العلاقات النرجسية: الخلاص منها بطلوع الروح

العلاقات النرجسية: الخلاص منها بطلوع الروح 

الحب التفجيري، مصطلح تنبهت اليه في قضية الممثل جوني ديب وطليقته الممثلة امبر هيرد

يبدو الاهتمام بموضوع هذا الطلاق الأكثر فضائحية في تاريخ النجوم في تزايد اكثر في كل يوم. 

لأول وهلة يذكرنا الامر بما يجري بين الفينة والأخرى بأخبار النجوم. العام الماضي شهد الكثير من الانفصالات العربية، عمرو دياب ودينا الشربيني، شيرين عبد الوهاب وحسام حبيب وحلاقة شعرها، اصالة نصري وطارق العريان وغيرهم. ولكن القصص الأجنبية تبقى أكثر اثارة ومدعاة للتأمل والتحليل. طلاق كيم كاردشيان اثار بعض الانتباه بانعكاسات اضطراب شخصية كيني ويست الذي بدا محطما بالكامل وبدأت تصرفاته تثير القلق. ولكن قضية طلاق ديب وهيرد مختلفة، لأنها أولا قديمة، فالقضية أثيرت قبل أعوام ولحق ديب الكثير من التداعيات التي انهت فعليا حياته العملية، فسحبت منه البطولات وانهيت التعاقدات. ربما اختارت طليقته حينها وقتا مهما عندما انتفضت النساء القويات في تلك المجتمعات لتقول “أنا أيضا“، فصارت قصة المرأة هي القصة الأقوى والوحيدة. يقولون عادة من يملك الرواية يملك الحقيقة، وهكذا كان في تلك القصة. فكانت الرواية الاولى لامبر التي خرجت امام الملأ بعلامات ضرب على وجهها وبكاء جعلها تكسب التعاطف وتسيطر على القصة. 

رجل معتوه اخر سقط… هكذا كان الوضع حينها. فبدا نجم قراصنة الكاريبي قرصانا حقيقيا. 

بعد عدة أعوام تم فتح القضية من جديد، بعد خسارات متوالية لديب، طالب ديب هذه المرة بتعويض للتشهير به مع براهين جديدة امام المحكمة. تحول فيها ديب من ضارب الى مضروب. ومن جلاد الى ضحية. 

خلال شهادته تكلم عن بداية علاقته الزوجية بامبر التي انتهت بعد سنة ونصف، حيث انها كانت تستقبله عند عودته من العمل بإصرار على خلع حذائه. كان ديب مأخوذا بهذا التصرف الذي لم يره في حياته قط. هذا القدر من الحب الذي تكنه امبر الشابة الفاتنة الجميلة له، ويجعلها تقوم بخلع حذائه يوميا. ولكن في أحد الأيام دخل البيت وخلع الحذاء لوحده، وإذ بها تنفجر غضبا عليه. 

من تلك اللحظة بدأت شخصيتها توحي أشياء غريبة. 

“الحب التفجيري” هو المصطلح الذي يطلقه من عانى بعلاقات نرجسية على تصرف امبر. من السهل جدا ان يلتقط من تعامل مع نرجسي في حياته أثر النرجسي في التعامل. 

الحقيقة، انني لا اخذ طرف ديب ولا طرف امبر هنا. فكما قلت بالبداية، من يمتلك الرواية يمتلك الحقيقة. وهنا، قرر ديب الخروج بروايته. وتبدو هنا هذه الحروب حروب قراصنة لا شأن لنا نحن اهل اليابسة بها. ولكن المثير هنا هو خروج هذه القصة لتلقي الضوء على المشاكل والاضطرابات المتعلقة بالشخصية مثل النرجسية وثنائية القطبية وغيرها ربما. ولكن هذه الإشكاليات في الشخصية تؤكد مرة أخرى ان هذه الأمور عندما تتعدى كونها اعتيادية، فأثرها يصبح كارثيا. 

فمن منا لا يحب ان تحلق بلالين الحب وتتفتح وروده وتتفجر الينابيع ويشاهد من بعيد تساقط النجوم؟ فليس كل دلال مرضا، وليس كل فعل رومانسي يخبئ وراءه معتوها. النرجسية مرعبة عندما يتعدى وضعها الاهتمام الاعتيادي بالذات. الفرق بين النرجسي والانسان الذي يحب نفسه، ان النرجسي بالأصل لا يحب نفسه على الرغم من اهتمامه الشديد بشكله وانعكاساته. 

الغيرة عندما تصبح تحكما. 

التحكم عندما يصبح هوسا وعتها. 

الهوس الذي يغلفه صاحبه بالاهتمام والحرص. 

صفات نرى تبعيات افعالها ونسكت. نتغاضى عن المؤشرات التحذيرية التي تخرج امام عقولنا مرارا، ونستمر بعدم الاكتراث. يغدقون هؤلاء الاهتمام حتى الإغراق فيه. يصبح الشخص مدار فلكه وكواكبه. يغدق بالهدايا والعطايا والاهتمام، وينقلب بقدر مدارك الفلك وانقلاباته إذا ما شعر بأنه لا يسيطر. 

فينقلب الاهتمام الى اتهام. ويصير الإهمال مرادفا لما كان للتو اغداق في الاهتمام. ويجد الشريك نفسه في دائرة مظلمة قاتمة لعلاقة تخنق روحه. وكأنه يصحو على حياة شريكه فيها مصاص دماء. 

ربما من المهم الانتباه جيدا الى هذه العلاقات. الهروب فورا عندما نعي ان الشريك ليس الا ظلا لإنسان معتم النفس، روحه ميتة. 

وربما علينا الانتباه الا ننتج هكذا شخصيات في أبنائنا. فكل ما يصير عليه هؤلاء هو نتيجة تربية وطفولة مليئة بمعاناة لم يتم ضمد جروحها جيدا، لتطفح على شكل دمامل يمكن ان تصبح سرطانية وتشويهية في المستقبل. 

بالختام، قد تكون احكامنا بشكل عام فورية ومبنية على الانطباع الاولي والفطري ربما: الرجل ظالم، متكبر، نرجسي، ذكوري، …. المرأة مسكينة، صبورة، متحملة، تغرقك في الحنان والاهتمام… ومرة أخرى من يملك الرواية يملك الحقيقة. وامامنا تبقى الحقيقة التي يجب ان نعقلها امام روايتين. فلا قاعدة تقول ان الرجل هو على الجانب الظالم للأمور، وليست كل امرأة مظلومة دائما. 

النرجسية ليست حكرا على الرجل وما يقابلها من “اعتماد مشترك” ليس حكرا على النساء. ولا النرجسية صفة بمن يملك المال ولا ما يقابلها من نرجسية مبطنة بتصرفات الحب المتفجر كسلوك حكر على من يستطيع الإغراق بالأمور المادية. العلاقات الإنسانية معقدة، والسلوك الإنساني عندما تضربه العقد النفسية وامراضها يجعل من العلاقات مظلمة تنتهي في قبح يترجم امام المحاكم. 

ربما يتعين علينا دوما الا نتسرع برمي أنفسنا بعلاقات نشك بأنها قد تؤول الى تسمم عاطفي. 

وقد تكون هذه القضية- ديب هيرد – مؤشرا هاما لكيف يمكن ان تنهار العلاقات من هذا النوع. العلاقات المبنية على سموم النرجسية التي تبدو للوهلة الأولى انها ازهار النرجس الذي يلفت الأنظار ويسرقها لوهلة. 

في الحقيقة، انها ليست الا طريق معبدة الى جهنم… وقد يكون ما رأيناه في مسلسل بطلوع الروح انعكاسا يتجمع فيه المعاتيه من النرجسيين بكافة مستوياتهم ليكونوا مركز العالم، سواء كانت هذه الشخصيات متمثلة بشاب تائه بفراغ حياته المليئة بكل شيء كشخصية أكرم. أو كان نرجسيا متأصلا في صفاته لم يتح له رغد العيش بالولادة فرصة ظهوره فصار اميرا داعشيا ليحصل على هوسه- عشقه- بروح. او كان بنفس القدر من النرجسية كأم جهاد. حالات متعددة من السلوك المرضي وجدت ساحة التطرف العته لتكون مكان انبعاثها. وضحايا تهرب ان استطاعت بطلوع الروح. 

اترك رد