تخطى إلى المحتوى

حيونة الإنسانية ما بين قتل الخاشقجي والمذابح في اليمن

حيونة الإنسانية ما بين قتل الخاشقجي والمذابح في اليمن

 

أن تكون بشرا فهذا امر خلقي. تخلق به، أي هناك بشر وهناك حيوان وهناك طائر وهناك حشرة وهناك زواحف وهناك سمكة وهناك مخلوقات كثيرة خلقت في هذا الكون الشاسع.

ولكن ان تكون إنسانيا، فهذه صفة خاصة جدا. أقرب الى ان تكون نادرة الوجود.

والانسنة فعل لا يرتبط فقط بصفة المخلوق، أي لا يجب ان تكون انسانا لتكون إنسانيا. يعني ممكن ان تكون كلبا او قطة او حوتا او عصفورا او نحلة وتتمتع بصفات إنسانية.

ويمكن بالطبع ان تكون انسانا متحيون.

يعني صفة الانسنة التي ارتبطت بتسمية الانسان، على الأرجح تكونت لان بالإنسان عقل يميزه عن باقي المخلوقات طور المشاعر بطرق أكثر حسية، وبالتالي نظم قواعد أخلاقية فصلته عن درب باقي المخلوقات الهائمة.

فما يميز الانسان الإنساني عن باقي الخلق، بما فيهم البشر هو تحكم اخلاقه بأفعاله. وهنا الاخلاق ليست لائحة من الصفات التي يتحلى بها المرء فتشكله لتعطيه الصفة.

ان الاخلاق هي المكون الأساسي للإنسانية. والمركب الأساسي للأخلاق هو تشغيل الحس المرتبط بين العقل والقلب.

لهذا نرى كائنات ليست انسانة فيها صفات إنسانية رائعة. فالحيوان في هذه الحالات تعدى مرحلة بهيميته وجعل من حسه محركا لدرب حياته. هذا الحس الذي يستطيع فيه المرء الربط بين ما يمليه عليه عقله وقلبه ليجعله انسانا كفوا بإنسانيته.

ما يجري حولنا من غياب تام للإنسانية، هو حيونة الانسان فينا.

في اللحظة التي احتكم فيها الانسان الى أحد مراكز الحس عنده لا كلاهما يصبح مجرد مخلوق حيواني. وهنا على ان أسجل بأنني لا اريد الحط من قدر الحيوان، لان حيونة الانسان تفوق حيونة الحيوان.

لان الحيوان يسير من خلال غريزته التي تأخذه نحو إعمال شق واحد من حسه. الانسان خلق مع هذه الخاصية التي تجعله يعقل فيتدبر فيكون انسانا.

جرائم قتل، سفك للدماء، مشاجرات، مشاحنات، مسبات، خروقات، جحد، تنكر، حقد، كراهية…. قبلية حيوانية الطابع تغيب منها معالم الإنسانية.

الاخلاق في غيابها حيونتنا نحن معشر البشر.

من هنا أدخل في صلب الموضوع، أنسنه البشر او حبونتهم. حيث ان الإنسانية صفة لا ترتبط بالضرورة بجنس البشر. او بالأحرى لا تلازمه كصفة تكوينية.

موضوع الصحفي السعودي الذي قلبت الدنيا من اجل حادث قتله الاجرامي المروع في قنصلية دولته السعودية، وحراك عالمي يتم هز دول فيه وتحريك عروش. في المقابل، هناك الحرب على اليمن.

حرب يشنها دعاة الإنسانية من كل درب على اهل اليمن من أطفال وابرياء تحت ذرائع لا تقل وهيا عن تلك الذريعة لقتل الخاشقجي. ذلك الصحفي الإنساني الذي لم ير من الحرب على اليمن انتهاكا للإنسانية، بل كان يشيد بحكم حكام بلاده الرشيد. الإنسانية نفسها كانت داعشية الطابع وقاعدية الأساس عندما لم تر عيناه القتل الوحشي للأبرياء في سورية والعراق…عندما كان حكام بلاده يتبعون الحكم الصالح والبناء. وقع الخاشقجي ضحية من امنهم. عاش كمن يستطيع الامن في وكر العقارب، لأنه كان يشبع حاجة تلك العقارب بزج سمومها بضحايا اخر.

إنسانية الخاشقجي المحدودة أودت بحياته على يد من أنسن جرائمهم.

انسانيتنا نحن البلهاء من المتفرجين نحو العالم …. هي مكان السؤال هذا. ما الذي يدفعنا لنرى الأمور بمنظار بعين واحدة موجه نحو ما يقال لنا، ولا نرى بأم اعيننا ما هو جلي وندافع عنه.

لماذا هفتت الأصوات امام الاجرام السعودي في اليمن، وعلت عندما قتل الخاشقجي؟

هل نحتاج لمنشار وكتيبة مأجورين لنشعر بأن الخطر قد اقترب الينا. ما يجري باليمن سفاح ومجازر، يطلقون الصواريخ والمدافع للقتل ويوجهون ما جوريهم من مركبات الطائرات الحربية نحو القتل المنهجي لأبرياء اليمن.

وما يقاس على الخاشقجي واليمن، يقاس على ما يجري في فلسطين، من تداعيات مريبة في انهيار القضية الفلسطينية من احتلال دائم الى مصالح خاصة، تقوم قيامة الشعب بسبب قانون قد يمس بعض الشواكل من المدخولات، ونمسك في تسريب الأراضي والعقارات في القدس وكأن ما يجري من مصاب له إثر مؤقت والفعل فيه شخصي، ونتناسى بوعي ان تسريب عقار لا يختلف عن استباحة العرض. يخص المجمل لا الشخص. العقار المسرب يفقدنا جزء من شرفنا، من انسانيتنا حتى، نترك العار والاستباحة وكزنه فعل عادي.

في حالة الحيونة الإنسانية هذه، تغيب القيم وتضيع الروح من فحوى الانسان، وننتهي لنكون قطعانا بشرية تسعى لقوت يومها على حساب كل من يعترض طريقها…

3 أفكار بشأن “حيونة الإنسانية ما بين قتل الخاشقجي والمذابح في اليمن”

  1. الخاشقجي قتل لكي يدفن معه ما يعرفه من أيامه في أفغانستان الى الآن. المصيبة ان الأغلبية تناسوا ماضيه الأسود وكأن الموضوع ابتدأ من ٢ اكتوبر. الحمد لله انك من الاقليه.

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading