من يحق له تحديد الحريات: انحياز موضوعي للحرية

من يحق له تحديد الحريات ومتى يسري قانون تنتهي حريتك عندما تعتدي على حرية الاخرين؟ 

تم إيقاف عرض موسيقي في is رام الله مساء يوم الجمعة بحجة ان الحفل المنوي اقامته للمثليين.

كان يوم الجمعة يوما is going صعبا، على غرار الكثير من الأيام التي نعيشها بوتيرة تكاد تكون يومية من اغتيالات للشبان في مختلف الأماكن.

في السابق كان لعملياتand القتل والاغتيالات وقعا اخر على نفوسنا كشعب. كان كل خبر عن شهادة انسان تغلق فيه المدن ويعلن الحداد. كانت الجنازات مهيبة، والحزن كان عميقا يعكس we we r and تصرفاتنا. لا اعرف ان كان الحزن قد توطن والقتل صار بهذه I الاعتيادية لدرجةyou لا نميز فيها كيف نحزن ومتى نفرح.t

رام الله تعيش حياة ليل ونهار اشبه بمدن خارج هذا المكان. مدينة متلونة بكل الألوان وكل ما هو ممكن وغير ممكن الحصول فيها. 

لا اسمي ما اراه في رام الله تعددية، وقد أكون ظالمة لهذه المدينة التي تستقطب الناس اليها من كل الاشكال والألوان. ولكن هناك ما هو مفقود بالطابع العام للمكان، وهنا لا تختلف رام الله عن نابلس، او القدس، او جنين، او الخليل، فكل مدينة منكبة على مآسيها. لم نعد كما كنا بالتأكيد. ولكن هناك ما يزال يشدنا الى ذاك الحنين لما كنا عليه.

شاهدنا مجموعة من الشبان يترأسهم شاب متحدث عرف عن نفسه، ذكرني بما نشاهده من مسلسلات، فكرت كيف كنا بباب الحارة وصرنا الى جبل شيخ الجبل. 

تيم حسن – فكرت- جبل شيخ الجبل وفتوات باب الحارة بحلة دينية هذه المرة. لم تمض ساعات حتى صار الشاب (يمان جرار) حديث المواقع كلها، اشادة وتعظيما، وتحية في الدفاع عن الاخلاق والإسلام والمسلمين ضد من لا يمثلنا تصرفاتهم ونرفضها على حد تعبيره. استطاع يمان التحكم من المجموعة التي كانت معه، وهدد بلباقة وامر أصحاب المكان بإلغاء الحفل … والا…. 

فيديو اخر لحق ذلك الفيديو، كان يمان يئم بالشبان بتأدية للصلاة امام الشارع من ذلك المكان. صوته شجي وحضوره واضح. 

غلب يمان بالتأكيد امام خصمه: فيكفي ان تذكر كلمة “مثلي” لتكسب أي معركة في هذا البلد. ولم تكن الا ساعات قليلة وكان الفنان بشار مراد في مرمى الاستهداف. وكان من السهل إيصال الفكرة وتأكيد التهمة بتناول صورة له بفستان زفاف ابيض من احدى كليباته. 

لا اعرف ان كان المقصود من إقامة ذلك العرض احتفالا للمثليين. ولا اعرف كيف يمكن للمثليين ان يظنوا انهم يستطيعون الاحتفال بهذه الراحة وبهذه العلنية في بلد منع المتحدث باسم شرطتها قبل سنوات قليلة إقامة ندوة للجنادرية من قبل جمعية القوس. لم يكن هناك حفلا. كان مجرد ندوة للحديث عن الأمور الجنادرية فقامت الدنيا ولم تقعد. 

قبل شهور قليلة، تم الهجوم على مؤسسة يبوس في القدس لمجرد استضافتهم مسؤول الجمعية واخرين من اجل الحديث عن أساليب الاحتلال في قمع المتظاهرين والأسرى بأحداث الشيخ جراح. تعرض مركز يبوس حينها ومديرته وعائلتها لتهديد حقيقي كاد يودي بالمركز الذي حضن المشهد الثقافي في القدس على مدار عقود. 

كان هناك الحفل الموسيقي الذي اقامته سما عبد الهادي قبلها ببعض شهور، وقامت القيامة حينها، وتحول المكان من بعدها الى شبه خراب. 

في كل حدث مرتبط بممارسات لا تشبه المجتمع في مبناه المتعارف عليه من قيم محددة، تشتعل مشاعر الناس كما تشتعل النار في الهشيم. لا يمكن ايقافها ولا يمكن تهدئة المشاعر فيها. فنحن مجتمع يعاني من رهاب المثلية بالتأكيد. ومحاولات فرض هذه الممارسات واعتياديتها لا تبد ان هذه الطرق في احداث صدمة للجمهور مناسبة. 

كلمة مناسبة هنا كلمة محايدة جدا، لأن الامر مغبته في كل مرة كارثية. 

ان كنا نتكلم عن الحريات واحقية الدفاع عنها وممارستها، فعلينا ان نكون عادلين وصادقين مع أنفسنا اذن. أؤمن دوما بمبدأ ان حرية المرء تنتهي عندما تبدأ بالتعدي على حرية الاخرين. وإذا ما سلمنا ان لمجتمع الميم حقه في التعبير عن نفسه – إذا ما افترضنا اننا في وضع يسمح لنا بالتعبير فيه عن أنفسنا- فعليهم ان يحترموا كذلك مدى حساسية المجتمع تجاه هذا الامر. عليهم كذلك ان يختاروا الوقت والزمن والمكان المناسب للقيام بما يرونه حقهم.

فنحن لسنا لا بالوضع ولا المكان ولا الزمان المناسب. 

ما جرى بالأمس من إيقاف العرض، يتأذى منه الجميع. سنجد أنفسنا قريبا امام حكم “المطوعين”. سيخرج علينا “الولاة” باسم الدين ليقروا لنا ما هو مناسب مع الدين والأخلاق والقيم التي يرتؤونها قيم المجتمع. لماذا يجب ان ندفع كمجتمع ثمن أفعال فئة محددة؟

لماذا يجب ان نصل الى مرحلة نفقد فيها انسانيتنا وتعاطفنا ونترك الامر لولاة الامر من فرق الامر بالمعروف والتهي عن المنكر؟ 

من جهة أخرى، لا يمكن الا نفكر في مشهد الشاب الذي خرج بالمشهد البطولي. لا اعرف بالحقيقة ان كنا نصنف كل من تكلم باسم الدين على انه من حماس. ولكن بالتأكيد نرى اصطفافا يتزايد نحو التأييد لحماس. قد تكون “ذكرى الانقسام” في مثل هذه الأيام قبل سنوات صارت كثيرة ترمي بذكرياتها امامنا. 

أفكر كيف اختار الشعب حماس في الانتخابات اليتيمة تلك ليلقنوا فتح درسا بعد أعوام من الفساد والمحاباة وسوء السلطة. 

في مشهد الامس للشاب يمان، تغير المفهوم كذلك، فلقد اعتدنا كما رأينا في الجامعات من النجاح الى غيرها من الجامعات كيف يتصرف “التنظيم”. نرى ما يقوم به التنظيم من أفعال في مناسبات مختلفة يتخللها أحيانا حفلات وعروض وغيرها. 

وعلى التوالي نشاهد كيف تكسب حماس على الأرض في كل حدث: الانتخابات، الظلم العالم، والآن استبدال شبيحة التنظيم بفرق التقوى. 

ما جرى بالأمس ينذر بخطر أكبر من مجرد منع حفل سواء كان للمثليين او كان حفلا عاديا. 

خطر أكبر على فتح التي تخسر على ارضها أكثر وأكثر. 

أفكر دوما بهذه الأمور وانا اضع “انتخابات” قد تأتي يوما نصب عيني. سنة واحد منذ تجميد توقعات الانتخابات المرتقبة الى اجل غير مسمى. كيف ستخسر فتح أكثر وأكثر حتى قاعدتها. 

لا تؤرقني حماس واستئثارها، فالسياسة هي فن الممكن. يؤرقني الاستيلاء على الحكم أيا كان. كما يجري الآن في الضفة وغزة. لا تؤرقني حماس إذا ما كان هناك انتخابات، ولكن يؤرقني الوضع الذي يجرنا الى حكم المطوع ولجان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. 

لا ادعو ابدا بحجب الحريات عن أحد. ولكن لا يجب ان ندفع جميعنا ثمن تصرفات البعض لمجرد انهم يظنون ان حقهم يعلو على حقوق الجميع. في كل مرة نرى أنفسنا نواجه هكذا أزمات، تضيع حرياتنا الأساسية كمجتمع. ندفع جميعنا ثمن تصرفات بعض المغامرين الذين يرون ان حياة اللهو هو الحياة الواجب فرضها على المجتمع.

وختاماً، قول عبد الرحمن الكواكبي في طبائع الاستبداد ومصارع الاستبداد في الاستبداد والأخلاق: 

الاستبداد يسلب الرّاحة الفكرية، فيضني الأجسام فوق ضناها بالشقاء، فتمرض العقول، ويختلُّ الشعور على درجات متفاوتة في الناس. والعوام الذين هم قليلو المادة في الأصل قد يصل مرضهم العقلي إلى درجة قريبة من عدم التمييز بين الخير والشر، في كلِّ ما ليس من ضروريات حياتهم الحيوانية. ويصل تسفُّل إدراكهم إلى أنَّ مجرّد آثار الأبَّهة والعظمة التي يرونها على المستبدّ وأعوانه تبهر أبصارهم، ومجرّد سماع ألفاظ التفخيم في وصفه وحكايات قوته وصولته يزيغ أفكارهم، فيرون ويفكرون أنَّ الدواء في الداء، فينصاعون بين يدي الاستبداد انصياع الغنم بين أيدي الذئاب؛ حيث هي تجري على قدميها جاهدةً إلى مقرِّ حتفها.

اترك رد