افلاس المخرج وتفاهة السيناريو=التعري واستباحة الجمهور
مع الأسف لا يحتمل العنوان المزيد من الكلمات، ولكن لو لم أحاول ضبط نفسي بالتعبير المناسب لفيلم صالون هدى، لزدت على العنوان، كفاكم ارتزاقا وانحطاطا على حساب هذه القضية.
ربما يكون هذا الفيلم هو خاتمة الانحطاط لمن يرتزق على حساب هذه القضية تحت اسم الفن.
عندما بدأت التعليقات التي أبدت الاستياء من مشهد التعري بالفيلم، قلت في نفسي، لقد انتهينا من ملابس مريم الداخلية بفيلم أصحاب ولا اعز، والنطف المقدسة بفيلم اميرة لنبدأ بمشاهد اثارة تثيرنا وتستثير مشاعرنا الغاضبة وتلهينا من جديد. فكرت ان الحديث قد يكون على مشهد قبلة ساخنة او جزء ما من الجسد ظهر أكثر مما تتيح الآداب العامة. ولكني لم أكن اعرف انني بصدد رؤية مشاهد عري يمكن رؤيتها فقط في المواقع الإباحية.
يا مَحْلا مايا خليفة ولا سلمى حايك ولا شارون ستون. اسفة للثلاثة أسماء، فلم تبد أي منهن ما شاهدناه من الفنانة الفلسطينية الصاعدة- ميساء عبد الهادي بدور ريم. ولأن المشهد بهذا الوقع من الصدمة، نسيت الممثل العاري الصاعد معها سامر بشارات بدور سعيد. لا اعرف ان كان تعري الرجال يعطيهم أدوار أكثر في السينما كما النساء، ولكن في سوق الانحطاط يبدو كل شيء وارد.
ولكي لا أصيب جماح نقدي بالموقع الخاطئ، فأعتذر لمايا خليفة وسلمى حايك وشارون ستون ومنى زكي و(أصحاب ولا اعز)، فما رأيناه خارج عن كل مألوف. ما رأيناه انحطاط أخلاقي يخدش بما تبقى لنا من كرامة قضية وحياء انسانيّ.
ما يحصل هو اباحية تحت اسم القضية الفلسطينية. ولا يسعني الا ان أقول.. عيب.
منذ متى والجسد بهذا الرخص والبخس؟
بعد ان انتهيت من صدمتي من المشهد الذي يصدم المرء لبرهة جيدة من زمن الفيلم لتعرية كاملة لكل الجسد بما يتضمنه الأعضاء التناسلية لكل من الممثلة والممثل، اخذني الكثير من الوقت لاستعادة عقلي وتابعت المشاهدة، لعل هناك ما يستدعي هذه الاستباحة وقلة الحياء والانحطاط.
على الرغم من ان الممثلين مخضرمون- اسفة- لا أستطيع كتابة كلمة محترمين لكونهم ارتضوا ان يكونوا جزءاً من هذا العمل. فلقد كان السيناريو ركيكا بطريقة تافهة. كلمات او عبارات عابرة تبدي بعض المعنى، امتهان للتمثيل وكأن الممثلين في داخل ورشة تدريب تمثيل. هناك على سبيل المثال، مشهد ل(ريم) بينما تمشي الى جانب الجدار مأخوذ بكل حركة منه من مشهد في فيلم آخر.
السيناريو تائه بين إسقاط المخابرات الإسرائيلية للنساء والذكورية. الحقيقة انني لا اعرف كيف أزج الذكورية هنا كذلك، ولكني تهت بالبطلة الضحية (ريم)المتذمرة من زوجها غير المتفهم، بين حقها بالا يمسك هاتفها في نفس اللحظة التي كانت تكلم فيها ضابط المخابرات. ولم نفهم أي مغزى غير استخدام كلمة كافر والضحك على كلمة الحاد وسط غداء عائلي، من ثم تقوم البطلة لتستفرغ بعد سماعها انه تم القبض على هدى (منال عوض) صاحبة الصالون. مشهد الاستفراغ بالحمام لريم ومن ثم فتحها للدش والاستحمام بملابسها كان تزيّداً لا قيمة له. لا افهم كيف خرجت من الحمام بنفس القميص ونصفه مبلول او شبه مبلول ونصفه ناشف او شبه ناشف. المفترض ان الفيلم تم تصويره في الشتاء، فهناك ملابس صوفية وصوبة غاز والدنيا برد. كيف خرجت من الحمام وبقيت بنفس الملابس؟
طبعا، لأننا امام فيلم يترزّق على الاستشراق. إذ بدأ بمشاهد لبيت لحم او بيت جالا، ولا اعرف كيف استطاع المصور ان يرصد حمارا لتوثيق ما يراه كمظهر للتخلف في بلادنا.
المجرمة هدى (منال عوض) والمحقق من “الشباب” حسن (علي سليمان) والسيناريو الاستعراضي يجعل المجرمة إنسانية أكثر ربما لا اعرف، ولا اعرف كيف صار هو في وضع الضعيف الإنسانيّ كذلك. الحقيقة ان الأمر لا يستحق حتى التحليل. فكيف يمكن فهم الحوار الدائر بتبرير( هدى) لما تقوم به على خلفية ابتزازها بصور لوضع مخل مع رجل غير زوجها، ومن ثم طلاقها وحرمانها من اطفالها. فتسكته بقولها: هل تعرف انت زوجي؟ وكأن الحياة مع زوج سيء يعطيها العذر لكل هذا القبح.
السيناريو من بعد المشهد الأول مبني على نص ركيك مركب مبتذل، يسمّع فيه كل واحد دوره تسميعاً. ولأن حسن وهدى (علي سليمان ومنال عوض) لهما باع في التمثيل، فكان اداؤهما الأكثر ابتذالا. لا اعتقد انهما استطاعا ان يصدقا ما كانا يردداه.
لم يكتف أصحاب العمل من مشهد العري الكامل للممثلين في الجزء الأول من الفيلم، ولكن صاحبتنا الصور التي يتداولها “الشباب” للبنات اللاتي تم اسقاطهن على مدار المشاهد الكثيرة.
في مشهد “تحقيقي” يتباحث المحققان بالصور ويتساءلان ان كان يمكن الاستدلال عليهن من خلال الصورة. في كل مرة يحمل الصورة ويتأملها أفكر بماذا فكر؟ كيف للإنسان ان ينظر الى صور كهذه بهذه الاعتيادية. مشهد مضحك ومبكي ومخزي.
هذا بالإضافة الى الابتذال باستخدام المصطلحات النابية. لا اعرف منذ متى وأصبحت هذه المصطلحات عادية الاستخدام.
أحيانا اظن انني لست من هذا المكان!!!!
لا اشك ان هنالك الكثير من القصص المأساوية والمعاناة التي نعيشها. ولكن بينما يعاني المواطن، ويحاول استجماع نفسه وسط دوامة من صعوبات معقدة ومركبة ومليئة بالتشوه البصري (الشارع وأزماته وجداره وحماره)، والصمود ما أمكنه امام الاحتلال، هناك من يستبيحون المجتمع وازماته ويرتزقون على ما تبقى من اسم لهذه القضية.
في الفيلم السابق- اميرة- الذي جمع المخرج (هاني أبو اسعد) الحالي وعائلته، كنت اعتقد ان الخيال قد خانه. وبحق كنت أفكر اننا نحتاج لمن يزحزحنا عن المسلمات في عقولنا بشأن قضيتنا لنتفكر. منذ فيلم (الجنة الآن) و(عمر) مرورا ب(أميرة)، التمست دائما لهم العذر.
ولكن هذا الفيلم عبارة عن استباحة حقيقية للإنسان الفلسطيني. استباحة للفن. استباحة للإنسان المحترم أينما كان.
بكل اسف…. ما تم تقديمه انحطاط.
انّها إهانة لنا كفلسطينيين، ان يتم تقديم الفن باسمنا هكذا.
One comment