ما تفوه بما هو غير محمود فملفات الفساد بشأنه وعائلته وعشيرته بالدرج محفوظ 

ولأبقى في جزئية القدوة، التي تبدو إضافة سكين في جسد الرجل ضمن السكاكين الكثر، ولكن ما صدر منه من قمع وشتيمة لسيدة سألته في احدى حواراته على الزوم قبل أيام، يؤكد انه ليس الا وجها اخر لمنظومة متعالية اقصائية تدعي التغيير على لسانها ولا تستطيع حتى ضبط نفسها بينما تروج لما يمثل التغيير. فقوله لسيدة بمحاولة اسكاتها “روحي انضبي” يؤكد ان ما يتظلم منه من رئيسه سيوقعه هو لا محالة. 

لا اريد ان أقحم الامر للنظرة الدونية للمرأة والاستقواء عليها، ولكني لا أستطيع ان أرى الامر غير ذلك. هل كان سيستخدم نفس الكلمة لو كان السائل\المقاطع له رجلا؟ اين التقدمية والمساواة وحرية التعبير في تعبيره لتلك السيدة؟ 

.وبعيدا عن المفصولين والمتجنحين في زمر الرئيس، لنقف قليلا عند الكارثة العظمى 

كيف يمكن ان تستمر حكومة تحترم نفسها ولو بنقطة الا تقيل وزير صحة – بأضعف الايمان- تتوالى الكوارث من كل الاتجاهات على أداء قطاعه؟ فضائح التطعيمات وحدها تسقط حكومات. التعيينات والمحاباة والمحاصصة لأولي السلطة وسط نظام الطوارئ ووضع القطاع الصحي الكارثي تقام عليها محاكم شعبية. وشح الإمكانيات في المستشفيات ونقص ضروريات الوضع الصحي منذ اندلاع الوباء يضع المسؤولين امام محاكمات علنية وفورية. ما الذي قامت به الوزارة من استعدادات خلال سنة لكارثة كان من الواضح والمؤكد انها قادمة؟ 

ما جرى وما رأيناه بمستشفى عالية بالخليل، وما حصل بمستشفيات رام الله، وما يحصل من كوارث ترصدها العدسات ويصدح بها صوت المقهورين مصادفة يستدعي تدخل الرئيس واقالة الوزيرة الفورية والحكومة. ولكن طبعا، الرئيس منشغل .بتأديب ناصر القدوة ومن معه 

ما يحصل من كارثة صحية واهمال فج ليس اهم من محاولة رصد المتجنحين والمتآمرين في حزب الرئيس. فتح الرئيس .وبعدها ليبلع الطوفان الشعب بأكمله 

موت بأروقة المستشفيات، قاذورات وجراثيم منتشرة، وقوع سقف على المرضى، مصعد معطوب وكراسي مرضى مكسرة .وغير متاحة. إمكانيات لا ترقى لإنسان كرامته عنوان وجوده. خدمات لا ترقى للإنسان أصلا 

.ظلم يقع على الناس ولا من مجيب ومنظومة تستّر قامعة محتكمه 

.صوت الام العراقية مريم التي تستجدي وتنادي وتناشد وتبكي حرقة وتقول أبو مازن انت ابوي أبغي ابني 

الى اين يا أبو مازن نهاية هذه الطريق المسدودة حتما؟ 

متى ستتوقف قيادة مقطورة لم يعد فيها من العجلات الا صاجها، قبل ان تصدمنا وتصدم نفسك بحائط لن يترك الا حطاما

 بشريا مدويا؟

لو ينصح الهباش الرئيس ويذكره بقوله تعالى: ” ولو انّ لكل نفس ظلمت ما في الأرض لافتدت به وأسرّوا الندامة لَمّا رأواالعذاب .”وقُضيَ بينهم بالقسط وهم لا يُظلمون

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading