وصية شهيد كتبت بأمل يخطه ألم

أفكر قبل كل كلمة اكتبها. شهيد أو مقاوم. كلمات قد تودي بنا الى الحذف او القذف في المعتقلات. 

لا يوجد غير الحزن الذي ادلى بستائر ه القدس اليوم. صمت لا يشبه هذه المدينة المليئة بالصخب. مشاهد الامس تحولت من شعور حتمي بالقهر الذي تعكسه السماء حتى هذه اللحظات الى مشاعر كدنا ننساها تحت قمع الحياة المحاصرة لنا بين سلطة متسلطة علينا انستنا قضيتنا واحتلال لا سبيل له الينا الا بقتلنا. 

صاحبتني مشاعر كثيرة بالأمس. صدمة الوهلة الاولى من مصاب جلل. وجع ذكرني بوجع ضلع مكسور. احباط محتم علينا وكأن الفرار مستحيل في حالتنا. تذكرت وجوه الاسرى الستة ومنفذي عمليات الشهور السابقة عندما وجدوهم احياء. وكأنهم ارادوا ان يكسروا مشاعر الامل فينا. هذه المرة كان وقع الامر مختلفا عندما شاهدت عدي يقاتل حتى اخر نفس. سخطت للحظات، غضبت، احتبست الدموع في عيني، ولكن سرعان ما شهقت انفاسي وذلك النفس الاخير للشاب الذي افرغت ذخائر الكره والظلم منه الانفاس. 

وكأنه اعاد لنا مشهدا تخيله باسل الاعرج. الاشتباك في صورة تجدد نفسها قدر الاستطاعة. وصية اخرى كتبت بلحظات يقين لنهاية قرر عدي ان يطاردها بدلا من ان تطارده. ربما لأنه تعلم كذلك الدرس، لا مكان للهروب لمطارد. استطاع عدي ان يخط النهاية كما قررها هو، فخذل التنسيق والمنسق. حسم وضعه وأحرج الجميع. فلم يترك محالة لسلطة التنسيق ان تجده فتسلمه، ولم يترك المجال للاحتلال بنشوة الانتصار بإيجاده. 

فجأة تجتمع كل كلمات الاغاني الوطنية والقصائد المعبرة لتسطر عنوانا واحدا لكلماتها: عُدي لآخر نفس. وكأن كلمات المتنبي الخالدة تعيد استحضار مشهد القتل اللعين 

إذا رَأيْـتَ نُيُـوبَ اللّيْـثِ بـارِزَةً فَـلا تَظُـنّـنّ أنّ اللّيْـثَ يَبْتَسِـمُ. وَمُهْجَة مُهْجَتـي من هَمّ صَاحِبـها ادرَكْتُـهَا بجَـوَادٍ ظَـهْـرُه حَـرَمُ. رِجلاهُ فِي الرّكضِ رِجلٌ وَاليدانِ يَـدٌ وَفِعْلُـهُ مَا تُريـدُ الكَـفُّ والقدم. وَمُرْهَفٍ سرْتُ بينَ الجَحْفَلَيـنِ بـهِ. حتَّى ضرَبْتُ وَمَوْجُ المَـوْتِ يَلْتَطِـمُ. الخيل وَاللّيْـلُ وَالبَيْـداءُ تَعرِفُنـي. وَالسّيفُ، وَالرّمحُ، والقرْطاسُ، وَالقَلَـمُ. صَحِبْتُ فِي الفَلَواتِ الوَحشَ منفَـرِداً حتى تَعَجّبَ منـي القُـورُ وَالأكَـمُ. يَا مَـنْ يَعِـزّ عَلَيْنَـا أنْ نُفَارِقَهُـمْ وجداننا كُلَّ شـيءٍ بعدكم عدم 

مرة أخرى …. يرحل عنا من كان لوجوده في هذه الحياة بوضع أكثر انسانية، وأكثر امنا وامانا للإنسان منا اثرا مختلفا … ليحفظه لنا التاريخ بين من اختاروا الاخرة على هذه الحياة الدنيوية.

فنحن نحب الحياة متى استطعنا اليها سبيلا …ولكن من يتحكم بحياتنا في هذه الحياة لا يترك لهؤلاء الشباب مكاناً للحياة.

لن تنتهي هكذا قصص لبطولات تخرج عنوة ورغم انف المحتل ومن يشد وزر الاحتلال كطريقة وحيدة للوجود، لطالما يسود الظلم والاضطهاد السيادة. فمهما ظلم الظلم وحلكت ايامه ولياليه فلا بد لحر ان يكسر القيد ويبث الامل في نفوسنا الاسيرة والمضطهدة. 

One comment

  1. دائما فى تعليقى على ألوضع ألفلسطينى، أقول لأهلنا فيما تبقى من ألضفه ومن ألقدس خصوصا، أن عدوكم ألأول هو عباس وعصابته ألتى تحيط به. كلهم سفلة، لا أستثنى أحدا منهم.دائما أطلب توجيه غضبهم وسلاحهم للخلاص من هذه ألسلطة ألسافلة، ألتى يحكمها بهائى قذر. أعتقد أن ألبعض ألفلسطينى لا يعرف أن ألبهائية جزء من ألصهيونية.

اترك رد