تخطى إلى المحتوى

الهباش وخطاب الكراهية والقتل

 

 

الحقيقة، انه من الصعب استيعاب ما يخرج من فم هذا الرجل محمود الهباش الذي يمثل أعلى المناصب التشريعية بصفته قاضي القضاة. تداول الاعلام وشبكات التواصل بالسابق اجازته الضرب للمرأة من قبل الزوج وخرجت مطالبات بتوبيخه، انتهت بوقوفه وسط اتحاد المرأة مع النساء ورئيس السلطة محمود عباس.

وخرج قبل اسبوع بإنجاز لا يفهم منه الا مأساوية رسالته بالفصل والعنصرية، عندما هللت الدنيا بخبر عن منح قاضي القاضاء الشرعي لمحامية “مسيحية” شهادة مزاولة مهنة القضاء الشرعي، وكأن هذه المسيحية كائن فضائي تم منحه اجازة لما هو غريب. ولكن بحالة الهباش، فهذه اضافة في انجازاته بدعم المرأة “الأخرى”.

الهباش معروف بمواقفه الداعية الى العداء مع حماس وتكفيرهم وكل ما يدس السم في المجتمع الفلسطيني تحت مسميات الانقسام العريضة ما بين فتح وحماس، غزة والضفة.يكفي ان تتابع خطبة من خطب الجمعة التي يلقيها من مسجد المقاطعة (له اسم اخر) لتفهم مأساة الحياة التي يقوم فيها اولوا الامر من اخذ النصيحة والتشريعات من هكذا شخصية.

وبطبيعة الحال لم يوقفه احد واستمر في خطب الجمعة من مسجد المقاطعة ببث سم التفرقة بين افراد الوطن الواحد على مدار سنوات ، والديباجة للكراهية كانت متوافقة مع الموقف السياسي الانقسامي اعلاه، فصرنا منذ زمن، فتح وحماس ، غزة والضفة، فتح الرئيس وفتح الكفار.

في خطبة يوم الجمعة الموافق ١ اذار ٢٠١٩، قدم الهباش خطبة يجب ان يتم محاكمته عليها ان كان هناك بالفعل ما بقي من شرعية لابو مازن (محاولاتي لإبقاء شرعيته لا تتوقف على ما يبدو). لابد من الاعتراف اننا كلنا ملامون لظهور شخص مثل الهباش ليقف في منصات الدعوة الدينية ، عندما سمحنا ان تأكلنا القسمة وصرنا فتح وحماس. لابد ان الرئيس استفاد من هذا لكون الاختلاف السياسي بينه وبين حماس في أوجه منذ تولى مهام رئاسته وفوز حماس بالانتاخبات التشريعية، ومند انقسمنا الى ما انقسمنا اليه .

وعليه، فانه ليس من الغريب ان يقف الهباش في نفس المكان ليدعو للقتل المباشر لمن دعاهم بالمرتزقة من الشعب الذي خرج ليقول ارحل للرئيس أبو مازن.

طبعا خلط الهباش الحابل وبالنابل، وقارن الرسول بابي مازن وقارب بين صمود الرسول امام اغراءات أبو جهل وصمود أبو مازن امام صفقة القرن!

الترويج لابو مازن بشأن رفضه لصفقة القرن امر ممكن ان نفهمه، ولكن ربط الصفقة ورفضها بمن خرج ليقول لابو مازن ارحل، بدا اكثر مأساوية من دعوة البغدادي في داعش لقتل من خرج عن صف المؤمنين.

هل ما يجري هو حالة من الإفلاس المطلق لما تبقى من حكم أبو مازن ، وصار النداء الأخير يخرج من المآذن ؟

ما خرج من فم الهباش تحت قبة الجامع يثير الرعب ، في تحويل التهديد بالقتل وكأنه واجب ديني على كل من يعترض على أداء أبو مازن. وكأن القمع والأجهزة الأمنية المنتشرة لتقص مما كان للمجتمع من اجنحة في التعبير عن النفس لا يكفي، وها هو الهباش يدعو لقتل كل من يخرج عن صف الرئيس الأمير.

وكأن حالة الانفصام التي نعيشها لا تكفي، ونحتاج لمنابر المساجد وللدعوات عبر المآذن لبث خطاب الكراهية الداعي للقتل. فلم يكتف الرجل باستخدام هذا المنبر وعلى مدار السنوات لدعوات الكراهية والتفرقة بين الضفة وغزة. ها هو ينادي بالقتل لمن ينادي بالرحيل لرئيسه ، ليكون الشعب في مجمله ان كان غير راضي قد  تمت الدعوة لسفك دمه.

يحذرونا من الإسلام الاخواني والحمساوي ، وثم يقف امامنا الهباش بإسلام داعشي وقاعدي.

الفرق الوحيد بينه وبين ما ينادي به البغدادي  ممثلا بداعش وامراء النصرة والقاعدة هو العمامة واللحى والدشاديش البيضاء.وهنا تكون المشكلة اعظم، فالرسالة متضاربة والشكل منهك للنفوس. ففي حالة الداعشية وامثالها، نعرف ان المظهر الخارجي متوافق مع ما تبثه العقول تلك من سموم. أما في حالة الهباش، فهو يقف امامنا ببدلة ايطالية الصنع وذقن محلوقة ويردد علينا اقاصيص الماضي بحلل شرعية. يحي بداخلنا فرقة الاوس والخزرج ، ويحثنا على التبعية كتلك الخاصة بالصحابة ويحدد لنا من هو على درب ابي جهل والمنافقين ويطلب منا ان ننهج نهج الرسول في درء الفتنة. ثم نستغرب كيف خرجت داعش من كلمات ابن تيمية!

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading