تخطى إلى المحتوى

البتراء … العجيبة المتجددة

بنى الانباط البتراء في القرن الرابع قبل الميلاد كعاصمة لمملكتهم (٤٠٠-١٠٦ ق م) التي امتدت حدودها من ساحل عسقلان غربا حتى صحراء بلاد الشام شرقا. ومن دمشق شمالا حتى البحر الاحمر جنوبا. كان موقعها على طريق الحرير المتوسط لحضارات ما بين النهرين ومصر وفلسطين دورا مهما مكن الانباط من التمسك بزمام التجارة لتسمى بطريق الملوك ، كانت ، حيث تحكمت بمرور القوافل التجارية بين حضارات الشرق القديم.عام ٣٠٠ قبل الميلاد، بنى الانباط مستعمرة حضرية، فقاموا بنحت أحيائهم السكنية ومبانيهم وقبورهم في الصخور بجانب الجبال. وفي أوج ازدهارهم في القرن الأول قبل الميلاد كان يعيش في مدينة البتراء مايقارب ٣٠ الف نسمة. .

نقع المدينة على منحدرات جبل المذبح، بين مجموعة من الجبال الصخرية الشاهقة، التي تُشكل الخاصرة الشمالية الغربية لشبه الجزيرة العربية .

قبل الانباط، عاش الادوميون واستوطنوا التلال المحيطة ما بين القرن السادس والثاني عشر قبل الميلاد. اشتهر الادوميون بصناعة الفخار وتقولوا الصناعة الى الانباط العرب. 

كان الأنباط في البتراء يتكلمون لغة تشبه الآرامية. وقد أصبحت البتراء عاصمة ثقافية موازية ومساوية للمدن الفينيقية والافريقية، و يُعتقد أن الخط العربي الأبجدي قد نشأ وتطور في هذه المنطقة، على يد الانباط وقد انتشر الحرف النبطي بعد أن تبناه الاسلام، وكُتبت به لغات أمم أخرى في بلاد عدة لا يقل مجموعها عن خمسة عشر.أنتج الأنباط أواني فخارية جميلة، ومباني عظيمة تأثر معظمها فيما بعد بالأسلوب الروماني. في بداية القرن الأول الميلادي، أصبحت مدينة البتراء مركز التجارة مجدداً بسبب الحروب الدائمة. وخلال وقت قصير، أصبح الأنباط أثرياء وأقوياء بما في الكفاية ليبسطوا سيطرتهم على المنطقة. ولكونهم زادوا ثراءً تحسن أسلوب حياتهم، وهو ما انعكس بدوره على الديكورات الفخمة الموجودة على قبور الأنباط الجدد.

غزا الجنرال الروماني بومباي المملكة النبطية في حوالي عام ٦٠ قبل الميلاد، إلا أنه سمح بقدر من الحكم الذاتي . ولقد كانت نهاية دولة الأنباط على يد الرومان عندما حاصروها ومنعوا عنها مصادر المياه سنة ١٠٦، حتى ضموها لإمبراطوريتهم، وأطلقوا عليها اسم مقاطعة “Arabia Petraea”، وعاصمتها البتراء.

.حقق الانباط أرباحًا كبيرة من التجارة الرومانية والهندية والعربية التي كانت تتم على أراضيهم. إلا أن استيلاء الرومان على البتراء جعلهم يسيطرون على هذه الطرق. وقد بدأ الرومان ببناء وتشييد أبنيتهم الخاصة في البتراء وأقاموا في المدينة مدرجاً، كما قاموا بتشييد معبد قصر البنت، وهو البناء الوحيد الذي ما زال قائماً في قلب المدينة حيث كان يقع السوق الكبير. وفي هذا المكان كانت القوافل تقايض القوافل الأخرى القادمة من الغرب بالتوابل والعاج والعنبر والقماش. استمرت البتراء مركزًا تجاريًا مهمًا لمدة قرنين آخرين من الزمن. وبعد ذلك تضاءلت أهميتها مع استمرار بعض المدن في الشمال مثل تدمر بجذب التجارة إليها. وبالتدريج غادر التجار وغادرت معهم جيوش الرومان التي كانت مهمتها حماية الطرق التجارية. وبعد تحول الامبراطورية الرومانية الى المسيحية، حظيت البتراء بميزانية، وتحولت بعض أبنيتها إلى كنائس. لكن المدينة التي حكمها البيزنطيون، فقدت مجدها السابق ولم يتبق منها إلا الاطلال.

أصبح من تبقى من سكان البتراء يعتاشون على الزراعة قبل وصول الاسلام للشام، وتحديدا في سنة ٦٣٦، لكن الزلزال الذي ضربها سنة ٧٤٦ و ٧٤٨ وزلازل أخرى قامت بإفراغها من أهلها. وقد ورد ذكر منطقة البتراء وجوارها في المصادر التاريخية المعاصرة للحروب الصليبية. وتشير هذه المصادر إلى أن وادي موسى كانت منطقة خصبة، وبها مياه وفيرة، كما تشير الوثائق التي تعود لهذه الفترة إلى وجود كنيسة في منطقة جبل هارون. وقد قام الصليبيون بحملة عسكرية على البتراء ووادي موسى تألفت من الفرسان والمشاة في نهاية عام ١١٠٠ وبقيادة الملك بلدوين الاول . وقد شيدوا فيها قلعتين بعد ذلك.[بنى المماليك مقاما للنبي هارون في البتراء على جبل يرتفع ١٣٥٣ متر عن سطح البحر، في سياق اهتمامهم بالمقامات والقبور. ولكن المدينة دخلت في سبات طويل في الفترة العثمانية، وحتى إعادة اكتشافها في عام ١٨١٢.

وُضعت مدينة البتراء منذ عام ١٩٨٥ ضمن قائمة اليونسكو، نظرًا لتفرد المدينة من الناحية الطبيعية والتاريخية والجغرافية، ولاحتوائها على مزيج فريد من تراث الحضارات القديمة التي تنتمي إلى حضارات متنوعة يذكر منها آثار الادوميين، واليونانيين، والانضباط، والرومان، والبيزنطينيين، والصليبيين، والمماليك.ومنذ ذلك التاريخ عقدت عدة ورش عمل، عنيت بترميم وحماية آثار البتراء.

مع بدء رحلات المستشرقين للوطن العربي في القرن التاسع عشر، تم اكتشاف البتراء عام ١٨١٢ م علي يدي المستشرق السويسري يوهان لودفيغ بركهارت، الذي تعلم اللغة العربية ودرس الإسلام في سوريا وجاء إلى البتراء مدعيًا بأنة مسلم من الهند بعد أن تنكر بزي إسلامي، وهدفه تقديم أضحية إلى النبي هارون؛ وبذلك سمح لة السكان المحليون بالدخول إلى المدينة الوردية. وقد احتوى كتابه المطبوع عام ١٨٢٨ والمعروف باسم «رحلات في سوريا والديار المقدسة» على صور للبتراء.

المصدر: ويكيبيديا .

1 أفكار بشأن “البتراء … العجيبة المتجددة”

اترك رداً على محمد غازىإلغاء الرد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading