جنين…جنين…جنين

جنين…جنين…جنين

جنين للمرة الثانية والثالثة، ليست لقطات نعيدها في ذاكرتنا لفيلم محمد بكري وليست قصة أولاد ارنا. جنين ليست رواية سوزان أبو الهوى. 

جنين ليست هاشتاغ من يريد ان يركب تريند وان يسوق لمنتج. 

جنين ليست حكاية نكبة ولا نكسة وترحيل ولا احتلال جديدة. 

جنين اليوم، كما غزة بالأمس، ونابلس والخليل والقدس بالغد… قصة شعب تحت الاحتلال. 

قصة احتلال يتوالى في تبعاته علينا منذ وعد بلفور الى وعد أوسلو مرورا بوعد ترامب ووعيد نتانياهو.

هناك حقيقة واحدة تتغير احداثها في تغيير مواقعها وأسماء الضحايا وفظاعة المشاهد، ولكن تبقى في فحواها واحدة: حقيقة العيش تحت الاحتلال. 

سواء كان هذا الاحتلال بآليات عسكرية مدججة بدبابات وصواريخ، او كان احتلالا تنسيقيا بحواجز وتعليمات وتنسيق يؤمن ديمومة الاحتلال، واقعنا سيبقى متراوح بين مقاومة ومقاومة. 

مقاومة شعب ومساومة سلطة. 

وبين مقاومة ومساومة يعش منا من اختار الحياة بين الحبلين لا يقوى على مقاومة ولا يقتدر على مساومة في خنوع يخنق المقاومة ويقوي المساومة. 

مصاب اهل جنين جلل، ولا يهم ان شبهنا ما حدث بمحرقة او مجزرة او مذبحة، ما يهم هو كم الخسائر التي وقعت على أصحابها. كم عائلة فقدت معيلها، وكم طفل فقد والده، وكم ام فقدت وليدها؟ 

كم عائلة فقدت تعب وشقاء حياتها؟ كم جريح، كم بيت هدم، كم شارع جرف، كم محل ردم؟ 

كم دمعة ذرفت؟ كم قلب احترق وتوقف رهبة ورعباً؟ 

لا انتصار في حروب أحادية الجانب، ولا هزيمة لمقاوم. 

ولكن… 

كم ستسحقنا بعدُ هاوية الخنوع التي جعلتنا نعتاد الدمار والقتل؟

الى متى سيظل هذا الشعب يدفع ثمن المساومة على خيرة أبنائه؟ 

ما يجري يؤكد موت “الجنين” المنتظر ولادته ليكون دولة فلسطينية. في كل مرة تتفاقم فيها الأوضاع الى هذا المستوى من الظلم والقهر الذي يوقعه الاحتلال على هذا الشعب في عزلته المناطقية والدولية من جهة، والاجتماعية والسياسية من جهة أخرى، نقف منتظرين اللحظة المنتظرة التالية: انهاء هذه السلطة التي لم يتبق منها الا تسلطها على هذا الشعب. 

ولكن كما في كل مرة، يلملم الشعب الخراب الذي وقع عليه ويضمد جراحه ويدفن احبته ويكمل مشواره من اجل بقاء على الرغم من محاولات الاحتلال التي لن تتوقف بتصفيته عرقيا حتى اخر فلسطيني يتنفس مقاومة. 

وبينما نتوقع لحظة تنتهي فيه هذه السلطة المتخاذلة الى حضيض تستحق ان ترمى اليه، تخرج من جحورها وتقف على أشلاء البشر والحجر وتردد شعارات وتستقوي بشجب ووعيد وكذب لا يصدقه احد لتستمر في بقائها حتى اجتياح قاتل مدمر جديد. 

طالما يستمر الشعب بالتحمل، تستمر السلطة بالبقاء، فتستمر إسرائيل بتصفيتها لنا بشراً وارضاً. 

اترك رد