تخطى إلى المحتوى

عجائب السلطة بحلب المواطن : ٢٠ شيكل مقابل شهادة تطعيم

عجائب السلطة الإعجازية في حلْبِ المواطن: ٢٠ شيكل شهادة تطعيم 

بصراحة نقف عاجزين تماما امام إعجازات السلطة في عجزها بكل شيء الا من تعجيز المواطن. او بالأحرى “حلبه”. 

لا اعرف من اين ابدأ ولكن يكفي التركيز على كتاب من مدير الطب الوقائي بوزارة الصحة موضوعه: شهادة التطعيم الخاصة بكوفيد ١٩. 

لا بد انه حتى هذه اللحظة لم يعد هناك من لم يشاهد علناً الفضيحة التي وقع فيها رئيس الحكومة محمد اشتية قبل أيام عندما أعلن امام الصحافة والمانحين انه تم حتى اللحظة تطعيم ١٠٥ آلاف عامل، وشكر طواقم وزارة الصحة والتفت الى مدير عام وزارة الصحة الدكتور كمال الشخرة ليؤكد له ان ما يقوله صحيح،ليهز الاخر برأسه مؤكداً. 

توالت الصور للعمال الذين تم تطعيمهم من كل صوب، لنرى ان الطواقم الطبية كانت طواقم نجمة داود الحمراء والجنود الملتفين في خيام التطعيمات كانواجنود جيش الاحتلال يشرفون على عملية التطعيم فيها، و”المنسق” بدوره هلل واكد واحتفل بإنسانية دولته وفعاليتها امام عجز السلطة المفجع. 

وطبعا لم يتوان الاحتلال في اجهزته المختلفة سواء على لسان وزير صحته او منسقه على تأكيد كذب التصريحات من قبل السلطة الفلسطينية ممثلة برئيس وزرائها. ولكن، السلطة وافرادها لا يتوقفون عن اثبات مزاعمهم، فشرع الشخرة بإصدار بيان يؤكد فيه ان وزارته وسلطته أشرفت عن بعد على سير التطعيمات، وان تلك التطعيمات ستخصمها إسرائيل من ضريبة المقاصة. 

الحقيقة انه لا سقف لاختلاقات السلطة بالتبريرات ولا يستطيع المرء منا الا التساؤل من جديد: على ماذا يعتمد هؤلاء؟ هل هو الإصرار على ان هذا الشعب مغيب ولا يرى ولا يسمع ولا يفهم ولا يفقه الا ما تتفوه به السنتهم من تصريحات متضاربة وخاطئة وكارثية بما يريدون منا ان نفهمه؟ 

ينشرون كلامهم وتصريحاتهم وخطاباتهم على وسائل التواصل وبالمباشر ويتعاملون مع تلقينا للمعلومة وكأنهم في قاعة مغلقة لا معلومات للمستمع فيها الا ما يقوله الخطيب. 

نعم نحن ندفع ثمن “من امن العقاب ساء الادب”، فهذه نتيجة بديهية لسنوات من غياب المحاسبة والشفافية وترك الفساد ليتفشى بكل اوصالنا فصارت فضائح الفساد والانتهاكات قصص نميمة تلوكها الافواه لبعض الوقت وتكمل الحياة وكأن الامر يتجاوزنا. 

في المقابل، وتكملة للتصريحات الخاطئة لرئيس الوزراء، كان اعلان الوزارة قبل يومين على الأكثر من احتفاله ببدء حملة التطعيمات عن وصول ما لا يتجاوز ال ٨٠ ألف مطعوم من جهة مانحة ما. ناهيك عن الفضائح والتجاوزات التي حدثت بشأن التطعيمات المحددة السابقة التي كانت قد خصصت عند استلامها للحالات الطارئة ليتبين وبإعلان من الوزارة انها ذهبت لمن صار اسمهم شعبيا “عظام الرقبة”. 

الشعب يموت بالفعل من العدوى المتفشية للفيروس، ويستعرض المقتدرون من المقربين من السلطة وافرادها بتطعيمهم. وصرنا بالفعل تحت طائلة “ان لم تستح فافعل ما شئت”. 

وأطلقت الحملة بمشاهدتنا عبر الشاشة الرسمية الرئيس الفلسطيني وهو يأخذ التطعيم. 

لا اعرف من الذي يعطي الرئيس والحكومة الاستشارة بشؤون المناصرة والعلاقات العامة، اتخيل كيف تم نصيحته بأن يقتدي برئيس الوزراء الإسرائيلي ورئيسه الذين بدأوا التطعيم ليشكلوا قدوة حسنة امام شعبهم. ولكن غاب عمن نصحوه ان الوضع الفلسطيني للرئيس والحكومة يجب ان يكون تحت سياسة “إذا بليتم فاستتروا”.

وبدأت حملة التطعيمات الفعلية وتدفق الناس من كل صوب محاولين الحصول على التطعيمات. طبعا الوضع حدث ولا حرج، اكتظاظ وفوضى ووزيرة متفاجئة! 

المستشفيات في حالات عجز وانهيار اكيد. تم تداول صور لانهيار سقف في احدى المستشفيات، انعدام للنظافة ووسائل الأمان البديهية، بالإضافة الى مصعد معطل، بينما افتتح رئيس الوزراء ووزيرة الصحة مقسما صحيا ما في احدى معازل رام الله، وكأننا بالفعل نعيش في دولتين بالضفة (مستثنين طبعا القدس)، دولة رام الله عاصمة النخب الفلسطينية السيادية، ودولة الضفة التي تشبه مرافقها ما كنا نراه عن افريقيا في تسعينات القرن الماضي لدول المجاعات والفقر والتخلف الحضاري. 

ولكن وسط كل هذا هناك ما هو الأسوأ، شهادة تطعيم بعشرين شيكل. 

لم يتبق امام هذه الحكومة الا عرض أعضاء الشعب للبيع! للحق أخاف ان أفكر أكثر فتدغدغ كلماتي أحد تجار الوطن ويشرع باستخدامها. 

لماذا يحتاج المواطن أصلا شهادة تطعيم مطبوعة ومختومة من الوزارة؟ يعني يبدو ان من ” نِعَمِ” وجود الاحتلال هو كشف استباحة هذه السلطة لنا. فلقد حصل الشعب القابع تحت “الاحتلال” بصورة رسمية على التطعيمات، ويستطيع المرء الحصول على الشهادة عن طريق الهاتف النقال. فالشهادة تصل تلقائيا بعد وقت محدد من الزمن لتؤكد أنك حصلت على المطعوم. 

هذه الطريقة من طباعة الشهادة وختمها بختم الوزارة ستفتح الباب لسوق بيع شهادات التطعيم من كل صوب، فتفاقم الوضع الوبائي أكثر. 

المرعب في كل هذا، لا ال ٢٠ شيكل التي سيتم اخذها “خاصة” من الناس، ولعل أحدهم يقرر اثبات خطأ توقعاتي ويعلن ان هذا المبلغ سيتم تخصيصه من اجل الحصول على المزيد من الطعومات، او لتجهيز ما يمكن تجهيزه من أدوات، على غرار تبرع الرئيس المفدى قبل أسابيع ب٣٠ جهاز تنفس لاحدىالمستشفيات. 

هل تتخيلون معي حجم الكارثة التي نعيشها؟ الرئيس كثر الله خيره يتبرع بأجهزة تنفس!!! يعني بالحقيقة لا يمكن فهم ما هو شكل الدولة التي يترأسها الرئيس وما مفهومه لها. هل الدولة التي يترأسها يتم الصرف على مؤسساتها من خلال تبرعات الرئيس “السخية” من حرّ ماله؟

كما اتخيل فكرة المستشارين المتفرغين لأفكار الترويج الكارثية للرئيس ورئيس حكومته، اتخيل العقول المدبرة الاقتصادية التي تترصد لأي ولكل فرصة لحلب ما يمكن حلبه من جيوب المواطنين. 

مرة أخرى، مللت من تكرار العبارة ذاتها، ما يحصل من كوارث يومية في وزارة الصحة يستدعي اقالة حكومة لا اقالة وزيرة فقط. ولكن في وضعنا كما دوما، الفساد هو السائد، فالوزيرة تسود بإنجازاتها اليومية من جوائز وشهادات تقدير عالمية، تجعلها تفكر ربما بالترقية القادمة لتشغل رئاسة الحكومة. فلقد اثبتت ثباتها رغم كل إخفاقات الوزارة وهي باقية معتدة ثابتة رغم انهيار منظومة الصحة وجثث المواطنين التي تخرج من المستشفيات يوميا.

لله درنا…. ما أعظم اعجازات الفشل في حالة سلطتنا العاجزة عن كل شيء الا التحكم والاستبداد والتنكيل بمواطنيها.

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading