تخطى إلى المحتوى

فتح المساجد ام اغلاقها

فتح المساجد ام اغلاقها

لا يمكن تجاوز اغلاق المساجد مع قدوم شهر رمضان وبدء فك الحظر التدريجي بناء على التعليمات الرسمية. من جهة تبقى التعليمات فاعلة ولكن تطبيقها كما نرى على الأرض غير مؤثر. فما تم حصده من حسر للفيروس خلال خمسين يوم من الحظر الكامل بمحاولاته المتعددة تم هدره بين ليلة وضحاها.

ومن جهة اخرى تشكل التعليمات ما يشبه الكيس المفتوح من قاعه (يعني مخروم)، مهما أدخلت فيه من حاجيات يبقى فارغا. فلا يمكن فتح المحلات ونرى ما نشاهده من تزاحم في كل المرافق بلا أدنى اعتبار لمخاطر انتشار الفيروس ونقل العدوى في ساعات محددة من النهار لنغلق على أنفسنا بالليل. كأن الفيروس ينتشر فقط في ساعات محددة عرفها صاحب التعليمات وعليه لن ينتشر.

ولكن نفهم كذلك، ان الامر يبقى مراهنة ومجازفة لا يمكن عدم القيام بها، بالمحصلة نحن في شهر نصوم فيه لنتهيأ مساء للطعام والشراب، فلا يمكن لجم الشهية عن احضار ما طاب لمخيلتها من طعام للمساء. وفي نفس الوقت، نحتاج الى نقود لكي نستطيع ان نشتري ونأكل. وهنا تبدأ السلسلة بالتفكك تدريجيا. فالأمر لا ينحصر فقط على حاجتنا للشراء مما يمكننا من طعام وشراب وخضار ولحوم وحلويات وخبز. من اجل حصولنا على هذه الحاكيات نحتاج الى نقود، فيصبح من الطبيعي ان يخرج كل أمرئ للسعي وراء رزقه.

والامر في خفاياه وبطبيعة الحال كما نشر الأستاذ ماجد العاروري قائلا: “خبايا كثيرة تقف وراء انفراط مسبحة الإجراءات الوقائية لمنع وانتشار مرض كورونا، ابرزها نظرية البقاء السياسي للمتنافسين، وإعادة موضعة تحالف المال مع السياسة، وغياب خطة اقتصادية وحماية اجتماعية للمتضررين.”

وتبقى معضلة المدارس والجامعات والمساجد.  تم التعامل مع موضوع المدارس والجامعات، والعام الدراسي على وشك الانتهاء، ولكن كيف يمكن التعامل مع موضوع المساجد؟

كيف يمكن اقناع من يؤمن بحاجته لإتمام دينه وفروضه السماوية بالبقاء دون الذهاب الى المسجد، في شهر يسهب المؤمن فيه بالتعويض عن السيئات ومحاولات جمع ما تمكن من الحسنات لعل الله يتقبل ويرصد الصلاة في ميزان الحسنات؟

هنا تبدأ حسبة المؤمن بما هو غير دنيوي، امام ما يراه من تجاوزات نالت كل مرافق الحياة. فيصبح امر الذهاب الى المسجد كالجهاد.

وليس بغريب ان يعتقد من يرى بوجوب الصلاة بالمسجد غرابة ويذهب عقله الى تفكير المؤامرة.

ربما، في وقت نهجت فيه حكومات العالم العربي والإسلامي كما نرى، ذات النهج، فان هذا يساعد على عدم تكريس تفكير التآمر هنا، ولكن يبقى الامر متروكا للوعي الفعلي لدى جمهور المؤمنين الذين يرون في الذهاب الى المساجد للصلاة هو امر اهم من أي امر اخر.

من ناحية، أفكر انه لو تم فتح المساجد مع مراعاة التعليمات من تباعد ووضع كمامة وكفوف والتزام بالنظافة، فلا ضير في ذلك، وهذا يأتي بسياق ما تقدم من فتح لمحلات مع اخذ التدابير اللازمة. ولكن المشكلة هي بهذا الالتزام. فنحن نرى ما يجري بالشوارع من فلتان حقيقي ومرعب. فالله وحده اعلم اين يقبع هذا الفيروس ومن يحمله وينشره. فإذا كان الالتزام الشخصي لمن يخرج من بيته ليعمل او ليتبضع غير موجود، فكيف يكون الالتزام الجمعي. فالتجمهر بالمساجد لا يقتصر على أداء فردي، ولكنه جمعي، كما في المدارس والجامعات.

وعلى فرض فتحت المساجد وتبينت حالة إصابة، فسيصبح المصلي متهما كما العامل الذي خرج من اجل قوت عائلته، متهما، ومعرضا للوم. مما سيعطي ذريعة تتحول من حكومية، مجتمعية، الى سياسية تستخدم ضد الدين والمسلمين اجمعين.

ولكن بين التفكير بأن من يريد إعادة فتح المساجد لإكمال الالتزامات الدينية من فروض واجبة على حق، في وقت يبدو جليا عدم الالتزام والتقيد بالتعليمات، سواء بمن وضعها او من يطبقها.

وبين التفكير بالأمر من ناحية وجوبه الشرعي، ووجوب الحرص على المصلحة العامة، وما يتوفر من احكام شرعية بهذا الامر. فلم تنزل التشريعات بقالب محدد من الطلاسم، لا تتلاءم مع الظروف والمتغيرات وما يتطلب الوضع. فهنا، لقد تعدينا عن مبدأ “وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين”، لان الامر لا يتعلق بسلامة الشخص ولكن بغيره أيضا. فنحن بذهابنا الى المساجد قد نعرض غيرنا الى التهلكة كذلك. ولم تخل التشريعات عن تعليمات لهذه الظروف.

وختاما، انقل هنا ما جاء بمنشور للشيخ بلال زرينة: أخي المسلم، في هذه المرحلة كن قدوة لا فتنة للناس في دينها وصحتها وامنها وليكن عنوان هذه المرحلة: “واجعلوا بيوتكم قبلة واقيموا الصلاة وبشر المؤمنين.”

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading