تخطى إلى المحتوى

أنقذوا صابرين.. لوحة القدس الثقافية الأصلية

أنقذوا صابرين.. لوحة القدس الثقافية الأصلية

لابد من ان الكثيرين سمعوا ولو لمرة، ان كانوا من الجيل الجديد او من جيلي اغنية عن انسان بصوت كاميليا جبران الجميل. 

وعن الامنيات، وحب عالطريقة الفلسطينية، وتهليلة ام، ودخان البراكين. 

لا يمكن ان تكون مررت عن الموسيقى في فلسطين بلا ان تمر عنك صابرين…

عند التفكير بالمشهد الثقافي الفلسطيني الأصيل، اول ما يخطر بالبال فرقة صابرين. والاصالة هنا لا تعني التراث والفولكلور والتاريخ بالضرورة، بقدر ما تعني اصالة الانسان الذي يخرج من رحم تراب هذه الأرض ويتشكل ليشكل أصله. خارج من تراب الوطن ليشكل ما يتناسب مع شعوره ووجدانه وحدسه. هذه هي صابرين بالنسبة لأجيال متلاحقة من الفلسطينيين. 

ارتبط اسم فرقة صابرين منذ تأسيسها بسعيد مراد، الموسيقي والملحن المقدسي ببداية الثمانينيات من القرن الماضي، لتصبح أغاني الفرقة لاحقا جزء من الانتفاضة الأولى، بين صوت كاميليا جبران وكلمات حسين البرغوثي وسميح القاسم ومحمود درويش وطلال حيدر وسيد حجاب وغيرهم، والحان سعيد مراد، خلقت حالة فريدة وحديثة من المشهد الفني الذي واكب المشهد الإقليمي والعالمي بسلاسة. او ربما من الاجدر القول ان فرقة صابرين استطاعت ان تخرج بالفن الفلسطيني من المحلية الى العالمية وتنافس اهم الفرق والاصوات وتشكل جزء من الحالة الفنية العامة.  

جيل تربى وطور حسه الوطني وكانت الاغنية جزء من أدوات مقاومته من خلال “صابرين”.  لا اذكر عدد المرات التي سمعت اغنية عن انسان ورددتها اثناء الانتفاضة الأولى؟ كمّ القوة التي رسّخته هذه الاغنية  تحديدا بوجداني. 

عن انسان: وضعوا على فمه السلاسل

ربطوا يديه بصخرة الموتى،

وقالوا: أنت قاتل!

أخذوا طعامه والملابس والبيارق

ورموه في زنزانة الموتى،

وقالوا: أنت سارق!

طردوه من كل المرافئ

أخذوا حبيبته الصغيرة،

ثم قالوا: أنت لاجئ

يا دامي العينين والكفين!

إن الليل زائل

لا غرفة التوقيف باقية

و لا زرد السلاسل!

نيرون مات، ولم تمت روما

بعينيها تقاتل!

وحبوب سنبلة تجف

ستملأ الوادي سنابل

كصبية، وكشابة، ومن بعد ذلك كأم كانت صابرين جزء من ثقافة ما استمتعت بترتيل فكرتها. كنسمة صيف جميلة. كفراشة عابرة تضفي ابتسامة. تغيرت الموسيقى وتداخلت الأزمنة والثقافات وخرج من التراب الذي بثت منه جذور صابرين فروع واصول جديدة عبرها. هذا اهم ما يميز سعيد مراد ويجعله بالفعل انسانا رائعا مليئا بالعطاء، قدرته على افساح المجال للجيل القادم. لا يخاف من الشباب ولا يقلقه الإيقاع السريع والمختلف والغريب ربما. يرى بالشباب الامل بالمستقبل. يرى بجنونهم ابداعا يجب الا يتم ترويضه. 

عبارة يرددها سعيد مراد بقلق حقيقي: ” أخشى على هؤلاء الشباب من محاولة ترويضهم. الترويض يقتل الابداع.”

كما المشهد المتهالك في الساحة الفلسطينية، يبدو ان صابرين تصارع من اجل أنفاسها الأخير مستغيثة. فليس كما في كل العالم الطبيعي تحمل الدول مؤسساتها الثقافية، صابرين كما الاسم الذي تحمله كأيوب صابرة، وكعائلته تبدو عائلة صابرين وجيرانها واحبتها. تنتظر صابرني الفرج من وعود حكومية لم تتحقق بدفع الإيجارات المتراكمة والتي يحمل مديرها أوراقا رسمية تعد بدفعها منذ الحكومة السابقة، والتي تنصل منها رئيس الحكومة الحالية بوعود طارت ارجاء الرياح، وتنتظر المؤسسة العتيدة بصبر فرج الله. 

قد تغلق صابرين أبوابها بعد أكثر من ثلاثة عقود من العطاء المتفاني وأربعة عقود من العمل الفني الإبداعي لأصحابها. 

في بلد لا يجد الفن فيه من يحضنه، لا غرابة ان يهرب المواطن وان يتشتت. 

في مدينة كالقدس، يحارب فيها الفنان من اجل الحفاظ على هويته الوطنية امام الاغراءات الإسرائيلية، تجد مؤسسة بعراقة صابرين نفسها مكبلة لا تعرف ان كانت ستكمل المشوار حتى اخر الشهر او اخر السنة. 

فكما صابرت وصبرت صبر عليها كذلك أصحاب العقار لسنوات. 

أتساءل اين أصحاب رؤوس المال والاستثمارات من مشجعي الثقافة في هذا الوطن؟ اين تذهب الأموال التي يتم رصدها من اجل القدس؟ لماذا لا يهتم هؤلاء بهذه المؤسسة؟ هل يجب ان يستولي عليها الاحتلال لكي تصبح مهمة ومحطّ انظار ؟ 

صابرين تتموضع بصبر أيوب وسط استيلاءات مرتقبة لحملات الاستيطان والمصادرة الممتدة بالشيخ جراح. 

بينما تكثر الشعارات من اجل انقاذ القدس، لا يلتفت أحدا الى مؤسسة بحجم صابرين بينما تغلق أبوابها. 

هل الفن مجرد رفاهية لا نحتاج لها؟ 

الفن هو انعكاس لثقافة المجتمع، ولطالما مثلت صابرين القدس وفلسطين في أبهى حالاتها. 

بوداعة سعيد مراد وشجون صوت كاميليا جبران ورتل من الفنانين المهمين من كل الأجيال.

تحتاج صابرين دعمنا في وقت تتلكأ الحكومة وتقف عاجزة كما دوما. 

وعودات لا تتحقق…. وفي هذه الاثناء قد تخلى مؤسسة وتغلق أبوابها في جريمة جديدة بحق هذه المدينة وهذا الشعب. 

ثم نلوم الشباب لذهابهم لتلقي الدعم من المؤسسات الإسرائيلية؟ 

أتساءل لو كنت مكان إدارة صابرين، هل اقبل الدعم من الجهات الإسرائيلية واحمي المؤسسة؟ 

اعرف جوابي، كما اعرف جواب سعيد مراد… وعليه…. اعرف كذلك ان هذه البلد ستبقى حية بأبنائها لا بحكومة لا تستطيع اعالة نفسها ولا القيام بأبسط واجباتها تجاه مؤسسات ثقافية فنية بحجم صابرين. 

 أنقذوا صابرين!

https://www.launchgood.com/campaign/help_sabreen_association_continue_its_work_from_jerusalem_41_years_of_inspiration#!/

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading