تخطى إلى المحتوى

ما هو موقف اتحاد الكتاب وحملة المقاطعة من ترجمة أعمال الكتاب الفلسطينيين والعرب الى اللغة العبرية؟

يبدو أنّه، في محاولة تبرير ترجمة رواية وزير الثقافة عاطف ابو سيف الى اللغة العبرية، خرج الى العلن ما كان مخفيّاً من قائمة طويلة من الترجمات التابعة لنفس المشروع الذي ترعاه وزارة الثقافة الاسرائيلية من خلال مؤسسة فان لير ويديعوت احرونوت. تضمنت القائمة عشرات الكتاب الفلسطينيين من الضفة الغربية, بما يشمل القدس، وغزّة ،بالاضافة الى كتاب عرب/ فلسطينيين في الخارج. ومن يتابع المشهد الثقافي يعرف ان كلاًّ من تلك الاعلام من الاسماء لها مواقف يمكن القول انها متشددة في مسألة المقاطعة. استثني من القائمة الكتاب الفلسطينيين من سكان اسرائيل وحملة جنسيتها ، ليس لأن المقاطعة لا يجب ان تنطبق عليهم ولكن لأن وضعهم في هذا الامر قديم ومتراوح يذكّر بالجدل بشأن المشاركة في الانتخابات الاسرائيلية العامّة بين من يدعون للمشاركة في المؤسسة الاسرائيلية كنوع من الاشتباك المقاوم من الداخل ، وبين من يرفضون هذه الفكرة ويرون ان كل مشاركة هي جزء من تنظيف وجه اسرائيل يمكّنها من ترويج ‘ديمقراطيتها والمساواة بين سكانها’.

اما بالنسبة للكاتب العربي او الفلسطيني في الخارج ، فلا يحتاج الّا ان ينظر الى الكاتبة الفنلندية التي رفضت ترجمة روايتها الى العبرية لان الترجمة تعتبر تطبيعاً مع دولة احتلال عنصري.

ولكن ماذا يفكر الكاتب الفلسطيني في الاراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام ١٩٦٧؟

اذا ما كان هدفه اطلاع الاسرائيليين على معاناته وصعوبات حياته، فهل يحتاج الاسرائيليون ان يقرأوا الرواية الفلسطينية ليفهموا؟ فحتى لو كان الامر كذلك لا اريد ان ادخل في نقاش عقيم لن تنفع فيه محاولات التبرير . مهما حاول جمهور المدافعين عن الترجمة التي صدرت للكاتب الفلسطيني وزير الثقافة وقائمة من الاسماء المهمة جداً تبريرها، سيبقى الفعل خارقا لمعايير المقاطعة في ابجديتها. وعليه نحن امام خيارين : اما ان تغير حملة المقاطعة معاييرها ، وكذلك اتحاد الكتاب الفلسطينيين. أو أن يتم حسم الأمر بشأن من خرق تلك المعايير بشكل واضح . فما يجري من قبل حملة المقاطعة في هذا الشأن هو في الحقيقة مهزلة ، لأنّ ما يجري لا يمكن وصفه الا بازدواجية المعايير . وهذا ادى منذ مدة الى تزايد الانتقاد لهذه الحملة التي دأبت على وضع قواعد ومعايير تطبق انتقائيّاً وفي بعض الأحيان مع من لا تتساوق معهم . ولا حاجة للتذكير هنا بحروب شرسة شنت ضد العشرات لمجرد المشاركة في امسية او حفل او مؤتمر، بينما ‘ينفد’ آخرون كمن في القائمة المذكورة اعلاه كاعلام للوطنية كما تراها حملة المقاطعة .

اما اتحاد الكتاب فاين هو ؟ ما هي معايير اتحاد الكتاب في هذا الصدد ؟ من يتابع بيانات ومواقف الاتحاد يشعر اننا وسط ساحة حرب تحرر ضارية . اين حرب التحرير من غياب الاتحاد عن هكذا اصدارات ؟

اذا ما كانت الترجمة الى العبرية فعلا خارقا لمعايير المقاطعة فما هو موقف الاتحاد من الكتاب ؟ ما هو الموقف من وزير الثقافة ؟ هل يعتبر بيان الوزير في تنكره وانكار معرفته بالترجمة مبرراً ويعفيه من المحاسبة والمسؤولية ؟

ربما حان الوقت كذلك لنعرف ما هي مسؤولية كل هذه الجهات المسؤولة . من يتابع هذه الامور أصلاً ويمنعها او يسمح بها او ينقذ الامر قبل التوحل به كما حدث الآن؟

ما هو موقف اتحادات الكتاب والناشرين العرب؟

هناك ابجديات في هذا الامر ، اعرف امثلة لكتاب كبار عرضت عليهم فرص ترجمة للعبرية ورفضوا لمجرد التزامهم بمعايير اتحاداتهم. كيف سنقابل باب الترجمة الى العبرية عندما يبدأ الكتاب العرب في دخوله؟

منذ ان انكشف امر ترجمة رواية وزير الثقافة الى العبرية والنقاش يدور حول اهمية الترجمة الى العبرية . هذا يجعلني اتساءل لماذا يتم الاعتراض اذاً على لجنة التواصل مع المجتمع الاسرائيلي؟ لماذا يتم الاعتراض على اتفاقيات تطبيع سلام وغيرها بما انها تهدف الى التواصل من اجل بناء جسور مع الاسرائيليين ؟

من ناحية ، مسؤولية اتحاد الكتاب كبيرة ، ولكن لا يمكن اغفال مسؤولية الكتاب الكبار هنا . فمعظمهم فاعلون مروجون لحركة المقاطعة . مع الاسف يقع الكتاب في خانة الازدواجية ذاتها التي تعيشها حركة المقاطعة.

هناك ازدواجية متعددة الاوجه في النقاش الحالي، تبدأ برفض التطبيع كمبدأ ومن ثم تحليل الترجمة في هذا الصدد كفعل غير تطبيعي .

او يحاول البعض الالتفاف حول الامر والباسه لدور نشر عربية في داخل اسرائيل متناسين تماما ان هذه الدور ممولة من وزارة الثقافة الاسرائيلية أساساً.

ما جرى اسقط اوراق شجر التّوت كلها ، لأن العراة كثر.

في النهاية ، ازدواجية المعايير تفقد المصداقية والاحترام . فاذا ما كان الفعل الثقافي الذي تمثّله الكتابة مزدوج المعايير، ما الذي نتوقعه او يمكن توقعه من ايّ فعل آخر ؟

ربما حان الوقت للوقوف امام وضعنا واعادة النظر وقراءة الواقع ليس فقط من خلال شعارات لا يراد الالتزام بها، وإن اريدَ الالتزام لا يقوى البعض على الالتزام لاعتبارات مختلفة يجب ان تكون موضع بحث ونقاش كذلك. وتبقى حرية اختيار كل كاتب لما يريده من طريق، ولكن ليس باسمنا كشعب او كجمهور. فمن يريد العمل على ترجمة عمله كما في هذه القضية هو حر في ذلك ، كشخص ، لا كشخصية اعتبارية او عامة. على الاتحاد ان يحدد معايير يمكن ويتم تطبيقها بمعيار واحد.

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading