تخطى إلى المحتوى

بين نكبة ونكسة

بين نكبة ونكسة

تستعد إسرائيل في هذه الاسابيع للاحتفال بعيدها ال٦٧. بينما يشكل هذا العام مفارقة بالارقام من حيث التقاء الاحتلالين لاسرائيل لفلسطين ما بين ٦٧ و ٤٨ . فهذا العام هو العام ال٦٧ لاحتلال ال٤٨ ، والعام ال٤٨ لاحتلال ال٦٧. وبينما تفقد الارقام اي معنى ممكن واي مغزى مرتقب ، يبقى الحال الفلسطيني نفسه . هزيل متآكل . في وقت تزداد اسرائيل شبابا ورعونة . فبين ال ٤٨ وال ٦٧ ،متاهة ادخلتنا اياها اتفاقية اوسلو ووضعتنا على قارعة الخريطة . وبينما ازدادت اسرائيل بطشا وامتدادا ، استمر الحال الفلسطيني في مكان مراوحة لا تتعدى الشجب والادانة ،حال القيادة الفلسطينية في هذا الشأن اصبح كحال البلدان العربية. متفرجون ، مكتفون بالتلويح اتفاقا او نكرانا في احسن الاحوال وكذلك اسوئها.

ونستمر نحن كشعب بالصراخ والعويل ،تنديدا اولا وعزاءا ونحيبا فيما بعد. فعلى مدار العقود ان كان بخمسة او سبعة ، يتساقط منا ابناءا بين شهداء وجرحى واسرى . وزاد تشردنا حتى ضاقت الارض بنا . وكبرت اسرائيل وترعرعت . على ما كان يوما بيتا ووطنا ، واكتفينا وقادتنا بالجلوس على قارعة خارطة فلسطين مستمرين بشجب فارغ وصراخ اجوف.

وتكبر النكبة وتستمر النكسة بين احتلال غاشم وقيادات ممزقة . اوجدت في انقسام الخريطة وتفتيتها انقساما للانسان الفلسطيني. فبينما تكبر اسرائيل وتقوى ، نصغر نحن ونضعف.

فأصبحنا غرباء في وطننا ، ضيوفا في بيوتنا . بين إحياء لنكبة ومفتاح باب لبيت صار مستعمرة . وبين وضع اكليل ورد على ضريح شهيد يتعاقبه شهداء وشهداء . بين زغرودة فرح بفك أسر سجين ،يتم الزج بعشرات اخرين . وتتحول الزغرودة الى صرخة تعلوها صرخة . لام اخرى منكوبه ومنكوسة ..

فبين نكبة ونكسة صار تعريفنا لانفسنا ولحالنا . وقياداتنا لا تزال على قارعة الخارطة ، يتأملون بسلام لا يسلم الا اسرائيل . ويتفاوضون على حدود لم تعد موجودة ، بين حاجز ومستعمرة وجدار .

ونحن نحوم حول انفسنا نصرخ صرخة ليست بصرخة . نلوح بأعلام لا تحمل على اجنحتها اوطانا . نساوم من اجل لقمة عيش لا من اجل كرامة انسان .

وتكبر اسرائيل اكثر ونصغر نحن ونتشرذم .

فبالامس كنا وحدة بشعب تحت احتلال . واليوم نتسابق على حمل الاعلام بين اصفر واخضر في نكبة جديدة ونكسة متجدده.

ولم يكفنا تفكيك الاحتلال للارض وتفريقها وتشتيتها لاشباه مدن وثكنات تؤمن من خلالها اسرائيل شعبها وجنودها. وصرنا كما الارض اشلاء ومتشرذمين متبعثرين متفرقين .

نبكي مصلحة ، ونشجب موقف ، ونستهزىء من انسان لا يزال يحمل راية الوطنية على اكتافه . ونتصارع صراعا حقيقيا لا كلاميا كالذي ندعيه امام اسرائيل ضد انفسنا . وتعلو كلماتنا الصراخ ونهدد ونندد فيما بينما على بعضنا . وتستمر اسرائيل بالتنفذ في احتلالها علينا ارضا وشعبا … ولا نزال بين فكي الاحتلال نتخاصم خصومة ألد الاعداء . ولا نزال نستوعب ان الامور باتت متفجرة.

فبعد ٦٧ او ٤٨ سنة من الاحتلال ، صار الانسان الفلسطيني يتساءل ان كان الاحتلال خير وابقى من السلطة الفلسطينية ، يتزاحم المقدسي اليوم في سباق للحظي بالجنسية الاسرائيلية بالسر والعلانية ، السلطة تنظر وتتأمل نظرة الغريب وتأمل البعيد . ولا تزال تشجب بصوت خافت ضليل . ما يشبه الشجب وتصدر ما يشبه الصوت . وتبقى مكتفية بما حظت به على قارعة الخريطة الجديدة .

وبينما ننتظر انتخابات لن تأت ، تذهب الجامعات هذه المرة لانتخابات طلابية ، تقوم بها جامعة بيرزيت بضرب كف مدو للقيادة الحالية . فتخسر فتح في عقر دارها ، ليقال لقياداتها مرة اخري ، بأن درس الانتخابات الاول لم يجد اي نفع. ومع هذا تستمر قيادات فتح بالادعاء والمداعاه ، تهمش ما جرى وتستقوي على حماس . ولن ترى ولن تتعلم ابدا فتح على ما يبدو .. ان القيادة والسيادة لا يفرض بالالقاب والبلطجة وطول اليد. فالسيادة عمل متفاني من اجل الشعب لا من اجل مصلحة شخص لا يخرج من كل واحد منهم عن الانا.

ولن يفهم على ما يبدو حملة الدين على منابر الجوامع بان الشعوب وان سكتت فهي ليست بالبلهاء. فتحريض الفلسطيني على الفلسطيني لن يقرب الشعب من القيادة ولو كان تحت عمامة المشايخ ومفتي السلطة المشترون.بابخس الاثمان .. او الاصح بأثمان بيع فيها الوطن بالجملة والمفرق وها هم اليوم ينادوا بسفك الدم العلني . وكأن الدم الفلسطيني زاهد على صاحبه… وتستمر اسرائيل بلا هوانة في النمو على جثة فلسطيني جديد وارض لم تستول عليها بعد و شجرة زيتون لم تقلع من ارضها لتزرع في ارض مستعمرة مجاورة حتى اللحظة.

فالزمن يمر لمصلحة اسرائيل بعد ٤٨ او ٦٧ طالما نقاد من اجل تصريح وتسهيل ومنحة من اجل معاش بعض الموظفين …

نستمر في نكبة تلحقها نكسة واعلام فلسطينية منكسة حتى يأتي فرج الله على عباده المنكوسين المنكوبين ريما في زمن ما

.

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading