تخطى إلى المحتوى

وزارة القدس والتراث “الإسرائيلية” من باب العامود إلى تلول أبو العلايق. أين الوزارات الفلسطينية من ذلك؟

وزارة القدس والتراث “الإسرائيلية” من باب العامود إلى تلول أبو العلايق. أين الوزارات الفلسطينية من ذلك؟

 

لا بد ان الجميع سمع عن باب العامود. أحد أبواب القدس القديمة الرئيسية، التي تشكل مدخلا حيويا للبلدة القديمة.

وإذا ما ذهب أحدكم الى اريحا، لا بد انه لاحظة إشارات عديدة تابعة لوزارة السياحة والآثار الفلسطينية تدل على تلول أبو العلايق (قصور هيرود) عند المدخل المؤدي إلى وسط أريحا (عند الدوار المقابل للجامع الكبير).

ولأننا منغمسون حتى أخمص أقدامنا ” المتعفرة” بتراب العيش، من الصعب علينا عمل أي ربط لما يجري. فتوقعاتنا لا تخرج عما تراه اعيننا. وردة فعلنا تنتهي بعدما ننتهي من التعبير عن انفعالنا، سواء بالاندهاش او الغضب او الحيرة او التظاهر إذا ما كان الامر قد وصل الى الحضيض وبالتالي صار صرير الاحتكاك مع اقدامنا أكثر “تعفرا”.

بعثت لي صديقة صباح اليوم نداء لمراسلة تلفزيونية فلسطينية تتساءل فيه عما يجري من خطط إسرائيلية لمنطقة باب العامود، حيث ان عمال الاحتلال التابعين لبلدية الاحتلال قد عزلوا المنطقة المجاورة لباب العامود والتي تؤدي الى باب الساهرة – شارع سليمان- حيث هناك حدائق على حواف الطريق التي يتوسطها مغارة سليمان ويتاخمها سور البلدة القديمة. عندما استفسرت المراسلة من العمال عن الموضوع، قالوا لها انهم ينوون تجديد الحديقة. وتساءلت المراسلة بطبيعة الحال عن نوايا بلدية الاحتلال فيما تخطط له.

وقبل البدء بطرح بعض التفسيرات “العلمية” لما تقوم به بلدية الاحتلال، تساءلت عن دور وزارة القدس، والاوقاف، والمحافظة عن ذلك. ما الذي يفعله كل هؤلاء ( المسؤولين)  في القدس، بينما تجول بلدية وقوات وسلطات الاحتلال بالمدينة وتصول؟

الجواب الفوري سيكون: ما الذي يستطيعون فعله؟ على الرغم من ان سؤالي ليس هذا؟ سؤالي ما الذي ينوون فعله؟ مشكلتنا اننا نتصرف بالأمر على طريقة المغلوب على امره، وعندما تقع الواقعة لا يأتينا الا أجوبة مصدرها العمال لتصبح هي الحقيقة العلمية التي نبني عليها ردة فعلنا. وهنا ما تقوم به الوزارة والمحافظة والاوقاف لا يخرج عن ردة الفعل، مثلنا! قد تكون هذه أكبر مآسينا في عدم تقصي الحقائق وتقفي أثرها. قد يكون ما تقوم به بلدية الاحتلال مجرد تجديد وتأهيل للحديقة بالفعل، ولكننا نعلم جيدا وشعورنا يسبقنا دائما بأنه لا يوجد ما هو فعل خير خالص من قبل الاحتلال تجاه المدينة وبالتالي تجاه تقديم خدمات أفضل لسكانها العرب.

بالحقيقة، ان الاعمال بالحديقة ليست هي الفعل المخيف الذي تنوي بلدية الاحتلال زيادة البطش في المدينة من خلاله، بالضرورة، الا انه قد يكون جزء من مشروع قد تم بالفعل ولا أحد يلاحظه. ما يريده الاحتلال الإسرائيلي  في باب العامود ومنذ سنوات هو تنشيط المكان سياحيا من اجل الإسرائيليين والأجانب، ليكون بالمستقبل، مكانا أكثر حيويا من الناحية الأمنية وبالتالي يصبح تدريجيا اقل حيويا من الناحية التجارية للفلسطينيين. وما يجري بالفعل هو خطة تجديد لمتحف باب العامود المتواجد تحت المدخل الرئيسي لباب العامود المتداول، فهناك تحت باب العامود، بابا رومانيا تم افتتاحه بالثمانينات، وافتتح به متحفا صغيرا لم يلق الكثير من الزيارات. وما تحاول سلطات الاحتلال عمله الان، ضمن خطط تطوير القدس “الكبرى” هو إيجاد طرق تحول به المكان الى معلما سياحيا من خلال متحف روماني بآثار تدعو اليها السائح الأجنبي والإسرائيلي، كما حصل في “قلعة داهود” في باب الخليل (المقابل للفنادق التي تم بيعها لجهات استيطانية من قبل البطريركية اليونانية)، وما يحصل تتابعا في طريق الواد المؤدي الى المسجد الأقصى من الاستيلاء على عقارات الى جانب (بيت شارون) وصولا الى الأقصى (كما حصل في العقار الذي سربه العطاري وعقل).

وإذا ما قررنا التسليم ان لمرافق السلطة الفلسطينية من وزارة ومحافظة واوقاف إسلامية لا حول ولا قوة في منطقة خاضعة للاحتلال الإسرائيلي، بالتالي يجعلنا نفكر لماذا اذن على الفلسطينيين تحمل تكاليف أخرى لحقائب ومناصب لا فائدة منها (وهذا ليس موضوع النقاش)، لنعرج نحو أريحا ونسأل نفس السؤال في منطقة ترى العين فيها حكما فلسطينيا ووزارات فاعلة ومحافظ له السيطرة على المكان “النظيف” افتراضيا من إسرائيل.

في منطقة تلول أبو العلايق، وهي منطقة تقع فيها مناطق

(ب) و(ج). موقع تلول أبو العلايق بقي في المنطقة (ج) لأن إسرائيل اشترطت بقاؤه فيها بأوسلو، ويبدو ان المفاوض الفلسطيني لم يعبأ كثيرا للأمر. ما يجري في تلول أبو العلايق هو سيطرة مطلقة لوزارة القدس والتراث “الإسرائيلية” التي انتهت للتو وبعد عدة سنوات من ترميم وتأهيل موقع قصور هيرود (الحشمانيئيون). عندما تصل الى المكان (بصعوبة) تجد لافتات كتب عليها باللغة العربية والعبرية والإنجليزية عن المكان في لوحات تفصيلية مختلفة. ولأن السلطات الإسرائيلية لا تزال مختلفة فيما بينها على  الجهة التي ستكون مسؤولة عن الموقع، فلم يكتب على اللافتات لمن يتبع هذا الموقع (بعد).

عندما تدخل اريحا ترى ان وزارة الاثار والسياحة الفلسطينية تدعوك لزيارة المكان (الذي من الصعب بالفعل ايجاده بالرغم من تعدد الإشارات وكبر مساحة الموقع).

بعد انتهاء وزارة القدس والتراث “الإسرائيلية” والتي رصدت ٢ مليون دولار من اجل ترميم الموقع، قامت السلطات الاسرائيلية خلال نفس الفترة بترميم شارع لتسهيل الوصول الى المكان للسائحين الإسرائيليين، ولقد تم افتتاح رسمي للشارع قبل أسابيع قليلة حضره جموع من المستوطنين والمسؤولين من وزارة القدس والتراث “آلاسرائيلية” والاحتفال بالانتهاء من ترميم الموقع الاثري.

ما ينوي الاحتلال الإسرائيلي فعله بالمستقبل القريب، وهذا لا يحتاج للكثير من التحليل والتمحيص لمعرفته، على الرغم ان البنية التحتية ي اعداداتها واضحة لذلك، هو فتح شارع يصل مع مستعمرة “ميتسبيه يروحو” المتواجدة على مدخل اريحا (مقابل الكازينو والانتركونتيننتال)، وطبعا وصل الشارع مع المستوطنة المتواجدة على وادي القلط في طريق اريحا.

من الجدير قوله ان الشارع الذي سيتم فتحه سيمر من السجن المهول التابع للسلطة الفلسطينية بالمنطقة.

عندما حاولت ان استفسر من الناس الذين يسكنون بتلك المنطقة، كما فعلت المراسلة مع العمال، قيل لي ان هذه المنطقة كلها تسمى سفيكا (اسم عبري) وتعود ملكيتها كلها لليهود، ومن اجل هذا في كل مرة يتم البناء تدخل الاليات الإسرائيلية لتهدم، ولا يقترب أحد من السلطة الفلسطينية منهم في كل مرة يدخلون معدات بناء وغيرها. طبعا الرجل الذي سألته لا يعرف عن وجود تلول أبو العلايق الا الإشارات المتعددة على الطريق الى بيته، ولا يهمه من الاليات الإسرائيلية المتعددة الاستخدامات التي تجول بالمنطقة بلا مراجع ولا محاسب الا انها (صاحب حق امام الفلسطينيين الاخرين الذين ينهبون يستولون على أراضي ليست لهم- لسفيكا)!!!!!

عندما تبينت الامر من مصادر متطلعة على انتهاكات إسرائيل في الآثار بالأراضي الفلسطينية، تأكدت من مصدري (وهو باحث اثار إسرائيلي يرصد انتهاكات دولته في الأراضي الفلسطينية) من انه لا يوجد أي ملكية فردية ليهود في هذه الأراضي – وان الخطة الواضحة هو وصل الموقع الاثري الحالي مستقبلا بالمستعمرات المتاخمة.

ليس من الصعب تصور ما هي الخطة القادمة التي ستؤول عليها المنطقة: النبي صمويل غرب القدس، الهيروديان في قرى غرب بيت لحم (عصيون)، سبسطية شمال غرب نابلس، قبة راحيل ببيت لحم، قبر يوسف بنابلس، والكثير غيره مما نراه ونعيشه وصار واقعا مفروضا، وكثيرا ما صار واقعا مشرعنا من قبلنا.

يبقى سؤالي المحوري والاساسي، اين دور السلطة الفلسطينية ممثلة بوزارة السياحة والاثار ومحافظة اريحا مما يجري في تلول أبو العلايق؟

هل تم الترميم بالتنسيق والموافقة معهم؟ وأين الشعب مما يجري حوله؟

ثم نتساءل كيف وصلنا الى هنا…. تضليل للحقيقة ومسح للذاكرة وتغيير للجغرافيا يجري من فوقنا ومن تحتنا ومن حولنا.

ويبقى سؤال “خيالي” يغمغم على مخيلتي، لماذا تقوم وزارة القدس والتراث “الإسرائيلية” بالترميم والتطوير في أريحا؟ أهذا يقع ضمن توسيع رقعة استيطان المدينة لمشروع قدس كبرى تصل الى “متسبيه يريحو” التي ستتوسع حدودها الى قلب أريحا تدريجيا؟ ….. كما التف الحبل على عنق القدس القديمة بتهويد ممنهج يبدأ من حائط البراق (باب المغاربة وسور الأقصى) ويمر بمدينة داهود (سلوان) الى قلعة داهود (باب الخليل) الى متحف (العامود) باستراحة عند مغارة سليمان؟ ثم يمتد الى قبر شمعون الصديق (الشيخ جراح) ويلتف نحو جبل الزيتون والطور ليمتد من العيساوية الى عناتا فحزما الى أريحا؟

يبدو ان المشروع الصهيوني تطور عن فكرة الدائرة الغلافية بضم معاليه ادوميم فقط وجبال اريحا المؤدية الى البحر الميت وامتد الى داخل أريحا مرورا بوادي القلط!!

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading