مأزق إدارة الصراع بين إسرائيل والسلطة: انحلال الحلول

 

لأول مرة يمكن النظر الى الوضع الحالي المتمثل بما يسمى الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والقول ان الأفق مسدود للغاية. 

فلا السلطة تملك أي حل ولا إسرائيل تستطيع إدارة الصراع بنفس الية إحلال الحلول بضخ الحياة في هذه السلطة اكث. 

ما الذي تبقى امام إسرائيل لتفعله لتبقي سلطة أبو مازن على قيد الحياة؟ 

فالتنسيق الأمني صار سياسيا واجتماعيا، وما ينقصه ان يقوم الرئيس الإسرائيلي بإرسال برقيات زهور اعتذار للمقاطعة عن جرائم قتل جنود جيشه للفلسطينيين. 

فهذا المشهد الهزلي الأخير بتبادل الرئيسين للتعازي بالقتلى، إن اكّد على شيء، فهو يؤكد أن إسرائيل تستميت من اجل ابقاء سلطة أبو مازن على قيد الحياة. هذه المرة بأنابيب تنفس لجسد بالفعل هالك. 

وبين الاعتذارين، رئيس منعزل عن شعبه وعن فصيله، فالفصيل يعلن العملية كإنجاز لكتائبه، والرئيس يدين ويتباكى الضحايا. ورئيس (هرتسوغ) يصدر تعليمات القتل لجنوده ويعتذر عن قتل خطأ بينما يستمر جنود جيشه بالقتل والقنص بما يبدو نهجا جديدا منذ اغتيال الشبان الثلاث في نابلس قبل شهر واغتيالات جنين قبل ايام. وقد يكون استشهاد المحامي محمد عساف صبيحة هذا اليوم استكمالا لهذا النهج.

اباطرة الفصيل يختالون بتصريحات لا يعيرها احد الا السخرية لمقاومة يحاولون اللحاق في ركبها اذا ما سمحت هناك فرصة، واخرون يصمتون صمت الأموات ولقد اعتدنا على تغريداتهم في كل شارد ووارد. متحدث الرئاسة يشجب أفعال إسرائيل والرئيس يدين العملية الفدائية. رئيس الوزراء يلعن الاحتلال ويحمله مسؤوليات القتل وحكومته تطحن بالشعب من غلاء الى محاباة وفساد يسلطنون به من كل اتجاه. 

ورئيس وزراء تخلى عن العناقيد وتعلل بجرائم الاحتلال كذريعة يندد ويدين بها وراء فشل حكومته واحلال الفساد في المنظومة من كل صوب، بينما يدعورئيس وزراء (بينيت) المواطنين للتسلح.. 

الفرق بين ما يجري اليوم، وما جرى عقب اندلاع الانتفاضة الثانية قبل عقدين، انّ إسرائيل لم تكن تريد أبو عمار. كانت العمليات الفدائية فرصة لاقتحامات واجتياحات للمدن الرئيسية بالضفة الغربية. لوهلة ذهب التحليل ان جنين ستشهد اقتحامات شبيهة بما جرى بأحداث ال٢٠٠٢ في نفس الوقت من العام حينها عند اجتياح مخيم جنين. لم تكن إسرائيل حينها بهذه القوة (التي لا تقهر) ولا بهذا القدر من العنجهية (حيث لا ترى شريكا ولا حاجة لسلام او حل سياسي). لم تكن العمليات اقل خسارة في قلب مدنها الرئيسية. فما الذي يدفع الجيش الذي لا يقهر بعقول المرتعبين من الرد العنيف، غير قلقهم الحقيقي بأن الوضع الذي تعيشه الضفة على صفيح بركان هائج يترقب الانفجار، لن يحتمل أي حركة اجتياحية واسعة واستفزارية؟ 

فمجرد اجتياحات اعتيادية تزيد وتيرتها بعض الشيء مما تعيشه الأراضي الفلسطينية منذ سنوات، صار فيها مشهد الدبابة والجيب العسكري وجرافات الهدم والمستعربين والقناصين لا يجلب أي غرابة، وهو ما يحصل منذ أسبوع وبصورة يومية. 

لأول مرة نرى أهمية بقاء السلطة المتمثلة بشخوصها وادارتها وتنسيقها وعرابيها كما هي. هرتسوغ لا يعتذر فقط عن قتل فلسطينية، ولكن يتم مصادقة مجلس الوزراء الفلسطيني على تعيين ١٥٠٠ عنصر جديد للأمن. 

في وقت تعجز السلطة عن دفع الرواتب، تقوم بتعيين ١٥٠٠ عنصر جديد للامن. في نفس الوقت الذي يخرج فيه الممرضون للاضراب مطالبين بأدنى حقوق الموظفين، والمعلمون يعلقون الاضراب بعد قرار الحكومة المصادقة على اتفاق بين وزارة المالية والتعليم. من جهة تلعب هذه السلطة على حبال مواجهة الاحتلال من اجل وجودها، وتحارب الشعب من اجل استحواذها على كل مكامن السلطة، فيستمر الرئيس بتصدير القرارات ويقوم مقام القانون. ما جرى مع نبيل شعث مستشار الرئيس الذي لم يتمكن من مقابلة الرئيس من اجل فهم سبب الطلب منه الاستقالة من مناصبه بهذا الشكل المهين، يؤكد ان هذه النار بدأت تأكل أصحابها. مستشار رئيس لا يتمكن من رؤية الرئيس. 

فانتخابات البلديات التي ادعت فتح “اكتساحها” يبدو ان الاكتساح كلمة محبوكة المعاني. فما يجري بتشكيل مجالس البلديات ورئاستها يؤكد على تكسير عظام واكساح من لا يستجيب لتنازله او قبوله لما تمليه فتح للمجالس: الخليل واريحا وبيت لحم وبيت جالا امثلة ليست الوحيدة. ما نشره رئيس بلدية بيت جالا الفائز بالانتخابات مناشدا الرئيس بكل مناصبه بالتدخل محزن ومؤسف. ولا يمكن لنا ان نسمي ما يجري مؤشرات خطر فقط. نحن في الجحيم بالفعل. 

لم الحاجة للمزيد من عناصر الأجهزة الأمنية؟ لتعزيز التنسيق الذي فشل في التفشي في كل بيت وزاوية؟ ام للاستفحال اكثر في عقول وقلوب الناس التي لم تعد تأمن اسرارها الا في قلوبها، ولا تعلم نواياها الا عند حدوثها. 

كيف اجتمع الظلم في كفة، والقمع والاستبداد في كفة، ليترجح الحفاظ على الوضع القائم كما هو؟ 

عمليات قتل علني وبدم بارد يومية من قبل الاحتلال بلا هوادة، وتنسيق حامي الوطيس ودعم لابقاء السلطة متماسكة. والشعب مطحون مسحوق بين غلاء وانعدام امن وعنف وغياب قوانين، الا التي يقرها الرئيس لتمكين اباطرته مما تبقى من هذا الشعب ومن هذه الأرض في جيوبهم. 

استيلاء على الأراضي واستباحة للقانون واكتساح للسيطرة. 

شعب مطحون ومسحوق بين تنكيل وقتل. قتل بدم بارد على حاجز او طريق. 

واقتناص فرصة للبكاء والعويل الكاذب على ضحية جديدة.

فإسرائيل بانشغال حكومتها بإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل انهيار محتم قريب، يزداد بطشها وتطرفها اكثر من الحكومة الحالية. والمعارضة المتربصة بقيادة نتانياهو الذي يستعد للعودة بقوة. حكومة جديدة سيكون شعارها لا ” لا مكان الا اليمين، ولا مكان في اليمين الا اليهود”، تصفيات حسابات سياسية سيكون الشعب الفلسطيني اضحيتها. اضحية تقدمها السلطة الفلسطينية جاهزة على مأدبة. واضحية تقدم إسرائيل فيها ايمن عودة ربما قربانا لمن ظن ان إسرائيل يمكن ان تكون دولة لمواطنيها العرب بديمقراطية.

ما يجري على الأرض يؤكد حقيقة واحدة: ان السلطة لا تمثل الا افرادها المنتفعين منها وإسرائيل. فالشعب يعود لتشكيل هويته التي شوهتها منافع السلطة والفصائلية الاقصائية. فالفتحاوي والجهادي والحمساوي والجبهاوي يعيد تشكيل نفسه بلا فصيل يحدد مساره. ما يحدد المواجهة اليوم هو حدود الاحتلال التي فرضت الفرقة وقسمت الأرض والانسان وحاول تحديد الفلسطينيّ باسم يشكل هويته فصيل. هذه المواجهة التي احلّها المقاوم الفلسطيني أيا كان الانتماء الحزبي الذي يشكله. فلا حلول يمكن فرضها في حل إسرائيل لهذه السلطة. 

وكما قال الأسير البطل محمود العارضة : “ان هذا الوحش هو وهم من غبار” …. هذه الوحوش هي وهم من غبار.

One comment

  1. سيدتى، أنت أعلم منى بما يجرى فيما تبقى من الضفة. سلطة عباس وعصابته، لا تؤمن إلا بمن يحافظ على إستمرارها، وهو ألتنسيق ألأمنى المقدس، ولولا هذا التنسيق، لقام بينيت بشحن عباس وعصابته فى سيارات الزبالة وقذف بهم خارج الضفة. أنظرى ما يحصل للأقصى يوميا! هل حل يوم تدميره؟! هل سمعت يوما قام عباس أو أى من عصابته بالصلاة فى ألأقصى؟! حتى الوصاية الهاشمية أراها تترنح ولا تستطيع حماية قداسة ألأقصى. ألسكوت على ما يجرى للأقصى هذه ألأيام، هو الذى شجع العدو على ألتمادى فى غيهم، ويريدون أن يتقاسموا ألأققصى كما تقاسموا الحرم ألإبراهيمى فى الخليل بعد مقتل 29 مصليا، قام عرفات لعنة الله عليه، بمنح أولاد عمه ألحرم. طبعا عباس لا يقبل أن يكون عرفات أكرم منه، فهو يريد تقاسم ألأقصى. ألوضع فى الضفة لا يطاق أبدا،ألعدو يريدها يهودية بالكامل، والسلطة تبارك له. لم يبق إلا ثورة الشعب، لأن أهداف اليهود ليس لها حدود! كما إدعوا أنهم يهود وهم بالحقيقة من خزاريا ألتى تهودت.

اترك رد