انعدام النظافة : مسؤولية المواطن ام الحكومة؟ ام انها مشكلة ثقافة مدن وسكان ؟

مذيعة راديو اجيال ميسون مناصرة تعثرت ربما في مداخلتها بشأن النظافة وخلطت ضرب الحجار بالتحلي بالممارسات الاخلاقية الحميدة والتنمر ببعض وصار اهل القدس عنوان هذه الخلطة.

وصلني الكثير من الرسائل للفيديو والبلد كلها قايمة قاعدة عليها . مع الاسف بدل من مراجعة الذات والتفكر بالخلل الحقيقي الموجود ، والذي من المؤكد انه لا يقتصر على ممارسات اهل القدس عندما يذهبون الى رام الله ، فهناك نهج من اللا مبالاة والاستهتار يطال المجتمع كافة . لا يهم ان كنت قادما من القدس وفككت الحزام للتو . لان المعظم يستخدمون الشوارع التي توجب وضع الاحزمة . ولا يهم ان كنت قادما من القدس ولا تستطيع رمي النفايات من نافذة السيارة لانه سيتم مخالفتك. المشكلة الحقيقية تكمن في غياب القانون . الناس تحترم القانون عندما يكون نافذا ومطبقا على مختلف مرافق الحياة وفق منظومة عدالة شاملة. الناس لا تعبأ بالنظافة ولا المكان العام لانها لا تشعر بالانتماء للمكان العام .

هذا لا يبرر التصرفات غير المسؤولة. ولا اعرف كيف يمكن لافراد بمجتمع شعار دينه النظافة من الايمان الا تكون النظافة شعارا لحياتهم . فالفلسطيني عندما يسافر يتصرف وفق ضوابط المكان الذي ذهب اليه . الامر ليس مقتصرا على اسرائيل وقوانينها الرادعة.

ما قالته ميسون مناصرة ليس خاطئا بشأن اهل القدس لانه بالفعل تولدت هذه الحالة منذ سنوات من قبل البعض. ولكن هذا لا يجعل اهل القدس سبب قذارة المكان ولا انعدام الالتزام .الفرق الوحيد هو انك تستطيع ان تميز ساكن القدس من نمرة السيارة . وهذا ليس حكرا على سكان القدس لان الكثير من السيارات التي تحمل نمرا صفراء اصحابها ليسوا من سكان القدس.

اذا ما مشيت بالمدن الفلسطينية وشوارعها المختلفة ترى نسبة القاذورات مرتفعة وفي كل مكان . التقصير ليس فقط من قبل الافراد ولكنه بالاصل تقصير الجهات المسؤولة التي لم تجعل من النظافة نهج حياة .

مدينة استنبول يمشي بها ٢٠ مليون انسان يوميا ، بالنادر ما ترى كيسا او قمعة او ورقة في الشوارع رغم الازدحام . ليس بسبب التزام الافراد فقط ، ولكن بسبب النهج الذي تتبعه الحكومة في جعل النظافة مهمة لشكل المكان . فالمرء لا يضطر اصلا لرمي القمامة بسبب الاهتمام الواضح من توفير للمرافق الخاصة بهذا الامر من حاويات وتنظيف مستمر .

النظافة تعكس شعور الناس واهتمامهم … ونحن نعيش في عدم … عدم الامان والاطمئنان . عدمية الامل وغياب سيادة القانون الا من السيادة على الافراد … فلم تعد المدن الا اماكن حياة نصارع فيها من اجل بقاء يرثي الحال …

فهذا حال الفلسطيني في كل مكان في هذا الوطن المتهتك : متهكم ، بائس ، لا امل له بصلاح حال … هتك من كل صوب واتجاه…

اترك رد