تخطى إلى المحتوى

الصحافة: الرأي والرأي الاخر، ام رأيي او هدر الدم؟

الصحافة: الرأي والرأي الاخر، ام رأيي او هدر الدم؟

 

لم أكن أتوقع ان يأخذ منشور قام بنشره أحد الصحافيين الفلسطينيين على صفحته، ناقلا منشورا لزميلة إعلامية تعبر من خلاله عن رأيها بشأن قضية العدل والمساواة بموضوع المرأة وطرحه الإسلامي، أن يأخذ هذا الكم من الاهتمام، كونه لم يخرج عن استخدامه لبعض العبارات الغاضبة المستاءة وتحويله للموضوع وكأنه حرب الله على الشيطان.

قررت ان الموضوع لا يستوجب الرد، لأنه لا يمكن ان نرد على التزمت بالتزمت. وكون التعليق الوارد من الصحافي مجرد تعليق يعبر عن شخصية شوفينية تحتقر المرأة ربما. ولكني تفاجأت من الهجوم الذي وقع على الصحافية التي نقل عنها المنشور بطريقة همجية داعشية. وكيف لا، فالمرأة تطرقت الى موقف الإسلام من العدل تجاه المرأة. فنتحول شعوب العوام الى ابواق تحارب من اجل حق يجب ان يدحض الباطل فقط عن طريق القتل والسفح. لغة مرعبة تذكرنا فقط بداعش واخوانها من تابعي الظلام والفتنة في مجتمعاتنا.

في ساعات قليلة، انتهى الموضوع من كونه وجهة نظر ما، يحتمل صوابها كما يحتمل خطئها. لم تصدر في المنشور ككلمة مسيئة واحدة او إشارة لكفر او الحاد. كان هناك تساؤلا حقيقيا لأمر نعيشه يوميا وعلى مدار العقود والقرون من ظلم لوضع المرأة تحت حماية “كلام الله”. فلا تفكر ولا تعقل ولا تساؤل. اتباع اعمى لما يريده سلطان الدين أيا كان.

القرآن الكريم لم ينزل على الرسول محمد عليه الصلاة والسلام من اجل ان يكون طلاسم. لم يأتي النبي برسالته لينغلق الانسان عل نفسه وان يتحول من عبودية الاصنام الى عبودية كتاب او شخص او فكرة.

لماذا علينا ان نعيش بترهيب تحت اسم دين جاء ليكون مفتاحا للفكر في زمن ملأته الظلمات والعادات الوثنية والظلم؟ لماذا نصر ان نجعل من الإسلام ظلم وظلام في وقت جاءت رسالته للعدل والنور؟

القرآن الكريم لم ينزل علينا بلغة مستحيلة الفهم او صعبة لا يمكن استيعابها. نزل في زمنين للرسالة الإسلامية بين مكية ومدنية، تجعل من تناوله للمواضيع تختلف وتتشكل على حسب الزمان والمكان والحاجة. كانت فكرة “امركم شورى بينكم”، وفكرة ” التفكر” هي مفتاح الإسلام في نهضته واقناعه للعالمين.

كيف وصلنا الى هذا الزمن ولا نزال نصر بأن نمسك من الكلام فقط ما تعودنا على ترديده وحفظه؟ ألم يرد منا الرسول الكريم ان نتفكر بما نزل عليه من آيات ونتساءل ونعترض؟

الإسلام دين السلم فكيف تحول الى ما نراه اليوم من داعش؟

داعش ليست أولئك المجرمون الملتحون المختبئون وراء أجهزة مخابرات الامبريالية لتفكيك الشرق والتخلص من الحضارات الاصيلة لهذا العالم، بل هي ما يختلج من أفكار مليئة بالكره والتزمت ووصد العقول بأفكار متحجرة، وتبث بالعروق دما صدئا وتنشر بالنفوس هواء متعفنا، يحجبنا عن النور الذي جاءنا الإسلام من اجله.

ما المشكلة في التشكيك وابداء الرأي الاخر؟

ما المشكلة في طرح أمور يراها البعض منا إشكالية؟

لماذا يجب ان تسقط الأصوات الأخرى وتحرق وتقتل وتدان، في وقت نعيش فيه زيف من يلبسون عباءات الدين؟

في الأزمنة السابقة لسنين ليست بعيدة، كانت الوسائل المتاحة محدودة. لم تكن المعلومات ممكنة الوصول اليها كما اليوم. كانت كلمات هذا مقابل ذاك لا يعرف الجواب عليها الا كتب على رفوف المكتبات التي لا يصلها الا العارف. اليوم وفي كبسة زر او لمسة شاشة نستطيع الوصول الى أي معلومة تخطر في بالنا نود فهمها أكثر والتبحر في أصولها إذا ما أردنا. فالعلم والمعلومة كما الدين لم تعد في يد صاحب علم بذاته.

الانسان المسلم اليوم وصل الى درجة من التطرف في تزمته او إلحاده غير مسبوقة. شباب بعمر الورود يتكلمون بالإلحاد ويسعون اليه. وليس هذا بغريب في وقت أصبح ما يمثل الدين نهج داعش.

لم ننس بعد جرائم سطرت مأساة وضعنا كأمة عربية، فبالأمس القريب قتل المفكر الأردني ناهض الحتر، كما هدر دم فرج فودة ونصر حامد أبو زيد. الا نسأل جميعنا اليوم أسئلة فرج فودة ونصر حامد أبو زيد؟ الا نسعى للإجابة على ما يخالجنا من أفكار وراء من يلبسون رداء الدين من عمرو خالد وعائض القرني وصولا الى الهباش؟  هل هؤلاء بالفعل من ائتمنهم الله بعد رسوله على رسالته للعالمين؟

عائض القرني باع الملايين من نسخ كتاب سرقه ولا يزال الكثيرون يتمسكون ب “لا تحزن”. بايع بن سلمان كولي الله ولم نسمع افواه تعترض ولا بوستات تهجم كما تم الهجوم بالأمس على الصحافية ناهد أبو طعيمه. لم تنقل كلمات مسيئة ولم تسرق معلومة وتنسبها الى نفسها ولم تكفر ولم تشكك. وافقت على تساؤل رجل بشأن موضوع حقوق المرأة في الإسلام – القرآن.

ولأني لا اريد الاختباء وراء هجوم، اعترف انني لوهلة خفت التصدي له، أني اتفق مع ما صدر من كلام في ذلك المنشور بشأن وضع المرأة وغياب العدل والمساواة في شأنها بالإسلام، وما ورد بالقرآن ليس منصفا للمرأة. والمشكلة ليست بالقرآن، ولكن المشكلة والمصيبة فيمن يفسرون القرآن ويسنون الشريعة وكأنهم وكلاء الله بعد الرسول على الأرض. وطبعا، لن يعترف العالم المتزمت بامرأة غير متحجبة لتتكلم عن الدين، حتى ولو كانت هذه المرأة متخصصة بالدراسات الإسلامية من فلسفة وقانون وابحاثها تتركز على شأن المرأة. لأن المرأة في قولها كما عبر الأخ الصحافي في منشوره لا تشكل في كلامها أكثر من “صيام نسوان”.

فلا لتكميم الأصوات تحت ذرائع البطريركية المتبجحة الملتحية المستخدمة لكلام الله تمائم وصكوك غفران تزيد من الظلم وتنشر الفتن وتحث على العنف .

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading