منذ مدة وانا انأى عن الكتابة المتعلقة بالحكومة بكافة مكنوناتها الكارثية. فلم يعد هناك ما يقال. لأن القول قد تصبح نتيجته القتل ولا حياة لمن تنادي.
في السابق كنا نقول لعل وعسى يصلح الحال. لعل القول يساعد في اصلاح هذه المنظومة البالية. لكن أصبح القول وسيلة تقرب فيها عملية التنكيل والقتل. فكلنا على درب نزار…قتلى… ما جرى قبل أيام قليلة مع الأخ محمد عمرو وابنه يؤكد ان هذا النظام بينما يلفظ انفاسه الأخيرة يحاول ان يسحق كل ما يؤرق أنفاسه.
فكل ما يجري حدث ولا حرج…. القضاء منهار ويتحكم في كافة اركانه الرئيس. الامن لخدمة الاحتلال وقمع المواطن. القوانين تصدر وتمنح وتلغى في الوقائع، ولا اعتبار لمتابع ولا لناقد ولا لمن يحاول ان يصدر اعتراض او رأي.
الانتخابات انتهى الامل منها، فمن انتهاكات الى توابع ما يجري في تشكيل مجالس البلديات بعد الانتخابات المحلية الأخيرة تنذر ان الانتخابات العامة ستكون مآلها ان حصلت سفك دماء.
والمواطن مطالب بالدفاع عن المقدسات والأرض والكرامة بجسده العاري. لتقوم الحكومة واربابها من كل اتجاه بالشجب والمطالبة والبكاء. لتصبح القدس مرة أخرى عنوان انتهاك صارخ من كل صوب لمنتفع ولمحتل غاشم.
ولكن امام التعليم، والذي لا اعرف ان تبقى منه كذلك أي شيء، تناولت المواقع المختلفة تصريحا لوزير التربية والتعليم يقول فيه: “فلسطين تتعرض لهجوم عالمي ممنهج على تعليمها، لأنه نموذج عالمي للتعليم المقاوم.”
لا اعرف عن أي تعليم قصد الوزير، فربما قصد بذلك التعليم الذي تعلمه هو قبل خمسين او ستين عاما. عندما كان التعليم يخرج مقاومة. في وثائق مسربة من الاعلام الإسرائيلي لمكتب الرئيس الفلسطيني اثناء الانتفاضة الثانية عن موقف قوى الامن من المقاومين في جنين، لفت انتباهي الخط وسلامته، واللغة ورصانتها. قبل عقدين وثلاثة لم يكن التعليم قد شوه لدرجة ضاعت فيها اللغة من كل مضامينها وتفكك التعليم وتناثر لتصبح المدارس مجمعات لمحو الامية في أحسن احوالها.
شاهدت المؤتمر الصحفي الذي قدمه وزير التربية والتعليم والذي كان مدروسا في كل كلمة بوضع صعب كالذي تمر فيه الوزارة، فإضراب المعلمين لا يزال قائما على الرغم من تصريح الحكومة قبل أسابيع قليلة على اتفاق بين نقابة المعلمين والحكومة. ومع هذا قامت وزارة التربية والتعليم بإصدار قرارات تعسفية بشأن بعض المعلمين المضربين الذين تلقوا خصومات من معاشهم على أيام الاضراب. وفي هذا الصدد كتب الإعلامي إيهاب الجريري منشورا يكفي عنوانه للتعبير عن الحقيقة المرة: سقطت الحكومة وسقط الاتحاد العام للمعلمين في امتحان الكرامة.
في مؤتمر وزير التربية والتعليم الصحفي، تكلم فيه عن قيمة المعلم ووعد بإصلاح ذات البين، وتكلم عن أهمية المعلم والتعليم، بدأ كلمته عن الهجمة الكونية على التعليم واهميته وانتهى بالشكر والامتنان للرئيس ورئيس الحكومة، على الرغم من انه في متن حديثه عن القرارات الموعودة انه لا يقدم الا ما يستحقه المعلمون وما هو لهم أصلا. اما العلاوات التي ستبدأ بالتنفيذ- ان كان هناك استطاعة للحكومة بتقديمها ستكون فاعلة سنة ٢٠٢٣ وأخرى سنة ٢٠٢٤.
الحقيقة ان كلمة الوزير المدروسة ذكرتني مرة أخرى بالرسائل التي ذكرتها سابقا، فعندما كان التعليم يرتكز على الحفاظ على الانسان وهويته من حيث أهمية تعليمه، كان بمقدار الانسان الذي يملك الكفاءة ان يمسك بزمام الأمور حتى في اصعبها. فتلك الوثائق على سبيل المثال تركت فيّ الأثر الإيجابي لطريقة كتابة تؤكد ان من كتب بالرغم ما كتبه كان فهيما. ووزير التربية والتعليم هكذا، رجل فهيم متعلم لبق كاريزماتي يريد قول الصدق. يريد تعليما كما في دول العالم المتقدم..كما التعليم الذي تلقاه وقدمه لأبنائه. ولكنه أخفق في البداية والنهاية على الرغم من فصاحة لسانه، عندما ركب ركْب السياسة، مما جعلني اتساءل: هل بالفعل يصدق ما يقوله؟
فيكفي ان يتجول وزير التربية والتعليم بالمدارس ويقارن بين مدارس الحكومة والمدارس الخاصة ليتأكد ان التعليم ليس بخير. التعليم المقاوم الذي يخشاه العالم لا يتم تعليمه في المدارس، فالمنهاج الفلسطيني صارت فيه رام الله العاصمة والبحر يحد الدولة الفلسطينية من جهة بيت لحم. يكفي ان نرى الكتابة وتدهورها بين “كول لحترام” ورسائل بعض الشهداء لنبكي حال ما الت له اللغة.
قلة الحديث عن مأساوية قطاع التعليم لا يقول ان الأمور بخير، ولكننا يئسنا من الحديث. فالانهيار القائم في كل شيء ركيزته تعليم بالي. فعن أي تعليم مقاوم نتكلم؟
ولا اعرف ان غابت عن وزير التعليم الحنكة السياسية في وقت قرر الاتحاد الأوروبي فيه منع المخصصات المالية بشأن التعليم الفلسطيني لأن المناهج الفلسطينية تحريضية بالنسبة لهم. فهل صدق وزير التعليم ان المنهاج بالفعل تحريضي؟
في السابق كنا نخشى على أبنائنا عندما نرسلهم الى المدارس الخاصة والأجنبية من إمكانية ابتعادهم عن هويتهم الوطنية. اليوم صارت المدارس الخاصة والأجنبية أكثر وطنية في مناهجها من المدارس الحكومية. ناهيك عن تردي المنظومة التعليمية وانهيارها. فكيف لنا ان نعول على معلم يتم التعامل معه في أدني سلم الوظائف من حيث المعاش. كيف لنا ان نتوقع من المعلم ان يبني جيلا سليما وطنيا وهو بالكاد يستطيع ان يكفي عائلته يومين بعد تلقي معاشه الشهري.
عن أي تعليم مقاوم يتحدث والمعلم ممنوع من التعبير عن نفسه، وإذا ما طالب بحقه يتم فصله وتأنيبه وقطع معاشه.
والصفوف المدرسية والمدارس حدث ولا حرج. اكتظاظ ومدارس اشبه بمدارس خرجت للتو من حرب.
الحقيقة انني عندما قرأت ما يتم تداوله من تصريح اولي لوزير التربية والتعليم لم اصدق انه يمكن ان يقول هكذا قول. ان يركب ركب سلطته التي تعتاش على الشعارات الفارغة الرنانة كإنجازات لها. ولكن عندما سمعته كانت الكارثة أكبر مما قاله في البداية، فلقد ركب الركب وصار يجدف بمركب هذه السلطة المتسلطة في كل شيء. فلم يستطع ان يختم بلا تقديم الولاء والطاعة لمعلمه الأكبر. وها نحن نغرق في “انجاز” وزير و”مقاومة” وزير.
ألسلطة سيدتى، أصبحت تحت عنوان “فالج لا تعالج” لا يهمها إلا مصالح أفرادها المالية. كم أصبح الرصيد؟ وهل هذا كفاية؟ أم نريد المزيد!!! أصببحوا يرددون، ما لنا ومال فلسطين! ألمهم ألرصيد ولتذهب فلسطين وقضيتها للجحيم. فى معظم تعليقاتى، كنت أشير للسلطة على أنها العدو ألأول للشعب الفلسطينى، ويجب القضاء عليها، قبل ألإستدارة للمحتل. ألأقصى فى خطر. ألأقصى فى خطر! كما تنازل الخنزير عرفات عن الحرم ألإبراهيمى، سيقوم المنحط عباس، قاتل نزار بنات بالتنازل عن ألأقصى!!!