تخطى إلى المحتوى

بين تراشق الاتهامات بين الوزير ورئيس الوزراء السابق حقيقة اكيدة: الفساد هو سيد الموقف

بين تراشق الاتهامات بين الوزير ورئيس الوزراء السابق حقيقة اكيدة: الفساد هو سيد الموقف

 

الوزير السابق شوقي العيسة يقدم بين الفترة والأخرى مدونات  (مقالات) عن وقائع تجربته كوزير، يكشف من خلالها فساد الحكومة التي كان يتولاها الدكتور رامي الحمدلله. آخر الاتهامات التي تناولها العيسة أدت الى رد الحمدلله، تلاه رد مضاد للعيسة، فيما بدا وكأنه تراشق للاتهامات، أعاد الى ذهن المتابع الفلسطيني المثل القائل: “ما شافوهم وهمه بيسرقوا شافوهم وهمه بيتقاسموا”.

الحقيقة كلام الرجلين يبدو مقنعا لكل من يريد فهم أي حقيقة. ولا عجب باتهام الطرفين لبعضهما الآخر، لأن الفساد هو سيد الموقف.

قام الوزير السابق شوقي العيسة بفتح جبهة ضد حكومة رامي الحمدلله باتهام الأخير، عن واقعة أدت الى استقالة العيسة من منصبه عندما قام الحمدلله بإلغاء قرار مجلس الوزراء وتغيير

إدارة مشروع تمكين اقتصادي بتمويل من البنك الإسلامي والبرنامج الإنمائي بالأمم المتحدة، والذي كان يترأس ادارته العيسة وتعيين “الشخص المشبوه بالفساد” وخمس وزراء آخرين للإدارة. وهذا ما سماه العيسة باليوم المشؤوم الذي قصمت فيه شعرة البعير.

ما يصفه العيسة في تدوينته محزن، ويشرح ما نظنه، ونتداوله، كشعب تحولت نقاشاته بشأن الحكومة الى نميمة فنجان قهوة. فلم يأت بما هو مفاجئ وغير متوقع.

يقال، أن ما بني على باطل فهو باطل. وعليه، فان كل من يقبل ان يكون على رأس وزارة يعرف انه في مكان باطل، هو جزء من منظومة الباطل. وهذا ما وصفه العيسة بكلماته: “يوميات وزير مش وزير في دولة مش دولة في سلطة بلا سلطة”

المهم… استقال العيسة في حينها، ونحن الشعب “لا من تمنا ولا من كمنا” و “غايب طوشة” كما يقال.

ولأن العيسة، ورأس مفسدته، الحمدلله، لم يذكرا لنا اسم الشخص الفاسد الذي تم تعيينه ومن ثم ازاحته واحالته الى محكمة الفساد. (بالمحصلة نحن نتسلى على كشف الأسماء) ولا يهمنا من المناصب الا شأن تدويرها حتى سماع فضيحة جديدة ، تشغلنا للحظات، وننسى، بانتظار أخرى تغذي قريحة النميمة لدينا.

يبقى القول ان العيسة كان استثناء في استقالته، فالمناصب هذه عندما “تمنح”، يتمسك صاحبها بها بلاصق قوي. وعبر تاريخ الحكومات الفلسطينية المؤقتة الانتقالية التكنوقراطية المتعاقبة والكثيرة، لم نسمع الا نادرا عن وزير قدم اسقالته طوعا.

د. رامي الحمدلله من جهته، رد ردا به من الاستهزاء والاتهام بقدر ما قام به العيسة. وبين بتواريخ وتفاصيل تبدو للوهلة الأولى منظمة ولا يمكن التشكيك بها، متهما العيسة بالفساد، وان ما قام به في حينها بتقديم استقالته لم يكن الا هروبا من المساءلة لكشف تورط للأخير بفساد وغسيل أموال لمؤسسة بالنرويج.

المضحك أو المبكي بالأمر، ان الحمدلله في حينها، كان رئيس وزراء وقد بلغه فساد مرعب بشأن وزير في حكومته- العيسة- وكل ما قام به كان: ” تحدثت مع عيسى وطلبت منه ان يرد، إلا أنه لم يرد، ويبدو انه بدأ بالبحث عن طريق للخروج من الحكومة كبطل…”

في سياق آخر، تكلم الحمد لله عن موضوع ملفت جديد، وهو “البسطة” التي يتم من خلالها اختيار الوزراء. فذلك الفاسد الذي اشير إليه بصاحب المغرفة من قبل العيسة، وإصرار الحمدلله على عدم وجود مغرفة، لم يكن ضمن حكومة الحمدلله ولكنه من مخلفات سابقة سلام فياض واستمر في حكومة الحمدلله ، “ولم تكن حوله شبهة، وعندما دار الحديث حول شبهته حوله:” قمت أنا بتوقيفه عن العمل فوراً وكل مؤسسات الدولة تعلم ذلك، وبعد ذلك تقدم باستقالته وقُبلت فوراً ولا أعرف لغاية الآن إن كان وجهت له أي تهمة أم لا، وهذا متروك لهيئة مكافحة الفساد للرد.”

وشوقي العيسة كذلك كما تبين من رده المضاد في تدوينته اللاحقة لم يتم اختياره كذلك من قبل د رامي الحمدلله.

أعاد موضوع الاختيار الى الاذهان حادثة سابقة لملاسنة بين عزام الأحمد ورامي الحمدلله حول تعيين وزيرة التعليم السابقة خولة الشخشير. مما يجعل المتابع يتعاطف نوعا ما، مع رئيس الوزراء الذي يتم فرض الوزراء عليه من قبل جهات سلطوية نافذة، اكثر من نفوذه.

 

الحقيقة، من متابعة ما ورد في بيان د. رامي الحمدلله لا يسعني الا ان اشيد في وسع أفق الحمدلله وتساهله، فوزير اتهم بغسل أموال وتورطه مع مؤسسة خارجية، كل ما فعله هو الاتصال به والتكلم معه. ووزير اخر ” “دار الحديث” عن فساده فقام بإيقافه ومن ثم استقال وقبلت استقالته.”

طبعا، من البديهي ان يتراشق الوزير السابق واللاحق.

من البديهي ان تتهم كل حكومة سابقتها بفساد مستفحل لا يمكن الا قشط ما تبقى منه بمغرفة قد يكون بها بعض المنافع!

من الطبيعي كما هو بديهي تراشق الاتهامات بين رئيس الوزراء وأفراد حكومته السابقين مثله. كما هو بديهي اتهام تلك الحكومة بالمصائب التي ترمى عليها بعد كل خذلان ومصيبة تظهرها الحكومة الحالية.

فجأة صار رامي الحمدلله هو المسؤول عن كل مصائب هذه السلطة. وكأن رامي الحمدلله كان صاحب قرار بشيء.

فما نراه من  تراشق يؤكد ان رئيس الوزراء ليس له صلاحيات حقيقية، ولا يقوم الا بما يولى له به. فغريب ان يتوقع الوزير الذي تم اختياره كذلك وفقا لمحسوبيات فردية وسيادية، في ظل حكومة غير شرعية وفي كل مرة تبني وجودها على فكرة ” الانتقالي والمؤقت” ان يكون له صلاحيات فوق صلاحيات من يرأسه.

والغريب اكثر، ان هؤلاء يتقيؤون في الصحن الذي لا يزالوا يأكلون منه.

فبين اتهام ورد، لا يمكن الا ان يتأمل الانسان العادي كم الفساد المستفحل في منظومة السلطة في اعلى تركيباتها. فكرة ان يصل الامر بين وزير ورئيس وزراء حتى لو كان برتبة “سابق” الى هذا القدر من الانحدار،  وبلا ادنى تحسب للمساءلة على ما يتصدر كلامهم من اتهامات وتهم، يؤكد على عدم احترام المنظومة القائمة من اربابها، ولا احترام هذه المنظومة لشعبها.  فكليهما لا يزالا يتقاضيا رواتبهما من هذا النظام. ولكيهما لا يعبآ بالنتائج ليقينهما بأن لا حساب ولا مساءلة ستبدأ وان بدأت لن تنتهي، لان كليهما يعرفا جيدا سبل الفساد ومصدره في هذه السلطة. فكل واحد “ماسك زلة للآخر” على كافة المستويات.

يعني، نحن نرى كيف تنتهي التحقيقات بجرائم المختلفة، وكيف تبدأ المحسوبية بأخذ ممركزيها بكل المستويات. يكفي ان يكون لديك “واسطة” تبدأ برجل امن وتتدرج تصاعديا على كل المستويات، لتنهي أي قضية لمصلحة مجرم او فاسد.

 

صدق محمود درويش حين قال : لا اعلم من باع الوطن ولكنني رأيت ن دفع الثمن

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading