تخطى إلى المحتوى

بايعناك… رئيسا ابديا 

بايعناك… رئيسا ابديا 

لا اعرف ان كان انغماسنا في حالة الترقب لما لا يأتي من تغيير على الساحة الفلسطينية، ابعد نظرنا عما يجري بالعالم من حولنا. وكأن العالم كله في حراك الا نحن. مشدوهون في انظارنا نحو مكان واحد لا يتغير: سلطة فلسطينية غير فعالة تجرنا نحو اخفاق سباتها. في أحسن احوالنا قد نتأمل انتخابات ممكنة. وفي استمرار لواقعنا نشاهد ما يجري وكأننا نتابع مسلسلا تافها نعرف نهايته، ونستمر في متابعته مللا وفضاوة اشغال. كأن يعين رئيس حكومة لقطاع الوطن الاخر الخارج من دمار. فنتنبه اننا في وطن به حكومتين منقسمتين الا في تقاسم السلطة على المواطن. وبانتظار لدعوة بمرسوم رئاسي لانتخابات او حكومة وحدة “للتقاسم” ضمن المراسيم الكثر التي نراها يوميا في تسريبات الشعب الذي صار يتسلى على فساد هذه السلطة كأسلوب حياة، قد نعيش كذلك مبايعة يتمناها الرئيس والمقربين من المنتفعين منه ربما. 

سورية تنتخب رئيسها، ولو حتى بطريقة العرب المعتادة على ان يحظى الرئيس المنتخب السابق القادم على ٩٥٪ (تغيرت النسبة من ٩٩،٩ كما كانت بالعادة)، الا ان سورية المفتتة تحت كل أنواع الحصار والدمار والمقاسمة استطاعت ان تجري انتخابات. ليبيا تستعد لانتخابات كذلك. العالم كله من حولنا في حراك الا نحن. نحن ننتظر ان تحين ساعة الرئيس لنستمر بالحياة على نهجه الكارثي الى الابد. ليأتي اخر بعد عمر طويل، ليعيش هو العمر المديد الابدي حتى تأتي ساعة أخرى وهكذا. ونحن نتسلى بالحديث والتذمر ورصد المزايا والكوارث ونعيش الانهيارات كأنها الحياة الاعتيادية. 

تحليل وتوقع ما سيجري في إسرائيل أكثر واقعية واحتمالية من تغير الوضع عندنا. 

حتى نتانياهو الذي بسط ذراعيه وحاول غرس قدميه في الحكم كجيرانه من الطغاة ترجل بانسحاب قائد. وبينما ننغمس في تحليل الجديد بقيادات إسرائيل، نتغاضى ولو مؤقتا ان اختلاف الشخوص لا يغير النظام. مهما تغير وتبدل الحكام في إسرائيل. ومهما توجهت ميول الشخوص الجدد نحو اليمين أكثر او اليسار أكثر، فالواقع واحد كالمشهد الأخير: إسرائيل تتوحد في يمينها ويسارها من أقصاه الى أقصاه، من وسطها الى محيطها الحاقد والغاضب والمنحاز، الى عباس منصور الذي سيشكل وصمة لهيئة الدولة الصهيونية يتوحد من اجل مسحها او طمسها او ابرازها كل الخصوم. 

أقف امام الكلمات ولا اعرف ان كان هناك من داع للاستمرار. هل اتهكم؟ هل أتمنى؟ هل أفكر في حلول؟ لا شيء يمكن ان يحصل الا ما يريده أبو مازن. يبدو الامر المثير للغرابة هنا، هو التفكير من قبل ابي مازن او بالأحرى من حوله من مريدين- او بالأحرى أكثر من منتفعين- الحاجة الى المبايعة. 

ربما تبرز هنا ومضة بها بعض الامل. حاجة هؤلاء لشرعية ما. سيطرة أبو مازن المطلقة بكل ما يتعلق من استمرارية لسلطته، وتحكمه بالقوانين والتشريعات والقضاء والامن، والموارد، والأموال، والاشغال. وضمانات أمريكا وأوروبا وإسرائيل ببقائه الى الابد. لا حساب ولا رقابة. ومع هذا على الرغم من عصي الانتخابات عليه لخوفه المبرر والمفهوم لعدم اجرائها، وعدم مقدرة أحد الضغط الكافي عليه. ومع عدم اكتراثه لاحد، الا انه يسعى لكسب شرعيته من خلالنا. اقصد من خلال جموع تمثله ويسمونها بالنهاية شعب. 

كل ما حصل ويحصل يبدو جزء من مسلسل لا يمسنا جميعا. يمس بعضنا في بعض المواضع فقط. فتستمر المجريات كما هي بلا تأثر طرف لطرف. يستمر الخطر على الشيخ جراح، ويقترب أكثر، وتنتشر كارثية التهجير الى سلوان وغيرها. يزداد الاستيطان وتتوسع الطرقات لتشق شوارعها الحدود لما كان يمكن ان يكون دولة فلسطين المبتورة، تبدأ المخططات المجمدة بالذوبان لتوطيد المرحلة الجديدة بتأكيد النهج الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين في كل مكان على هذا الوطن السليب. تزداد الاعتقالات ويتوطد التنكيد وتمارس الضغوطات الفردية على الشعب المسحوق في كل مكان. يستعرض المتفرجون دمار غزة، واهل غزة يلملمون دمارهم بأيديهم كما دوما. 

دوام الحال بشرعية تجدد نفسها لأولي السلطة على حساب خرابنا كشعب. شعب ينهض كل مرة من سبات الوهن والأسى، ليدفن نفسه تحت دمار يتزايد كل مرة أكثر. 

يستمر الوضع بكارثيته علينا، ويستمر أصحاب السلطة بأخذ شرعيتهم من اجل بقائهم على حسابنا… 

ونحن نتفرج… 

نبايع إذا ما تطلب الوضع ذلك…. ربما نشرعن نحن وجودنا وسط كل هذه العدمية التي نعيشها. 

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading