بين المسلسلات التركية والعربية
تعودت منذ سنوات النوم اثناء مشاهدة مسلسل تركي. الحقيقة ان الامر كان بمثابة علاج ما؛ فرصة للخروج من الواقع المعاش وتركه ينخر بمجرياته ليلاً في رأسك. لكن، تطور الامر من حالة علاجية الى الكثير من التفكير والتأمل، يقع بعضها بالانتاج الفني الذي يتم الاستثمار به. طبعاً، هناك مسلسلات كثيرة تجعلك تختار الافضل، لهذا كان لي فرصة الاستمتاع والتأمل.
خلال الصيف، تتوقف المسلسلات وتخرج مسلسلات خفيفة لا تستطيع ان تجذب عقلي الذي يحتاج دوما الى الاستفزاز، فقررت مشاهدة المسلسلات العربية التي تحظى بمشاهدات كبيرة. المصيبة ان افضل هذه المسلسلات لا يتعدى ان يكون نسخة رديئة من أسوأ المسلسلات التركية التي لا اكمل حلقة او حلقتين منها. المصيبة لا تتوقف عند نسخ مسلسل تركي رديء، ولكن تكمن في نسخ كذلك الشخصيات والاداء ومكان التصوير. لا افهم كيف يستطيع ممثل يحترم نفسه بتقديم دور منسوخ في كل شيء من مسلسل اخر. ولكن ما الذي تبقى لنا من الاحترام لاتوقف عند انتاج مسلسل.
هذا الصيف تابعت مسلسل كرستال وعالحلوة والمرة وسبقهم مسلسل باسل خياط الذي نسيت اسمه، كلما اتذكره يصيبني حالة من الليعان من كثر المط واللت والعجن الذي صاحب المسلسل…. شيء لا يصدق. طبعا انا اشاهد المسلسلات بسرعة قياسية، بفضل متابعتي من خلال الانترنت، ومع هذا في ذلك المسلسل كان يمكن ترك عشر حلقات لا عشر دقائق لعدم خسارة معلومة مهمة في سير المسلسل. وكأن صناع المسلسلات يغسلون اموالهم بهذه الانتاجات الفارغة كل مضمون الا استعراض الممثلين بادائهم المبتذل وملابسهم والبيوت والسيارات الفارهة في تركيا.
مسلسل كريستال، كم الابتذال بالاداء وتقليد المسلسل التركي الاصلي الذي امتاز بالابتذال الكبير يؤكد غياب الموهبة والابداع وفهم التمثيل على انه صياح وابتذال وتقليد وعرض لملابس ومكياج.
مسلسل عالحلوة والمرة يستخدمون كذلك نفس اماكن تصوير المسلسلات التركية. حتى الحارة في لبنان عبارة عن حارات استنبول بتفرعات شارع استقلال. ارقام السيارات التركية في كل المسلسلات لا يتم حتى الاهتمام في اخفائها. مسلسل باسل خياط كانت ارقام السيارات اوروبية.
يبدو ان المسلسلات التركية بدأت بالرجوع مع بداية الموسم الجديد. حطت يدي مساء، مسلسلا جديدا اسمه الياقوت. منذ اشهر لم اتابع مسلسل تركي. تعبت من اغماض عيني كل مساء على سآلة المسلسلات العربية وباميلا الكيك ومحاولاتي لايجاد موهبتها الفذة بالتمثيل. لا اعرف ان كان المسلسل بالفعل جميلا، ام ان سوء الفن السوري اللبناني التركي التقليد جعلني ارى روعة الاداء والحبكة. يمكن افضل ما كان بهذه المتابعات الاستمتاع باداء دانا مرديني، موهبة حقيقية في اطار سخيف. مها او سلمى المصري تحجيم موهبة حقيقية وتصغيرها مع البوتوكس. وكذلك الاداء الكارثي لصباح الجزائري مع باسل خياط.
عندما اشاهد هذه المسلسلات اتذكر طفولتي عندما كنت العب مع اخواتي ونقوم بعمل مسرحيات مقلد فيها نجوم مثل صباح الجزائري بمسرحياتها مع دريد لحام …. يا الهي … صباح جزائري اداؤها يشبه ادائي كطفلة عندما كنت اقلدها!!!!
محزن فعل الانتاج الفني بالمواهب الكبيرة القديمة!
شعرت انني كنت مشتاقة لما يستفز عقلي قبل النوم بالتفكير بقصة انساني على الرغم من تكرارها الا انها تجعلني افكر، الغنى والفقر، الشر والخير، الحب والانكسار، الهوس والاستحواذ، المشاعر الانسانية وكيفية عكسها وتأثيرها علينا كمشاهدين.