تخطى إلى المحتوى

الترهيب والقمع : النائب العام يحبس من يجاهر بالافطار لمدة شهر

: في عنوان اطلقته احدى الوكالات الاخبارية لخبر صحفي، تناقلته صفحات التواصل الاجتماعي، يتحدث عن قرار من النائب العام يقضي بحبس لمدة شهر لمن يجاهر بالافطار.

في البداية حاولت الرجوع الى الخبر للتأكد منه، وكانت محاولتي فاشلة ، فلا وجود للخبر على الموقع .

الخبر بعنوانه لا يحتاج الى اكثر من هذا ، النيابة تعلن !!! اولا، كيف للنيابة ان تقرر حبس الشعب على هوائها . على غير الكثير من منقوصات هذه السلطة ، فان السلطات التشريعية والفقهية كالامنية متشعبة ولا نعرف نحن الشعب من اين تأتي مصادر تهويل مصائرنا .

للحق، ظننت ان الجهة المصدرة للقرار حماس، وكنت بالطبع سأنتقد وارد، لان الموضوع لا يحتمل عدم الرد ، ولكن لحماس وسلطتها اسبابها وذرائعها التشريعية التي لا يتلخص تحديد الحريات بها  في هذا المكان .

ولكن، عندما يصدر هذا القرار، بصورة غير قانونية ،من جهة غير مخولة بإصدار القوانين، ومن سلطة تدعي انها علمانية ، وتنتقد ليل نهار السلطة الدينية في شق الوطن المنفصل ، فهذه بلا ادنى شك، طامة صغرى … نعم طامة صغرى ، فالطامة الكبرى نلتطم بها يوميا ولم نعد نشعر بها ، لذا عندما تأتي طامات كهذه نستشعرها .

وبالمناسبة، فأن هذا القرار اصدرته سلطات الانتداب البريطاني زمن احتلال فلسطين . فهو طريقة كانت كما هو اليوم لتأكيد الفروقات واشعال فتيل الاختلافات ، وفوق كل شيء ترهيب الاخر . والاخر هنا غير الصائم ، وغير الصائم في الشارع من المفترض ان يكون المسيحي.

ومن جهة اخرى، ماذا حل باية “يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر في سياق الصيام . وماذا حل باية ليس على المريض حرج. وماذا حل بآية “لمن يطوقونه” . من انتم لتقرروا وتفرضوا على الناس الصيام القصري؟

وهنا اتساءل، كيف يختلف اصدار هكذا عقوبة، عن القانون الداعشي وعن الارهاب الذي ننبذه ؟ اليس هذا من اشد الامور ترهيبا في فرض الحبس في المجاهرة في الصيام .

ثم استخدام كلمة مجاهرة ، ماذا تعني ؟ وكأن غير الصائم يدور بالطعام ويحلو له الاكل ؟

الم يكن من الافضل سن تنظيم للفجع ما قبل الافطار بالاسواق والذي لا قلوب لنا عند رؤية محتاج لا يستطيع شراء صحن حمص او زجاجة عصير او كيلو قطايف ؟

اين دورات الحكم الرشيد وحقوق الانسان والحريات التي يتم ضخ اموال المانحين لها امام قرار النيابة العامة هذا ؟

هذه ليست المرة الاولى التي تعطي النيابة نفسها صلاحية اصدار احكام ليست من صلاحياتها .

وان هكذا قرار، وبمجرد التلويح به، فانه يبث الرعب والترهيب في نفوس البشر . ثم نتكلم عن الحق في التعبير . فاين الحق في الطعام والشراب .

الصائم صائم بقراره . لا يحق له ان يفرض على المجتمع كله ان يكون صائما . اين مباديء الصيام التي تطلب من الصائم التحلي بالصبر ؟ اذا ما كنت غير صائم ومتحمل لمغبة الافطار عند ربي ، هل يحق ان يتم معاقبتي كذلك من قبل البشر الصائمين ؟

اين المنطق في فهم هذا الدين . ثم تستغربون كيف يتهمنا الاخرون بأننا متخلفون ؟ كفاكم لعبا بهذا الدين وبتعاليمه. لقد وصل الانسان العادي الى حالة كفر من كل ما يمت للدين بصلة من هكذا تشريعات واحكام ، الله والاسلام بريئين منها .

الصوم امتناع ودرء شر وابتلاء ، لا تجني واجبار الكون ان يتحول الى صائم ولا تحميل العالم ما لا وزر له به .

اللهم اني صائم عن اتباع دينك من خلال اولئك البشر .

الحمد لله انه جعل القرآن مبينا …لمن يتقون.

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading