تخطى إلى المحتوى

مصر وتونس…مرحله جديده تفرق بينهما نقطة

مصر وتونس …مرحلة جديدة تفرق بينهما نقطة

شعبان تسابقا على حمل راية التحرر من استبداد قيد الشعوب العربية لعقود متوالية في ثورتين أعادتا للعروبة معانيها التي حملناها بفخر منذ ميلادنا . وفي تناغم غريب لما كان من الممكن إدراكه ، حملت الثورات معها لهيب تفرق وميضه بين اضاءة فرحة في السماء وسقوط أحرق بعض ما في الارض.
من تونس إلى مصر ..شعور بالانتصار على وهننا الذي عشش بنفوسنا وعقولنا واجسادنا لعقود متتالية من استبداد انتصر علينا ، لتصبح ابيات ابو القاسم الشابي “اذا الشعب يوما اراد الحياه ..فلا بد ان يستجيب القدر “ نبوءة تحققت في زمن غاب عنه حتى الخيال . وتبعتها مصر بثورة ، أصبح فيها ميدان التحرير رمزا للتحرر من الاستبداد الذي بدا مستحيل زواله .ليصبح كل انسان جزء من انتصار سيبقى ابدي ربما …. حتى ولو سارت الامور الى مكان اخر..
فالربيع لا بد ان يتبعه صيف قد يكون حارق ، وخريف لا بد متقلب وشتاء عاصف ماطر ،ليرجع ربيع جديد.
ما حل بالوطن العربي بعد الربيع من انهيارات وانتكاسات وأزمات أسرع تقلب الفصول وتداخلها . ولكن لأننا نعيش في عصر السرعة ، فالثورات التي كانت تأخذ عقودا وقرونا ربما ، تأخذ سنوات عديدة في ايامنا هذه لتتحقق.
ولاننا شعوب تفتقر الى الرؤيا ، وتتحكم المشاعر فقط بها ، أردنا ثورات بطولية بنهايات محسومة.
دخول عهد جديد كان به الاسلاميون سواء بتونس او بمصر ، كان امرا طبيعيا للغاية ، فالشعوب كانت قد تعبت قهرا من كل ما مثلته الانظمة السابقه ، فكان الاختيار عاطفي ، ولم تكن لا الشعوب ولا الاحزاب السياسيه الموجوده او التي يمكن انشاءها مستعده لهذه المرحله الجديدة. ما كان مطلوبا من قبل الشعب هو حاكم بالاصل لا يمثل اي شيء مما مثله النظام السابق.
ولان الاحزاب الاسلامية قمعت لسنوات طويله ربما، وصولها الى الحكم كان متعثرا في نهجه . مما ادى الى ما آدى اليه.
لم يع الحاكم الجديد ان الشعب ثار ضد الاستبداد بالاصل . لم يثر ضد الحاكم لاجل الثوره ضده . ولم يعي ايضا ان الشعب في حالة ثوره . تغير التغير المطلق.
لم يع ان التلخلص من حاكم مستبد بعد عقود هو تغير جزئي لم يطرأ للحظات وتعود الكرة لما كان عليه
وكان ربما من حظ الحاكم الجديد السيئ انه اتي لشعب ثائر . ولم يتعلم ذلك الحاكم انه جاء نتيجة هذه الثورة . فلولا ثورة ذاك الشعب المقموع لعقود لما وصل به هو الحال ليتربع على الحكم.
وهكذا كان رد فعل الشعب اكثر حدة وشراسة . فالشعب لا يزال يرى بنفسه الحاكم الجديد. فهو من أطاح بطاغية ويستطيع الاطاحة بأي مشروع طاغية جديد.
انتهى عهد الاخوان بما حمله من اجندات مدروسه وغير مدروسه ، بالرغم مما حمله من فتح الابواب بقصد او بلا قصد لما شهده العالم العربي من تطرف اسوأ. ليصبح الاسلام حربة للهجوم على كل ما هو مختلف عني مهما كنت .
ومع الاسف ، الجريمه الاكبر التي ارتكبت كانت ضد الاسلام نفسه . فزاد من انقسام الشعوب انقساما ، بعد ان كنا نحتاج ان نتحد للتغلب على عدونا الاكبر ،لنجد انفسنا في انقسامات تلو انقسامات حتى بات بالعائلة الواحدة انقسامات بانقسامات .
وبين التجربة التونسيه والمصرية ، انتهى المطاف لنفس النهاية . انتهاء عصر الاسلمه ، باخوان او اشباه اخوان .
ودخلت الشعوب بمرحله لا اخوانيه ، باحثة من جديد عن النقيض ، حتى ولو مثل ذلك النقيض ما كان نظاما سابقا . ومما لا شك فيه ان انتقال الدول من مرحلة استبداد علماني الي الدخول في استبداد قبلي رجعي ديني قد أرعب حتى المتدينون المعتدلون . وكان من المرعب ايضا مشاهدة هذا النفور في كل مرة من قبل الشعب بين نقيضين بفترات متقاربه. وكان الشعوب عاشت حالة هلع .. والامر مفهوم على الرغم من عدم تقبله بالنسبة لمتفرج خارجي . فبالنسبه للمواطن الذي انتخب الاخوان بكامل ارادته ، كان الشعور بالمسئولية اكبر . فالنظام السابق لم يكن اختياريا . اما ان اختارك انا وتستبد بي فهذا كان غير مقبول. واستباحة الدماء التي حصلت ، لا بد انها اثارت حفيظه الشعب ، حتى اصبح الشعب نفسه يحلل ويحرم قتل من لا ينتمي اليه .
. فبين ثوره وثوره مضاده ، استطاع الشعب المصري والتونسي بالنهوض. بغض النظر عن سوء التقديرات والافعال من قبل الجميع ، شعبا واعلاما وحكومه ، الا ان النهوض بالبلد من جديد والمشي قدما بعمليه ديمقراطيه تكللت بانتخابات ، احضرت السيسي بما يمثله اعاده للنظام السابق ، تبقى خطوة ارادها الشعب بغض النظر عن انقسام الشعب ، الا انه كان لا بد ان يحسم الامر.
ولحقت تونس بمصر لتنهي عهد الاسلمه كذلك ، من ريب وصل ارتداده الى الشعب الذي بدد به حلم الثوره بالتحقق. وعاد بانتخابات تبدو بانها تعيد النظام السابق الى السياده
فبين السيسي والسبسي بداية مرحله مهمة للمنطقه .. فلم تعد الدول وما يجري بها شؤونا تخصها فقط. فعندما ثارت تونس تبعتها مصر و بعدها ليبيا وسوريا والبحرين . وعندما صعد الاخوان وهبطوا كان صعودهم وهبوطهم ممتدا في ارجاء الوطن العربي.
فاليوم الامور كلها اصبحت تدار بسياسات يحكمها امور خارجيه ودوليه ترتبط بمصالح مختلفه تتداخل وتترابط بحسابات اقليمية ودولية .
ويبقى اختيار الشعبين لرئيسهما هو ما سيحمل هذه المرحله لمرحلة فصل أخرى .
وبين السيسي والسبسي بتلك النقطة ما يمكن ان يسقط آثار النظام الاستبدادي السابق اذا ما تعلم الحاكم الجديد اي كان انتماؤه او موقعه السابق، بآنه موجود من أجل خدمة الشعب . فبه يكون ومنه ممكن ان ينتهي.
نقطة تعيدنا الى مواجهة جديدة تتطلب الحكمة من كل من يستطيع ان يملكها ، شعبا حكومة واعلاما .
بينما تنتظر تونس جولة اعادة لتقرير رئيسها الجديد ، تنتظر مصر مواجهة خطرة غدا… الحكمة والتعقل واحترام الحياه يجب ان تكون نقطة البداية والنهاية في سير المرحله القادمه .. من تاريخ شعب ووطن يشكل عصب أمة كاملة …
حماك الله يا وطن

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading