تخطى إلى المحتوى

غزة… جرح بمرارة حنظلة

غزة… جرح بمرارة حنظلة

لا اعرف ان كانت مشاهد القصف والقتل في غزة أسوأ أو أصعب من تلك التي تنبش الأرض في نابلس وجنين وتقتل بلا هوادة . فهل للسوء كذلك درجات؟ هل لشكل الموت وعمر الضحايا وجنسهم حسبة مختلفة؟ هل لحجم الدمار الذي تراه اعيننا يؤثر على حجم الكارثة الحقيقي؟ لا يوجد نعم ولا هنا. يوجد ضحايا فقط لا تفرق بين احجامهم ولا أعمارهم ولا اجناسهم ولا توقيت قتلهم ولا طريقة قصفهم أو اجتثاثهم أوآليات قتلهم. 

نحن نرى الضحايا ونخشى مصيرنا المنتظر. هم لا يرون الا أهدافا لمعركتهم الوجودية على وجودنا. 

ولأن الوضع لن يتغير، وحالنا هو حالنا منذ بدء هذه النكبة التي يتجدد ربيعها بخريف مستمر علينا، فلا تتسع الكلمات بدفتر الهزائم المستمرة، فبالكاد نضمد الجراح المفتوحة بجسدنا المنكوب المنهك. 

وجرح غزة يبقى دوما جرحا يذكرنا فتحه بمصابنا الجلل. حجم الدمار والقتل يؤكد لنا حقيقة وجودنا تحت احتلال وجد ليتخلص منا كلما سنحت امامه فرصة بلا رأفة ولا هوادة. 

تذكرنا غزة بمصابها المتجدد في كارثة إنسانية أخرى في كل مرة ان لا امن ولا أمان تحت احتلال. المقاومة والمساومة سيان لطالما الوعي مفقود والامل لم يعد أوسع في ادراكه من حلم ليلة قد يستيقظ صاحبها على كابوس واقع لا ينتهي. 

هل الاحتلال هو قدرنا، ام اننا قدرنا للاحتلال قدرنا بحالنا هذا؟ 

نعيش بانتظار المصيبة القادمة. لم نعد نقوى حتى على التعبير عن أنفسنا. لم نعد نقوى الا على ردة فعل مؤقتة حتى موعد عملية الإلهاء القادمة بين واقع اجتماعي كارثي وواقع سياسي مغلق على اتباعه ومصالحهم. 

جرائم قتل وعنف متنامي، القوي يقتل الضعيف، السلاح بين السفيه والمجرم والمعتوه. المخدرات تفتك بأبنائنا بين ما نراه بالشوارع من انعدام الاخلاق والأمان وبين ما يحصل في البيوت من جرائم ننتفض لها بين الحين والآخر. لا تعليم ولا صحة ولا حياة كريمة. الجميع ملتف حول لقمة عيشه ومعاشه الذي يتأمل ان يصله اول كل شهر وإمكانية العبور عن حاجز لعله يؤمن عيش يوم آخر. 

ونحن ننتظر… ردّاً صاروخياً من غزة او لبنان او حتى إيران او اليمن او السودان. 

ننتظر تدخلآً إلهيّا ينهي حياة طاعن ظالم او مريض مستبد او زلزال يدمر عرش او بركان يحرق ما تبقى من اخضر ويابس. 

ننتظر انتصار اسير في اضرابه إذا لم يخنه جسده ويستسلم. 

ننتظر حل أمريكا أو أوروبا. 

ننتظر كرم العرب في ضخ أموال أكثر 

ننتظر ان يخرج من بيننا صلاح الدين.

ولكن حياتنا لن تضخ الا بعز الدين القسام وعمر المختار ويحي عياش. لأن الظلم متسع المدى، والشر بيننا مستطير. والوعي كوي لدرجة صار فيها بلاء… يذكرنا بين الحين والحين بضحايا بطشهم وخنوعنا لقائمة تطول. 

في حياتنا بطل اسمه حنظلة… طفل وامرأة ورجل شهادتهم مطعمة بمرارة حنظلة. 

المجد والخلود لشهدائنا الابرار في عليين. 

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading