سواء عاش الرئيس ام مات… الشعب لم يعد يهتم
ان راجعت عدد المرات التي كتبت فيها مخاطبة ومناشدة ومتوسلة الرئيس، سيكون عدد المقالات قد تجاوز العشرات. وان راجعت عدد المرات التي كتبت فيها متمنية دوم الحياة للرئيس لتجاوزت نفس العدد من المرات بالتأكيد. فبين تمنيات وتوسلات قضيت ساعات من التفكر علّ مخرج من هذه الهاوية التي حدقت بطريقنا منذ سنوات يجنبنا سحق جحيم متحقق.
بقي الرئيس وساءت الأحوال أكثر. في كل مرة كنت اتخيل اليوم التالي لرحيل الرجل كنت ادعو الله بطول بقائه لأن ما كان ينتظرنا بدا الأسوأ في غياب انتخابات وتزايد في قائمة المنتظرين المحتملين لخلافة الكرسي الرئاسي. ولكن كما يقال في حقنا كشعب، ان الأسوأ لم يأت بعد.
لطالما سألت نفسي ان كان ما يجري من عملية قتل وفتك ذاتي للحركة الوطنية المتمثلة بفتح كان عن سبق إصرار ام انه مجرد فقدان للبوصلة أدى الى فقدان للبصيرة. فلم يعد صاحب القرار يرى الا العتمة التي يظنها نورا.
قبل عدة سنوات تدهور وضع الرئيس وحبس الشعب أنفاسه للحظات قبل ان يخرج متعافيا بعد ان طالت الاشاعات نبأ احتضاره.
بدأت الشائعات تتدحرج بشأن تدهور الوضع الصحي للرئيس بالأمس لتتوالى الرسائل في محاولات للتأكد من صحة الخبر.
بين تمنيات بأن يكون الخبر صحيحا، وبين استهزاء بالأمر، فكرت كثيرا كيف ينتهي المرء الى هذه اللحظة المحزنة بالفعل من حياته.
.لا اعرف ان كان أبو مازن او المقربون منه من عائلة وأبناء واحفاد واقارب بهذه الدرجة من التغيب والتغييب عن مشاعر الناس تجاهه.
كنت اتخيل ان الوضع الأصعب في الموت الذي تغيب هيبته، هو التلاشي قبل الموت فلا يكاد يتذكر المرء من امر الشخص شيئا. ولقد كان حال الرئيس الجزائري السابق الذي توفاه الاجل قبل سنة هكذا. ولكن ما يجري مع أبو مازن بالتأكيد أصعب. فلقد اوصلنا كشعب الى لحظة ننتظر فيها الموت كمخلص لنا من حكمه على الرغم من علمنا اليقين ان من يأتي من بعده سيكون بالتأكيد أسوأ إذا ما كان الترتيب مجرد وضع شخص يملأ المكان بنفس المواصفات والشروط المطلوبة منه.
كما حدث بانتخابات جامعة بيرزيت الأخيرة عندما حصدت حماس المقاعد مع يقين من اعطى صوته ان حماس ليست أفضل من فتح. بالضبط كما حدث ابان الانتخابات اليتيمة التي فازت فيها حماس. الفرق الوحيد ان الناخب حينها أراد بالفعل إعطاء فرصة لحماس التي لم يعرف خيرها من شرها، بالإضافة لتلقين درس لفتح. لم نعد نهتم من يأتي بعده.. فأكثر من هذا السوء لن يكون هناك سوء. او ربما وصلنا الى القدر الكافي من التحمل، فكل ما يجري الآن لم نعد نشعر به. كالهائمين المخدرين نجول بلا اكتراث. نسخر، نهزأ، نبكي، نصرخ ونعاود الكرة في يوم لا امل فيه ولا منه.
وصلنا الى هذه المرحلة السحيقة بالفعل من اليأس. فلم نعد نأبه ما الذي يمكن ان يصيبنا أكثر. وكأننا ننتظر في طابور الموت قتلا اما بسبب كلمة او بسبب حجر.
بلاد نهبت وشعب يستجدي اللقمة بينما تغسل الأموال وتنشر وتباع الأراضي وتسلب وتسرب. مستوطنات على كل زاوية طريق.
لم يعد لمعنى الوطن الا العلم الذي لم يعد حتى يمثل الكل الوطني الا عند الازمات والكوارث الملحة.
لم يعد الوطن لنا. وطن أصحابه ثلة من أصحاب السلطة المتسلطة. جعلوا من حلم الوطن كابوسا نخشى النوم لكيلا نراه.
ولم يعد لعيش الرئيس او موته أي تأثير… فهل يفكر ولو للحظة بأثره فيه هذه الدنيا التي تبقى ويزول الانسان منها؟
عفانا الله من نوم الغفلة وموت الجهالة، واعاننا على المجهول المتربص بنا في قعر هذه الهاوية التي لا قرار لها الا هاوية أعمق.
ربما اقترح على الرئيس قراءة كتاب “من سيبكي عندما تموت” فقد تكون هناك عظة.
لن اخاطب الرئيس الآن متمنية ان يصحو، فلربما ينجو وينجينا… فنحن غارقون ولا مفر من غرق يبلعنا في جحيم نحن حطب اشتعاله.