نعم لإعلاء الصوت دفاعاً عن علاء، ولكن أيضاً عن أقرانه بين ظهرانينا

الاعتقال على خلفية الرأي وكل اعتقال سياسي يعكس استبداد الحكم. ولو كنا في مجتمعات حرة وتحترم الانسان والانسانية لما عشنا هذه المعاناة.

لا اناقش من حيث المبدأ في اهمية موضوع المعتقل لدى أجهزة أمن الدولة المصرية، علاء عبد الفتاح، والدعوة لإطلاق سراحه، بكل ما يمثله من تأكيد على عمق المعاناة التي يعيشها المعتقلون وذووهم. ومن المؤسف حقاً أننا لا نستطيع أن نأمن على أنفسنا في حال تعبيرنا عن رفضنا لظلم حكامنا واستبدادهم.

ولكن، استغرب صحوة المجتمع الدولي المفاجئة هذه ، كما استغرب الصوت الفلسطيني العالي المستاء والذي لا صوت ولا تأثير له هنا امام ما نعيشه من اضطهاد السلطة واجهزتها لمن يعبر عن رأيه.

العشرات من المعتقلين ان لم يكن المئات لا نعرف مصيرهم ولا تهمهم وما يعانونه ولا صوت للشارع الفلسطيني ولا المجتمع الدولي.

الحرية لعلاء عبد الفتاح وكل المعتقلين السياسيين واصحاب الرأي في غياهب الانظمة العربية الاستبدادية ، ولكن لنطالب ونتحرك من اجل حرية من نسمع عن ويلات مصيرهم في مراكز تعذيب السلطة.

استغرب او لا استغرب ازدواجية المعايير في مسألة الحقوق التي صارت موضة وفزعة سياسية اكثر منها حقوقا.

لماذا تهتم بريطانيا واوروبا الان بحقوق الانسان المصري وتغض الطرف عن انتهاكات السلطة الفلسطينية واسرائيل لحقوق الانسان الفلسطيني في نفس الموضوع ؟

من جهة اخرى ، ما رأيناه من مشهد مصور لاقتحام اجهزة الامن السلطوية لقاعة المؤتمر الشعبي بينما كانت السيدة امال خريشة تقرأ بيان المؤتمر لا يمثل عار السلطة فقط ، ولكن عرينا المخجل امام عدم قدرتنا على التعبير عما يحصل. كيف وصلنا الى هذا الحضيض ، امرأة بقدر امال خريشة، تاريخ نضالها اكبر واهم من تاريخ ارباب السلطة جميعهم، يتم اقتحام وايقاف كلمتها بهذا الشكل المخزي والمخجل.

اين فعلنا مما يجري ؟ ام اننا نكتفي بالتنديد الحذر والخجول من وراء شاشاتنا ان كنا نملك بعض الشجاعة ، وننتظر ان نعلي الاصوات عندما تمنحنا مآسي العالم المشابهة فرصة التعبير عنها .

بين ما يجري في مصر وفلسطين، وباقي بلدان الاستبداد من حولنا، نحتاج ان نعد امثلة لنضالاتنا ضد هذه الانظمة من خلال قوتنا لا من خلال التعربش على نضال الاخرين.

تستحق عائلة علاء عبد الفتاح التقدير لنضالها من اجل حرية ابنها . وكم هو بؤس حالنا الذي صارت فيه نضالاتنا فردية . ولكني اخجل ان اتكلم او ارفع صوتي من اجل حقوق الانسان المنتهكة في الجوار بينما نعيش وضع حقوقيّ مبتور الاوصال. اخجل من اتكلم عن نظام قمعي وانا اعيش داخل نظام قمعي يقمع ابناء وطني وبالكاد استطيع ان ارفع الصوت.

دم نزار ذهب هدرا ، كما دم الضحايا التي لم نعد نستطيع تذكر اسماءها ولم يعد العدّ فيها ممكنا لكثرتها ولغياب المعلومات وصمت القريب والبعيد عنها.

اصبحت الضحايا اخبارا متواترة سريعة بانتظار الضحية التالية. نشجب او ندد او نعلق ليتم شجبنا او حذفنا او رمينا بين ذباب الكتروني وبشري لا نعرف من سلطانه الا المزيد من الظلم والاستبداد.

وفي النهاية لا يسعني الا ان اذكر بقوله تعالى

״ومنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ ۗ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَاب”

ان الله ليس بغافل عن هذا الظلم والاستبداد بالتاكيد .

اترك رد