شارع جهنم ام شارع بيت حنينا الرئيسي؟ من يوقف كارثية الوضع في بيت حنينا ؟

شارع جهنم ام شارع بيت حنينا الرئيسي؟ من يوقف كارثية الوضع في بيت حنينا؟ 

منذ مدة وانا أحاول التأقلم ربما، او اقناع نفسي ان ما يجري مؤقتا في بيت حنينا. 

لم يعد الحي السكني الهادئ يشكل أي عنوان لهذا الشارع الرئيسي الواصل بين أطراف المدينة. 

مطاعم ومقاهي لم تكن ابدا لتؤرق الطابع المرافق لهذه المنطقة من بيت حنينا. بالنهاية هنا على بعد أمتار كان يقضي الملك حسين اجازته ومقابلي يقع قصره الذي لم يكتمل.

بالأصل كان هذا الشارع أقرب للتنزه. ولكن اليوم المشي فيه أقرب بأن يوصف بأن تمشي في ساحة سباق سيارات او مطار تأخذك او تريك جهنكم ر.

كنت بسذاجة حقيقية اعتقد ان أصوات الاكزوستات المخرومة المزعجة هي لسيارات قديمة. اذكر اول مرة سمعتها قلت في نفسي: كم هي صعبة الحياة على هؤلاء الشباب. سيارات قديمة بالية.” كثرت هذه الأصوات ثم تنبهت” هل يعقل ان كل السيارات فجأة صارت بالية؟ 

طبعا، تبين ان هذه موضة! لا أستطيع فهم أي منطق بخرم الاكزوست ليجعله يفقع ويفرقع بالطريق. ولو كان الامر متروكا للصوت المزعج الذي يذكر المرء بإنذارات الحرب التي يتلوها صوت طائرات حربية تحلق فوق رأسك لكان الامر ربما يمكن التعايش معه. ولكن ما يجري أكثر من تلوث صوتي يخر بالأذان ويصمها تدريجيا. ولكنه رعب حقيقي من حادث مروع متربص محتمل قادم لا محاله. 

لان هذه الأصوات تتطلب سرعة تبدأ على الأقل من الستين وعليه يجد السائق نفسه في ساحة سباق سيارات غير آبه بازدحام الشارع الذي صار كشارع المنتزهات بأريحا، يعج بالناس من مشاة وسيارات. 

في السابق كان يسمى هذا الشارع، بشارع الموت، لكثرة الحوادث عليه. قبل سنوات حينما عملت بلدية القدس (الاحتلال) الإسرائيلية على البنى التحتية لتعيد تأهيل الشارع ظننت كذلك كغيري ان هذا سيحسن من الشارع ويقلل الحوادث. فصار هناك خط مشاة أوسع وأماكن لمصفات السيارات، على الرغم من تضييق الشارع لكي تخفف السرعة الا ان السرعة ازدادت وازدادت السيارات. ممر المشاة يستخدم لمصفات السيارات، والأطفال يجولون بدراجاتهم الهوائية بين الشارع وخط المشاة وكأنهم في حديقة عامة. الموتورسايكلات تنفث بعوادمها وصوتها وكأن من يقودها مجموعات هارلي دي فيدسون. يتسابقون أحيانا بالفعل بعروض الموتورسايكلات على الشارع. التراكتورونات المعدة للجبال تتجول كذلك بالشارع بأصواتها المزعجة. وان كان هذا لا يكفي، أحيانا تمر خيول من هذا الشارع. 

وإذا ما كان هذا المشهد سرياليا أقرب الى السخرية، الا انه حقيقي لا يعبر الا عن بعض الواقع لما يجري بهذا الشارع يوميا. فإن الوضع المأساوي بالحوادث المرعبة بين اليوم والأخر.

قبل يومين، دعس فتى لا يتجاوز الثامنة بين الساعة الثامنة والتاسعة مساء على دراجة هوائية. بين سائق كان يجب ان يكون منتبها وبين طفل على دراجة بوسط الشارع بهذا الوقت. 

اليوم وقبل ساعات على مقربة من نفس المكان حادث اخر بسيارتين دخلتا ببعض وبشجرة. طفلة صغيرة بكدمة على وجهها والكثير من الصياح والرعب. 

اما الشرطة الإسرائيلية فحدث ولا حرج. الحقيقة انني اخجل بالكتابة والكلام عن الموضوع، ومع هذا لا اتوانى عن محاولة التعامل مع الموضوع ك “مواطن صالح”، فاتصل برقم ١٠٠ مع كل حاجة تتربص بها كارثة، ولم يعد لهذا الرقم أي نجاعة. يأخذون الاتصال ولك الله. 

في الحادث الذي وقع قبل يومين، ذهبت الى الشرطي غاضبة محملة لهم المسؤولية، فكان اقصى ما لديه ان يقول لي ان علي التوجه للشرطة الجماهيرية. عندما حاولت فهم ما هي الشرطة الجماهيرية قال لي احد الأصدقاء ” انها مثل روابط القرى” . لماذا عليّ التوجه في موضوع شارع يحتاج الى مطبات وتحديد سرعة وتغريم من يخالف سواء بالسرعة او أولئك أصحاب الاكزوستات المخرومة الى شرطة جماهيرية؟ 

اليس هذا الامر من اختصاص الشرطة والبلدية؟ الا تبلغ الشرطة المسؤولين ان هناك مصيبة في هذا الشارع على مدار الساعة؟ هل علينا نحن المواطنين ان نضع المطبات في الشارع مثلا؟ 

اليوم، سيارة اغلقت مدخل البيت مثلا، ساعات من انتظار فرج الله وتدخل الشرطة وظهور صاحب السيارة الذي استغرب وجودنا أصلا. “انا متعود أصف هون” قال لي. واعتذر. وطبعا اخجلني وسكتت. في خضم شعوري بالغضب والحنق بلا أي مقدرة على التصرف، فكرت لو ضربت تلك السيارة او دعوت شبان الشارع لنزيح السيارة ونضعها وسط الشارع، فكرت بكل الأفكار السيئة الممكنة. وقلت في نفسي كيف يصل المرء منا الى التفكير بأخذ القانون بيده. 

بينما الحادث في الشارع المقابل في أوجه، سيارات الإسعاف تأخذ الضحايا المحتملين، يمر أطفال بدراجات هوائية بوسط الشارع بلا أدني اكتراث. تسير الدراجة الى جانب الحافلة الكبيرة. فقط حادث مؤسف يجعلنا ننظر حولنا، نتذكر ابناءنا، نلوم أنفسنا، نراجعها للحظات ونكمل. 

الأهم في كل هذا، هو غياب المسؤولية الجمعية على السلامة في شارع جهنم هذا، لأنه لا يمكن التعويل على الشرطة التي لا تأبه. تأتي فقط عند الكارثة. وللحق أقول، يتدخلون بالكوارث. ولكن هل المطلوب ان تقع الكارثة؟ 

حل الشارع هذا تتمثل أولا بوضع مطبات على الطريق. او الاهم هو وضع المزيد من الاشارات الضوئية .لا يمكن ان يسمح بأن تكون السرعة في شارع سكني كهذا، حتى لو كان حافلا ومزدحما بالمحلات، أكثر من ٣٠-٥٠.

لا اعرف ان كان على ان أقول ان على الشرطة يجب ان تزيد وجودها من اجل ردع المخالفين سواء بالسرعة او من يستخدمون الدراجات الهوائية وغيرها بدون خوذات وعلى الشارع؟ ام على الأمهات والاباء الانتباه أكثر لأبنائهم. لماذا يستخدم طفلا دراجة بلا خوذة؟ ما الذي يفعله الأطفال بالشوارع بساعات الليل على الدراجات؟ 

هل على الشرطة التدخل من اجل السيارات التي تجول الشوارع الاكزوستات المخرومة؟ ام على الشباب ان يتحلوا ببعض الاخلاق والمسؤولية المجتمعية بعدم الازعاج وتعريض أنفسهم والناس من حولهم للخطر؟ 

لا اعرف لمن أوجه هذا المقال، فلا بلدية تكترث لما نقوم به من تصرفات جعلتنا نبدو همجيين متخلفين، وكأن الطبيعي هو هذه الحالة من الهمجية بالشوارع. شباب عند سيارات يرمون البزر ويتركون وراءهم قناني المشروبات ومخلفات اكلهم. يدخنون بشراهة وكأنهم على مقهى. موسيقى عالية لا معنى لها وصخب فتاك. واكزوستات مخرومة تنفث بسمومها فتلوث الجو والبيئة وتعرض حياة المارة والسائقين والجالسين في بيوتهم للخطر.

نشر الوعي يبدو كمن ينشر الشعير امام طيور جارحة في وقت جفاف . الحديث مع الشباب يجعلك على مرمى السخرية . المخدرات منتشرة كمشروبات الطاقة التي تملأ علبها حواف الشارع. رائحة الحشيش والله اعلم ما الذي يتم تدخينه تجعل من المكان اشبه بوكر مخدرات ولكن تحت السماء، لا سقف مغارة .

اترك رد