تخطى إلى المحتوى

في عيد الأم…شكرا أبنائي

في عيد الأم……شكراً أبنائي

 

لأنّ الأمّ لا تستحقّ يوماً محدّداً للمعايدة والتقدير، فكلّ الأيّام أمّ. فإنّي أهدي هذا اليوم إلى أبنائي، لأنّه يذكّرني بأمومتي وسببها… أبنائي.

نربّي أبناءنا ونريد منهم أن يقدّرونا ويحبّونا ويعوّضونا خيراً كلّ ما بذلناه وضحّيناه من أجلهم.

أعترف انّني لا أحبذ ديباجة التّضحية، ولا أروّج من أجل عظمة الأمومة، واستحقاقاتها.

فنحن أمّهات بجزء من تركيبة الطبيعة التي وهبتنا هذا العطاء. عطاء لا نتفرّد به على الرغم من حملنا له وتكريس حياتنا من أجله. ولكنّ الامومة تعطينا بقدر ما نعطيها، إن لم يكن أكثر. فبالأمومة نكتمل بأنوثتنا ونضوجنا، وتصبح دورة حياتنا فاعلة، مجدية، ذات معنى ومغزى

والأمومة في مفاهيمنا، تحوّلت الى جزء مكوّن وأساسيّ في تكريس مفاهيم الحكم الذكوري. فتنطوي على السيطرة والخضوع والطاعة للأم. علينا العرفان والشكر والتقدير، بلا كلل أو ملل أو تعب.

ولا أقلّل من هذا بالطبع، ولكن أشدّد على أنّ الأمومة تعطينا أكثر ممّا تأخذ منا.

والأبناء هم منارة هذا العطاء وشعلته. فمن خلالهم نشعّ بنور، ونبتهج ونرتقي الى أعلى مدارك الوجود.

بينما كنت أجلس كعادتي باسترخاء وكسل. طلبت من ابنتي أن تحضر لي شيئا آكله وقلت معلّلة : اقترب عيد الأم ويجب أن تدلّلوني. نظرَت إليّ ضاحكة قائلة : كل يوم عيد أم عندك يا أمّي.

طبعاً، لم أستطع أن أخفي الحقيقة ، ولم أستطع رفض ما قالت. فأنا أتصرّف معهم كالملكة، الآمر والناهي والمتصدّر لكلّ ما تنمّ عليه الأمور. فكّرت والإبتسامة تملأ قلبي، بكمّ السعادة التي منحها لي أبنائي في هذا الوجود. كم كنت ولا أزال انانيّة بترديدي عبارات ذكوريّة سلطويّة  بوعي أو بلا وعي مطالبة إياهم  الاعتراف  بوجودهم على هذه الدنيا بسببي، وعليه تجب عليهم الطاعة الأبدية.

كيف كانت ستبدو حياتي من دونهم؟ من كنت سأكون لو لم يكونوا هم؟ من الذي صنع منّي هذه المرأة المؤجّجة بالمشاعر والرحمة والقوة غير وجودهم؟

من أعطاني الشعور المطلق بالحب غيرهم؟ من كان هناك بكل لحظة ولحظة من حياتي وإيّاهم ؟ من أضفى البهجة والمعنى والفرحة إلى حياتي؟

من يجعلنا كأمهات نفتخر أكثر بإنجاز لابن أو نجاح أو فرحة؟

ما يقدّمه لنا الأبناء هو استمرار لعطاء مؤقت قدمناه .

في هذا اليوم أفكّر كم نقصّر ونظلم ونضطهد تحت مسميّات الأمومة والإخلاص لها .

الأمومة لا تكون بلا أبناء تحمّلونا، وتعوّدوا علينا، وصبروا معنا، واجهِدوا واجتهدوا من أجلنا .

يتحمّلونا في كافة أمزجتنا وحالاتنا .

يتقرّبون منّا مهما حاولنا الإبتعاد.

 نكون مثلَهم الأعلى مهما كنّا محبطين ومخيّبين لآمالهم وأحلامهم.

يبهجون لابتسامة منا

يقفزون فرحاً من أجل كلمة حبّ منّا

يستكينون بلمسة منّا

يملأون وجداننا وكياننا ومهجتنا بحضن منهم

يرون أنفسهم بعيوننا، وأملهم في رضانا عنهم.

مع أنّهم لم يأتوا ليكونوا نحن على هذه الدنيا. جاؤوا ليكونوا هم . ليعمّروا هم. ليكملوا ما بدأناه كيفما يروه هم.

ويبقى لأمّي كلّ الفضل , لأن لولاها لما كنت يهذه اللحظة ممتلئة بشعور الفخر والإمتنان والسعادة بأنّي صرت بأبنائي أجمل وأفضل أم.

 

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading