وزير الثقافة والهروب من الدلف لتحت المزراب

منذ أيام وتتداعى ازمة ترجمة رواية وزير الثقافة الفلسطيني عاطف أبو سيف للغة العبرية لدار نشر تابعة لمؤسسة فان لير الإسرائيلية. في العادة يمكن ان تصاحب هكذا أمور التكهنات ويمكن للكهن ان يكون وسط ما يخرج من تصريحات حقيقية او كاذبة. ولكن عندما يكون الأمر متعلقا بوزير ثقافة ودار نشر معروفة ومؤسسة قامت بالنشر معروفة، لا يمكن ان يكون هناك لغط. فمن تم ترجمته هو وزير ثقافة، ومن ترجم هو اهم مؤسسات البحث في إسرائيل. 

بينما يضيع الحابل والنابل في بلادنا، فلا حقوق واضحة للنشر بين الكاتب او دار النشر وغيره. ليس الحال كذلك بالنسبة للحقوق الفكرية والمطبوعة في إسرائيل. 

مهما حاولنا تبرئة وزير الثقافة من موافقته او علمه بترجمة روايته، وكذلك دار النشر، يبدو الأسوأ في الانكار والتنكر لما حصل. وكذلك تقبل البعض في الوسط الثقافي لهذا الإنكار.

وزير الثقافة بصفته ككاتب روائي، ظن انه يمكن ان يضع طاقية الاخفاء ويعبر بدون ان يلاحظه أحد. وكأننا نعيش في زمن لا تفضح او تكشف تفاصيله التكنولوجيا ووسائل التواصل من كل اتجاه. لا اعرف ان كان وزير الثقافة بهذه الضبابية من فهم مكانته ومكانه، ام انه على قناعة ان الناس ستصدق ما يقوله بمجرد ان أصدر بيانا بذلك. 

الحقيقة، انه لا يوجد ما يقال في هذا الامر. 

ولست مستغربة ولا متفاجئة. فوزير الثقافة جزء من هذه المنظومة التي تعتمد في وجودها على استغباء الشعب واستخدام الاحتلال كبعبع مترصد لتبرير او انكار كل ما يقومون به. 

ربما يكون ادراج موضوع الترجمة للعبرية في إطار مقاطعة إسرائيل امراً بحاجة لنقاش، ولكن الآن وإزاء ما حصل، أقول وبكل اسف، ما تمر به الثقافة لا يختلف عما تعتمر به شرايين الكيان الفلسطيني من التعليم حتى الأمن. 

وسقطة وزير الثقافة ليست بترجمة كتابه للعبرية بقدر ما هي سقطة انكاره للأمر.

فإذا ما كانت المؤسسة الإسرائيلية الثقافية تتعدى على المنتج الثقافي الذي يكتبه وزير الثقافة بذاته، فكيف للسيادة الفلسطينية ان يقوم لها قائمة؟ 

السؤال هنا أيضا، اين يكمن العار، بالترجمة ام بالانكار؟

او ربما، نقول، انه لا فرق لاجتياح دبابة عسكرية ونزع السيادة وتهشيمها، وبين التعدي على حقوق وزير الثقافة الكاتب الروائي وترجمة روايته الإبداعية. 

ام ان التنسيق السيادي على كافة الاصعدة يمكن انكاره او استخدامه على حسب صاحب السيادة العليا! 

بلاد سقف سيادتها مصلحة مسؤول! 

اترك رد