التّنمّر وهيفاء وهبي

وضع كلمة تنمر الى جانب اسم هيفاء وهبي يبدو اقرب للهزل منه الى النقاش الجدّي . لأن التنمر ليس استهزاء البعض من شكل شخصية مشهورة ظهر بلا فلتر وبأخطاء تجميلية ازدادت من خلالها حقن النفخ وعمليات التجميل. التنمر ظاهرة اكبر واكثر خطورة من هذا. التنمر هو الاستهزاء من خلق الله واختلافات البشر بين الوان ومزايا وطبقات اجتماعية وعنصرية وتهميش وازدراء وقائمة تطول وربما نكبر معها. التنمر ما يحدث في المدارس من عدم قبول البعض للبعض واستقواء البعض على البعض واستضعاف الضعيف واحتقار المسكين والابتعاد عن المختلف. التنمر ما يحدث في الشارع عندما يضرب الضعيف ويشتم المسكين ويرمى الغريب ويقذف المختلف.

التنمر هو الاستهزاء من خلق الله ، من تغير الاحوال على ما اعطانا اياه الله ، من التجاعيد التي تبرز تغيير الزمن على وجوهنا واجسامنا . التنمر ليس التساؤل والاستغراب والتوقف لحظة لمساءلة ما يجريه تعديل وتغيير ونفخ وشد وتحويل الوجوه والاجساد.

ربما ذعر المعظم منا عندما رأى وجه هيفاء وهبي الحقيقي بعد كل هذه التحولات والتعديلات والعمليات، لأنها جعلت من التغيير والتحويل من شكل وجسد من اجل الاثارة ولفت الانظار من اجل الشهرة هو هاجس اجيال من النساء والرجال . جعلت من الشكل المثير بطاقة عبور للنجاح والشهرة بلا حاجة لموهبة او جهد. يكفي التعري والاثارة والايحاء لتفتح امام المرء بوابات الشهرة والنجومية وتزايد الطلب حتى يصبح المرء قدوة.

هيفاء وهبي صارت ايقونة لانها اثبتت اننا نستطيع ان ننسى الشكل الاصلي ونشتري ما هو معروض بايحاءاته. كل ما احتاجت اليه هيفاء هو قول بوس الواوا ولبس مكشوف اكثر وايحاءات جنسية لتهيج الشعوب وتصير قدرة وايقونة لكل ما تلاها.

هيفاء وهبي اسست للخلاعة وانعدام الموهبة واستبدال الاخلاق بالابتذال وعرض الجسد مقابل الطلب.

وكأننا نريد ان نصدق ان هيفاء ايقونة جمال وانوثة ، وكأنها مارلين مونرو الشرق او صوفيا لورين المتوسط . وكأنها صدقت ان عملية هنا وعملية هناك وهناك وحركة اغراء وقصعة وتأوه وميلة تجعل من العرض استعراضا ومن الالتواء ورقصا ومن التأوه صوتا ومن الاغراء فنا .

نعم … عرضت هيفاء وهبي بضاعتها وكثر الطلب عليها وصار منها نسخا لا حصر لها. ولكنها بنهاية الامر كائنا ساهم بتشويه مفهوم الفن والاستعراض مقابل ايحاءات الوجه والجسد. وما شاهدناه لشكلها الذي تغير ذكرنا بوجه مايكل جاكسون وكارثية التدخل في خلق الله. ولكن حينها كان مايكل جاكسون متفردا تقريبا بذلك التغيير . كان جاكسون يعترض على خلق الله للونه وتفاصيل وجهه وكان فعله شاذا مرضيا بالنسبة للكثيرين… اليوم صار التجميل جزءا من يوميات البشر رجالا ونساءا. لا نرى الوجوه الا من خلال تعديلات وفلاتر. الوجوه والاجساد صارت تنحت وتنفخ وتشفط وتشد وتعبأ على حسب الترند .

كيف ظهر وجه هيفاء وهبي على الشاشة وكيف تفاعل الجمهور لم يكن تنمّر. ما جرى عندما ظهر ميرفت امين وسوسن بدر ويسرا وغيرهن بدون مكياج او عمليات شد ونفخ من تعليقات مسيئة هو التنمر .

ما رأيناه من شكل هيفاء وهبي هو الحقيقة التي يجب ان نتذكرها : ان ما نراه من عرض على مدار الثانية لجلسات التصوير وما نراه من وجوه خلف الكاميرات ليس الحقيقة ولكنها طبقات كثيرة ومتعددة من الفلاتر والفوتوشوب والمؤثرات جعلتنا نلهث وراء المؤثرات وافقدتنا قيمة ما خلقنا الله عليه وصرنا نخاف ان ننظر الى خلقتنا الحقيقية امام المرآة بدون فلتر او حقن بوتوكس وشد ونحت.

اترك رد