تخطى إلى المحتوى

لا عزاء للسيدات

لا عزاء للسيدات

الموضوع لن يختلف كثيرا عن فيلم فاتن حمامة “لا عزاء للسيدات” الذي لعبت فيه دور المرأة المطلقة التي دقت بدورها ذلك الجرس على معاناة المرأة العربية في أروقة المحاكم والمآسي المترتبة على تجرؤ امرأة عاشت تحت قمع الزوج أيا كان وضعه، سفير كان أم بواب عمارة.ومهما كان وضعها هي طبيبة ام عاملة . فوضع المرأة لم يختلف ولن يختلف . القوة والسطوة للرجل مهما علا أو خفض وضعه أو مكانته والعكس.قبل ثلاثين سنة ام بعد ثلاثين سنة ربما ، انتهاك المرأة واستباحتها يبقى نفسه.

لا يمر يوم ربما، إلا وهناك قصة نسمعها عن معاناة امرأة ضحدها النظام الذكوري المتأصل في مجتمعنا بين شخوص ونظام متكامل عندما يتعلق الموضوع بقمع المرأة أو تهميشها .

جرائم الشرف التي لا تتوقف . يمر قتل المرأة على خلفية الشرف مرور الكرام . وكأن المرأة بهذا المجتمع هي الشرف ، في وقت هي التي يتم هدر شرفها في كل لحظة. فهي التي تعاقب في تلك الجرائم ويستمر الرجل في حياته ولا يذكره احد . ذلك المقترف للجريمة إن وجدت ، وذلك الذي ادعى الدفاع عن الشرف، إذا ما حوكم، لا تتجاوز محكوميته الستة أشهر ان عثر عليه . فكم من جريمة اختفى مرتكبيها ، وكم من جريمة جف الدم فيها على فنجان قهوة ، وكم من جريمة ترتكب كل يوم ولا يحاسب المجتمع الرجل فيها ، ويصر على تحميل المرأة المسؤولية حتى وهي مذبوحة.

المرأة في مجتمعنا مهما كانت على حق وقوية ومستقلة ، يتم تحجيم قوتها وحقها أمام رجل يسمى زوج . لا تنتهي قصص المعاناة للمرأة باللحظة التي تفكر بها بالطلاق . ويل لها إن فكرت بالخروج من ذلك الاطار مهما صعبت حياتها ، ومهما عانت ، ومهما تحملت ، ومهما تعذبت . باللحظة التي تفكر فيها بالطلاق ينقلب العالم من حولها عليها . وذلك الذي حاولت الطلاق منه ربما لأنه كان خائن او معتوه او سفيه او مجنون او مجرم او مخمور يتحول الى وحش يدعمه المجتمع من حوله ، فكيف تجرؤ هي على التفكير بالطلاق. هي دائما مذنبة مهما حاولت التبرير.

هزني سماع كلمات احدى الضحايا من النساء بتسجيل اذاعي ، لم يكن استثنائيا أنها طبيبة وهو كذلك طبيب وأستاذ جامعي. فمع الأسف الشديد فإن العنف لا يقتصر على غير المتعلمين أو الفقراء . فهو آفة لا يتميز بها فئة بعينها . فلا يردع الرجل تعليمه ولا شهادته ولا ماله ولا اسم عائلته عندما يقرر أنه الوحيد والأوحد القادر على التحكم بزوجته . ولا يختلف ما جرى مع تلك السيدة من محاولة لقتلها من خنق ورش غاز سام على وجهها وصياحها باستصراخ نحو مغيث أي كان وتركها لمصيرها لمجرد انه قال : “مرتي” . وكأن له الحق الكامل بقتلها والتنكيل بها وضربها وكل ما أتت له نفسه البغيضة المريضة بتلك اللحظة لأنه الزوج. حتى ولو صاحت قائلة : ليس بزوجي ،بيننا قضية طلاق.”

كم من مرة يتكرر هكذا مشهد أمامنا وحولنا . وكم من مرة لا تسعف الحياة الضحايا كهذه المرأة التي نجت بأعجوبة من بين يديه؟

كم مرة نقف على شواهد قبور ضحايا جرائم الرجال ضد النساء في هذا المجتمع ،كشاهدي الزور ، نترحم بصمت ونلوم بتمتمة متسائلين أو لائمين؟ كم مرة حولنا بألسننا وعيوننا وتصرفاتنا الضحايا إلى مجرمين ورمينا اللوم عليهن ؟ كم مرة نلوم المرأة على إساءة الرجل لها ؟

كم مرة نغفر له خطاياه وندونها تحت هفوات ، وكم مرة نحول أخطاءها الى خطايا نجلدها مجتمعين عليها ؟

هذه الضحية التي تجرأت للذهاب إلى المستشفى ،وتقديم بلاغ للشرطة ، كم من الوقت سيمر قبل ان يبدأ المجتمع بلومها ووضعها في مكان المجرم ؟ المجتمع هذا الذي لا يخشع للمرأة الا عند موتها . لا يقدر قيمة لها الا وهي تحت التراب.

التحكم الممنوح للرجل ليس صدفة ولا سطوة منه . فهو محكم له، مترابط في إحكام القوة له . فالمرأة مهما تعلمت ووصلت إلى أعلى المراكز تبقى أسيرة سطوة رجل يسمى زوج . لا تستطيع أان تحكم على نفسها في فتح حساب بنكي لابنائها الصغار ، ولا يمكن ان تحلم ان تخرج بهم الى رحلة خارج الحدود ، وإن كانت محظوظة فتحضن الأبناء في معظم الاحيان ان كفت “اذاها ” عنه في الكف عن المطالبة بالحقوق .

وويل لها ان فكرت بأن تطالب بحق ، لها او لاولادها . فتصبح العاهرة الداشرة . تقترب منها الافواه المفترسة من كل درب ، بين لائم ومستغل ومتجبر . وفي كل الاحوال يقع عليها اللوم .

يستعطفها المجتمع ويتعاطف معها للحظات قليلة ان كان الاذى كبير ، ولأيام ان كان نصيبها القتل . ولكن ما تلبث ان تخضع لجلدات سياط المجتمع كافة . فلا بد انها مخطئة بطريقة او بأخرى .

المجتمع يريد إبقاء الزواج كمؤسسة يحافظ من خلالها على سطوة الرجل والذكورية تحت أي ثمن . نسينا أن الزواج مودة ورحمة . نتمسك بميثاق الزواج مهما غلظت سبل الحياة فيه . وبدلا من مناصرة المرأة التي اختارت الطلاق ملاذا لما يمكن ان يكون قد تبقى لها من حياة ، يجتمع الافراد ليصبحوا كتلة تتكاتف وتتوحد من أجل تحطيمها وتهشيمها . ناسين ، متناسين أن هذه المرأة هي نفسها الأم والاخت والابنة .

ونبقى في مجتمع لا عزاء فيه للسيدات

 

2 فكرتين بشأن “لا عزاء للسيدات”

  1. I believe it is the saddest expression of human nature to examine how badly the males of the human species have failed in their Duty toward Life. Men have, for all our history, denied their own nature, subjugated and abused women by force, simply because those men are afraid of how women make them feel. Their own fear of their own feelings are their greatest enemies…

    It is appalling to me to watch the world tear itself to pieces, man against woman, man against man, man against the entire planet, it seems at times. The human male is, as far as I can tell, insane, and has created an insane society….

    You, on the other hand, are a compassionate, intelligent, incredibly strong woman, who deserves much better. I am sorry to say, there are not many men out there, anywhere. who would be able to be worthy of your attention….

    The issue whereof you speak is world-wide, not just in the Muslim world. The only differences are a matter of degree of obviousness.

    I wish I knew the answer, but, any such answer lies in changing human nature, and that simply isn’t going to happen….

    gigoid, the dubious

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading