تخطى إلى المحتوى

سلطة الاستبداد والقمع والحزب الأوحد لها اسم واحد: فاشية

ما جرى من قمع وسحل وضرب للمتظاهرين من قبل أجهزة امن السلطة في رام الله بالأمس، يجيب على تساؤل إذا ما كانت جريمة قتل نزار بنات حادثة ام مع سبق الإصرار والترصد. 

هناك مشهد لاحد رجال الامن او شبيحة النظام السلطوي الفاشي وهو يضرب بأحد المتظاهرين على رأسه بحجر بينما يمسك المتظاهر اخر يحاول تثبيته للتأكد من انه يتلقى الضربة على رأسه، ومن ثم مشاهد أكثر وجعا لسحل الشاب المتظاهر على الأرض من قبل جموع شبيحة النظام، او بالأحرى افراد الامن التي لبست الزي المدني لسحل وقمع وضرب المتظاهرين.

مشهد لا يقل قساوة كان لامرأة شبيحة تسحل متظاهرة وتشدها من شعرها. 

التفنن باستخدام أدوات القمع باستخدام رجال ونساء يذكرني برواية ١٩٨٤ لجورج اورويل، التي كتبها في ديستوبيا عكست مآل الحكم السوفييتي الستاليني الشمولي في حينه. كان زمن النازية والفاشية والشمولية الدكتاتورية. كان الزمن الذي لا يستطيع فيه الكاتب التعبير عن الواقع الا من خلال الاختباء وراء الخيال العلمي او انطاق الحيوانات كما فعل اورويل نفسه في مزرعة الحيوانات.

اليوم وبعد أكثر من سبعين سنة على كتابة الروايتين، والتي تزامن كتابة احداهما عام نكبتنا، أفكر كيف كنا نقرأ هذه الروايات وقمع الاحتلال بين اعيننا. كنت دائما أفكر كم نحن أكثر حظا بالعيش تحت الاحتلال من العيش تحت أنظمة شمولية فاشية.

كنت أفكر انني أستطيع ان أطلق على إسرائيل فقط هذه الاوصاف، كأن يكون نظامها فاشيّا علينا. 

في رواية ١٩٨٤، لا يوجد فرق بين عناصر النظام الذكور والاناث. الكل مبرمج من اجل سلطة الحزب الأوحد وفي خدمة الأخ الكبير من خلال تكريس نفسه أداة رقابة شاملة ضد افراد الشعب الذين لا ينتمون لحزب الأخ الكبير.” يستبد الحزب الداخلي بقيادة الأخ الأكبر استبداداً مذهلاً وجباراً على باقي الطبقات؛ فيزرع شاشات الرصد في كل مكان؛ والتي مهمتها مراقبة الشعب ونشر الأخبار الملفقة وإصدار الأوامر للأفراد، ويزرع الحزب الميكروفونات في كل مكان لرصد كل همسة من الشعب، بل ويتجاوز الحزب ذلك ويعمد لتحطيم العلاقات الأسرية لإفناء كل ولاء ليس موجه له، ويعمد أيضا لإذلال العملية الجنسية بجعلها مجرد وسيلة لخدمته وبتجريدها من أي رغبة أو وله أو عاطفة فؤاد لأي احتمال لنشوء ولاء لغير الأخ الأكبر. يتفوق الحزب في استبداده على نفسه ليصل لمرحلة الاستبداد العقلي فيسيطر على اللغة، ويدمر، ويعيد تركيب كلماتها، بل ويصنع لغة جديدة، ويمنع الاتصال بالحضارات الأخرى، ويحرّف التاريخ، ويلفّق الماضي، ويقلب الحقائق، حتى تتوه العقول فلا تجد إلا الحزب كحقيقة ثابتة تستطيع أن تؤمن بها.”

امرأة ببنطال احمر تجسد عناصر الأخ الكبير في حالتنا الفلسطينية الدامية بالأمس. 

ورجل ممتلئ بكرش يتملأ عيونه الحاقدة يده الضاربة بالحجر على رأس أخيه، وكرش اخر يحاصره، و”نسر امريكي” بنظارات سوداء يدعمهما من الخلف للتأكد ان الأخ الضحية سيدمي ويسقط حتى يشفى غليلهم من غضب الشعب الذي استفاق. 

عندما يفكر الإسرائيليون والامريكيون والاوروبيون بأن حاجتهم لهذه السلطة متعلق بالتنسيق الأمني المقدس، وعليه، فلقد تم منح اباطرتها الضوء الأخضر لاستباحة هذا الشعب تحت حجة حماية امن إسرائيل، لابد ان يفهم أولئك اليوم، ان الشعب المستكين يعرف متى ينتفض وينهض من سباته. يعرف هذا الشعب من يحارب وكيف يحارب ومتى. 

هذا الشعب ليس عناصر امنية تدربها هذه السلطة لتخرج في مظاهرات مؤيدة كاذبة ولا تحريك شارع لأغراض سياسية تخدم افراد اباطرة النظام. هذا الشعب هو الذي انتفض قهرا امام الظلم استباحة أحد أبنائه بهذه القساوة. 

هذا الشعب هو الذي يتصدى في الشيخ جراح لقمع وهمجية المستوطنين. 

هذا الشعب المتصدي يوميا لهجمات عساكر الاحتلال يوميا في بيتا

هذا الشعب الذي وقف نصرة للقدس وغزة. 

الشعب يتوحد امام الظلم دائما، مهما تجاوز الظلاّم المدى. 

كيف يستطيع هؤلاء الظن ان شعبا يواجه احتلالا استعماريا منذ ما يقرب القرن من الزمن يمكن ان يُقمع ويُخنع ويُخرس؟ 

كيف يمكن لهؤلاء ان يفكروا ان الشعب الذي لا يقبل ان ينكل الاحتلال بأبنائه لا يمكن ان يصمت على تنكيل أبناء جلدته له؟ 

لا اعرف ما الذي ينتظره اباطرة هذا النظام الآن، والسكوت مخيّم عليهم. الم تصل أبو مازن أصوات الناس الهاتفة ضده؟ الم يفهم شتيه ان ادارته للقمع ولجانه لم يصدقها أحد الآن؟ 

دم نزار الذي اهدروه هو دمنا. 

قهر أبناء نزار وزوجته وأمه وأهله هو قهرنا. 

ليس حبا بنزار، ولكن خوفا على حياتنا من الهدر من قبلكم كما هدرتم حياة نزار ويتّمتم اطفاله ورمّلتم زوجته وثكلتم امه. 

لقد استبحتم دمنا عندما قتلتم نزار ظلما وقمعا. 

لقد استبحتم دمنا عندما ظننتم ان الترويع والقمع والقتل لواحد سيكون عظة للعشرات… فخرج عليكم غضبا الالاف. 

نحن نريد حياة امنة سالمة منكم. 

لقد فضحتم أنفسكم وعريتم نظامكم وقتلتم فينا أي امل بإصلاح او تحسين فرص لحياة قد تكون كريمة. 

لقد كشرتم عن انياب الضباع التي تمثل حقيقتكم. 

ما يجري بالشوارع ليس تظاهرات ضد فاشيتكم فقط، ولكنها يقظة شعب ظن فيكم خيرا فاستكان. 

اقرأوا التاريخ القريب والبعيد وتعلموا ان الظلم ظلمات تظلم على من يظلم حياة الناس. ولن نكون الشعب الذي وصفه اورويل ” الشعب الذي ينتخب الفاسدين والانتهازيين والمحتالين والخونة، لا يعتبر ضحية، بل شريكا في الجريمة.” 

“شيد قصورك عالمزارع، من كدنا وعمل ادينا

والخمارات جنب المصانع، والسجن مطرح الجنينة

وأطلق كلابك في الشوارع، واقفل زنازينك علينا

ويقل نومنا في المضاجع، ادي احنا نمنا ما اشتهينا 

واتقل علينا بالمواجع، احنا اتوجعنا واكتفينا 

وعرفنا مين سبب جراحنا، وعرفنا روحنا والتقينا 

عمال وفلاحين وطلبه، دقت ساعتنا وابتدينا 

نسلك طريق ما لهش راجع، والنصر قرب من عينينا.

(الشيخ امام)

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading