وجدت نفسي منغمسة، غارقة في كتاب حسين مروة النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية في جزئه الأول. وقبل ان ادخل في قراءة ما استدعيه عنوان الكتاب في جزئه الأول، بدأت في المقدمة. الكتاب في مجلده الأول يحتوي على حوالي ٥٨٠ صفحة، مقدمته حوالي ٢١٠ صفحات.
بينما لا أزال غارقة في المقدمة والتهام الكلمات بين تفكير لا اكاد اشرع البدء به حتى تأخذ فكرة أخرى مكان الفكرة السابقة بأهميتها. ولكني شعرت باني امام كتاب يقدم مقدمة ابن خلدون بأسلوب أسهل وأعمق واقل انحيازية. او بالأحرى بانحياز وحيد نحو قواعد البحث بأشكاله المتعددة، ومبادئ الفلسفة بمدارسها المختلفة.
بين كل لحظة اثارة اشعر بها وما يتليها من اثارة قادمة لم أستطع الا التفكير بوحشية من استطاع ان يغتال هذا العقل.
ربما ليست مصادفة اغتيال العقل العربي المفكر كذلك تزامنا مع اغتيال فرج فودة والاغتيال المعنوي لنصر حامد أبو زيد وعبد الوهاب المسيري.
أحيانا أفكر كيف ان انهزامنا على الرغم من الامبريالية والتوغل الاستعماري في بلداننا، بكل أسف متأصل في نفوسنا. وكأن عقولنا لا تحتمل العقل والتعقل. لا تحتمل الفكر والتفكر.
فالعقل لا تتعدى مداركه العقال المقفل بشدة عليه، والفكر في كل مرة يتجه نحو التفكير يصبح كفرا.
سأمضي بالتأكيد وقتا كبيرا، غنيا بالتأكيد مع نزعات الفلسفة العربية من خلال حسين مروة. ولكن مرة أخرى، أقف بينما كنت قبل لحظة اتفكر بفقر المراجع العربية لما ابحث عنه بالفلسفة بما يحاكي المنطق الذي يفتش عنه عقلي، وبالتالي الجأ للمراجع الأجنبية التي تلبي احتياجاتي البحثية الصرفة، وجدت نفسي امام موسوعة حقيقية، بكل اسف، لا يتناولها البحث العلمي الأوروبي\الامريكي، وبالتالي لا يتناوله البحث العلمي العربي. هناك درر من الكتب التي تجعلنا نقف امام تاريخنا العربي الإسلامي وقفة حقيقية تجعل من هذا التاريخ تاريخ فخر واعتزاز من جهة، ولكن أكثر، تاريخ امتداد حضاري حقيقي وفاصل للحضارة كما نعيشها اليوم. ومع هذا …لا نعرف عنه ومنه الا ما اسقطه الغرب علينا بين استعمار وإمبريالية، بتحديث واستشراق، او سلفية واشعرية.
ويبقى القول ان حسين مروة اغتيل عام ١٩٨٧ بوحشية امام زوجته وهو على فراش المرض وسط الحرب الأهلية اللبنانية، وتاهت رصاصة الغدر بين الفرقاء بين اتهامات بين هذا الحزب وذاك.
الناشر: دار الفارابي – بيروت – لبنان (١٩٧٨)
“النزعات المادية في الفلسفة العربية – الإسلامية”.
الكتاب يتألف من أربعة مجلدات يتناول كل مجلد موضوعا معينا:
المجلد الأول: “النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية الجاهلية – نشأة وصدر الإسلام”، ويشتمل على مقدمة منهجية للكتاب ودراسةللفترتين الجاهلية وصدر الإسلام.
المجلد الثاني: “النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية المعتزلة – الأشعرية – المنطق”، حيث يتناول علم الكلام عند المعتزلةوالأشعرية، ويتعامل مع علم المنطق الصوري الأرسطولي.
المجلد الثالث: “النزعات المادية في الفلسفة العربية – الإسلامية تبلور الفلسفة – التصوف – إخوان الصفا”، ويتحدث عن التصوف من خلالشخصيتي ابن عربي والسهروردي، بالإضافة إلى دراسة رسائل إخوان الصفا. ويقدم نظرة عامة عن تطور العلوم عند العرب.
المجلد الرابع: يتناول مرحلة نضج الفلسفة عند الفلاسفة العرب مثل الكندي والفارابي وابن سينا.