تخطى إلى المحتوى

الفرح العنيف

المشهد الحاصل بين صور لأعراس على شكل مهرجانات ومفرقعات نارية على شكل متفجرات، يجعلن أفكر بأغنية “حكومتنا جميلة” التي أطلقها محبّي هذه الحكومة العظيمة بينما كانت حكومتنا الجميلة تعد العدة لمحاربة الكورونا، واليوم تواجه بشراسة حربا ضد الكورونا وحربا ضد الضم ….

لا اعرف كيف يمكن تشخيص الوضع ولكن مرة اخرى اغنية حكومتنا جميلة التي عبرت عن كل مضامين الثورة الايطالية ضد الاضطهاد تعكس نفسها بالروح الفلسطينية التي تصرخ عالية بيلا تشاو… نحن شعب على ما يبدو يريد الفرحة بهذا القدر من العنف. نحن نفرح بعنف. 

من جهة أفكر، كيف لي ان اعترض على مهرجانات الافراح ولقد دعت الحكومة الشعب للزحف في تظاهرة قبل اسبوع وكأن الكورونا في اجازة او ان التظاهرة الحكومية ستكون مانعة للفيروس. وبعد اسبوع تدعو الحكومة الشعب للزحف من جديد وكأن دعوات الحكومة مانعة مرة اخرى من الفيروس. 

قبل يومين وبعد ساعات ربما من ادلاء المتحدث باسم الحكومة بدعوته لأبقوا في منازلكم، رأيناه وسط تجمع للصحافيين يقوده نقيب الصحفيين بتظاهرة ضد ما يمارسه الاحتلال عليه. وهنا مرة اخرى مشهد يوحي وكأن الكورونا لا تقترب من اماكن التظاهر او التجمع التي تنادي له الحكومة. 

كيف لنا ان نلوم الناس على عدم الالتزام والاستهتار بالأمر لهذه الدرجة. 

هناك قواعد نشأنا عليها كأطفال وانشأنا عليها ابناءنا كأهل: كيف نشكل قدوة لغيرنا، او بالأحرى كيف نكون قدوة. كيف نتوقع من الناس الالتزام والمعايير فضفاضة غير مدروسة وانتقائية واستقصائية؟ 

عندما يكون المعيار الذي وضعته الحكومة من اجل الاغلاق يشمل الفتح للسوبر ماركت والصيدلية والمخبز والبنك. كيف لأي منطق ان يفهم العلاقة بالأهمية في هذه المتوالية؟ كيف لي ان افهم ان اهمية السوبرماركت هي كأهمية البنك؟ او بالأحرى كيف لي ان افهم قصد الحكومة من هذا؟ 

وهنا من يستطيع ان يخرج علينا بهكذا متوالية يبرر فيها هذه الفضفاضة من التحكم بما يمكن فتحه واغلاقه نصل الى هذا المكان من اللا مبالاة. 

فقدت الحكومة كل ما يمكن ان تكون قد حققته في بدايات اعلانها الاول لحالة الطوارئ باستغلالها للمواطنين بإجحاف واستغباء واستعلاء. 

ونحن الملامون اولا، لأننا صدقنا … لأننا أردنا ان نصدق… لأننا تمنينا بجدية ان تصدق هذه الحكومة ولو لمرة.. وما حدث قد حدث علينا وانقلب علينا. فالحكومة استباحتنا عندما أظهرنا دعما وحبا ولحقنا بها ثقة حتى صرنا نغني لها وجعلنا من اربابها ابطالا عظاما وتحول المديح الى تسحيج وبدل ان نركب التيار الذي ظنناه امنا، ركب علينا واركبنا فارتبكنا وأربكنا الحكومة التي لا تزال تعيش نشوة جمالها وصدقت انها بيلا تشاو. فلم تعد تأبه لفساد، ولا تهتم اصلا لتفسير او تبرير. لا خدمات ولا معاشات ولا صدق في اي تعامل. القضاء مستباح والامن تحول الى ميليشيات وانفلات على كل المستويات، واصحاب السلطة يؤمنون أنفسهم وابناءهم وعائلاتهم بوظائف ومن الكورونا وامتيازات. تغير القوانين وتنتهك الحقوق ولا أحد يأبه لإنسان. تحول الشارع لمبدأ “كل من بيديه إله” 

ومن ناحية اخرى… بينما تستبيحنا الحكومة وتلعب بنا كما تشاء ننظر الى ما يجري من هدر واضح بالأموال بالمفرقعات خلال ال ٢٤ ساعة الاخيرة لنسأل: اين الوضع الاقتصادي المنهار؟ هل شعب ينفق هذا القدر من الاموال على المفرقعات شعب فقير معدم؟ اليس هذا الشعب نفسه هو من انتظر الطرود الغذائية في الاشهر الاخيرة وبكى ونحب وخشي الفاقة؟ الم تتحول كل اموال المساعدات والتنمية الى طرود غذائية بسبب تدهور الوضع الاقتصادي؟ 

شعب يفرقع بكل هذا شعب لا يحتاج مساعدات ولا حتى معاشات؟ 

لماذا شكينا وبكينا وطالبنا بصندوق وقفة عز وذل الناس من أحل بضع مئات من الشواكل، بين تم صرف اما زاد على الاف الشواكل للفرد اليوم من اجل الاحتفالات والمفرقعات. 

كم المفرقعات التي دوت اليوم تجعل من جيش كامل يتراجع. 

من اين تخرج المفرقعات والاعيرة النارية؟ 

هل الاسلحة موجودة للهو والافراح والتخريج ونتائج التوجيهي؟ 

نحن نغرق في وحل الفساد… 

لم يعد من المهم لوم الحكومة او لوم أنفسنا… فنحن في هذا شركاء… 

ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم… ونحن قوم يتوغل في الحضيض فهل تقوم لنا قائمة؟ 

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading