تخطى إلى المحتوى

أمريكا واخفاقاتها ولا دروس يؤخذ منها عبر… وما هي قصة جامعة واشنطن والطبابة في فلسطين؟

أمريكا واخفاقاتها ولا دروس يؤخذ منها عبر… وما هي قصة جامعة واشنطن والطبابة في فلسطين؟

المشهد الذي يجتاح العالم لتقهقر القوات الامريكية من أفغانستان وهرب الرئيس الافغاني الذي اعتد بجيشه الذي حصنته أمريكا ودربته، ذكر العالم بمشاهد أخرى سابقة، لرؤساء صنعتهم أمريكا والامبريالية الاستعمارية وهربوا. 

في المشهد التونسي هرب الرئيس من غضب الشعب. اما في المشهد الافغاني، هرب الرئيس من جيشه الذي ظن انه محتميا به. عودة طالبان لتسيطر على المشهد الافغاني بسطوة عارمة، تنسف بها كل تلك المليارات التي تم ضخها بأفغانستان من اجل اجتثاث طالبان تحت مسميات محاربة الإرهاب والتطرف. ليتأكد العالم من جديد ان استثمار أمريكا بالحكومات التي تصنعها نتيجته صفر. اخفاق ذكر بفيتنام من قبل. والرئيس الهارب كما كان في فيتنام، صنيع أمريكا وربيبها. 

لا اعرف ان كانت أمريكا ستعترف بهزيمتها. او بالأحرى كيف ستبرر هذه الهزيمة النكراء امام شعبها. كيف استطاعت ميليشيات طالبان السيطرة بهذه القوة وهذه السرعة على كل معاقل الحكم والحاق هزيمة نكراء بحلفاء أمريكا واربابها من أفغان تغنت أمريكا بإعدادهم على مدار اكثر من عقدين من الزمن؟ 

هل تراهن أمريكا دوما على الحصان الخاسر في تدخلاتها بالدول المأزومة؟ 

أفكر بما يجري بالساحة الفلسطينية، وخطر لي فورا لقب كارزاي فلسطين الذي أطلقه أبو عمار على ابي مازن. ذلك اللقب الذي لطالما استثار حفيظة أبو مازن واغضبه. اذكر في كتاب استقالة قدمها للراحل عرفات عندما كان رئيسا للوزراء كان يشعر بالاسى بسبب هذا اللقب. وطبعا، كان معه حق. فها نحن رأينا ما الذي جرى بسليل كارزاي بأفغانستان. ولكن اسأل نفسي، هل المشكلة بكارزاي واختراعه، ام المشكلة بأمريكا؟ هل تتعمد أمريكا على زرع هذه الشخصيات واختلاقها والتخلص منها بهذه الطريقة ام هم نتيجة فشل منظومة التخطيط والتدبير الامريكية؟ يبدو للوهلة الأولى ربما ان مقارنتي للحالة الفلسطينية ليس في مكانه. ولكن لو تمعننا قليلا لرأينا الكثير من التشابه، بغض النظر عن اختلافات الجغرافية والشعوب، لأن أمريكا هي ذاتها. فطريقتها من بلد الى بلد تختلف في الشكل لا المضمون. الامن الفلسطيني كالجيش الافغاني تم تدريبه من قبل الجنرالات الامريكية. عتاده واساليبه وتقنياته تختلف فقط لأن الوضع الأمني في الجانب الفلسطيني يتطلب الحرص، فالمنطقة هنا ليست كأفغانستان يمكن تطبيق مبدأ “فخار يطبش بعضه” فيها. يعني لا فرق بالحقيقة بالنسبة لأمريكا بين الجندي الأفغاني الذي يتم تدريبه وغريمه الافغاني الاخر المتمثل بطالبان، اما عندنا فالنيران لا يمكن ان تعتبر بكل توجهاتها صديقة: أفغاني: أفغاني. هنا النيران يمكن ان تطال إسرائيل، فلا يمكن المجازفة كثيرا. 

بعد مقتل نزار بنات كثرت ممارسات القمع البوليسية التي مورست ضد الشعب على الطريقة الأمريكية بجوانتانامو، القصة الأخيرة تتعلق بضرب مبرح لدرجة التكسير طال مجموعة من الشبان قبل أسابيع قليلة لمجرد محاولة أحدهم منع رجل الامن الفلسطيني من الاعتداء على صديقه، ليتم ضرب المجموعة واصابة واحد علي الأقل بتلف بالكبد واصابات أخرى. تتداول الشهادات بجملة تتكرر بسؤال رجال الامن للشبان اثناء ضربهم: من ربكم؟ ليفرضوا عليهم ان يجيبوا بأن السلطة الفلسطينية هي ربهم. ظننا بسذاجة ان سلطة تقوم على مراقبة العالم الداعم لها ماليا قد يتم ضبطها على الأقل بحفاظها على الالتزام بحقوق الانسان المبدئية. ولكن ما ظنناه الطلقة الأخيرة قبل الإصابة في مقتل لهذه السلطة يبدو وكأنه زجاجة خدشتهم فقط، لأن الداعم الأمريكي هب لإخراج الطلقة ومداواة السلطة المصابة وبث الحياة فيها ودعمها. فالمطلوب كما هو واضح ديمومة السلطة ولو على حساب الشعب. 

قبل أشهر كنا ننتظر انتخابات. وظننا كذلك بسذاجة، ان اعلان تأجيلها والالتزام بتشكيل حكومة وحدة وتحديد موعد انتخابات قد يترتب عليه بعض الجدية في ظل متابعة ” عليا” من الممول صاحب اليد العليا الأمريكي، ولكن ما جرى كان بالعكس تماما. ما نراه ونسمع به من اشاعات واعلانات وسحبها لتشكيل حكومة وحدة انحسر في تعديل وزاري يراد منه إرضاء أمريكا فقط. فلا أحد يرى هذا الشعب او يأبه به. لا سلطته التي سلطتها أمريكا على ما يبدو عليه، ولا أمريكا التي يبدو ان هذه السلطة المتسلطة وضعتها مؤقتا بمأزق يضعضع شكل انسانيتها. فما حصل من تغاضي وتواطؤ في مقتل الخاشقجي، يعيد نفسه بالتواطؤ والتغاضي عن جريمة مقتل نزار بنات وأكثر بمشاهد التنكيل التي حصلت ضد المتظاهرين بعد زيارة وزير الخارجية الأمريكية للسلطة وكأنه اعطاهم الضوء الأخضر للاستباحة. 

المشهد الساخر الحاصل في محاولة تعديل حكومة – اشك ان يتمكن أصحاب السلطة حتى من تعديلها- لأن حالة الاستوزار والاستحواذ على كل واي منصب حكومي سيادي متاح يبدو العراك عليها عراك موت وحياة. يتساءل المرء منا، لماذا التعديل الوزاري؟ مطلب من بالتحديد؟ 

يعني، بالأصل، المطلب هو انتخابات قد يسبقها تشكيل حكومة وحدة من اجل التحضير للانتخابات. ماذا يعني ان يطرأ تعديل على بعض الوزارات؟ هل مشكلة عدم تحديد موعد للانتخابات بتغيير وزير العدل والحكم المحلي والصحة والتعليم العالي او غيرها؟ ام بات هناك حاجة ملحة لملء الوزارات التي استأثر بها رئيس الوزراء من اوقاف وداخلية لما نعيشه من انهيار تام للأمن واستحواذ قانون العشيرة واستحداث الأعراف باسم الدين والشريعة الإلهية؟ 

في وضع طبيعي، تستقيل حكومة قتل فيها مواطن كما قتل نزار بنات. 

في وضع طبيعي تستقيل حكومة تم سحل المواطنين اثناء تظاهرهم السلمي وشدهم وضربهم وابتزازهم وتهديدهم واعتقالهم. 

في وضع طبيعي تقال وزارات ينفق فيها المواطنين كما ينفق الغنم في حر صحراء. 

في وضع طبيعي تقال وزارات تسرب امامها أراضي ويمرر منها استثمارات ويمضي خلالها وعبرها الفساد كالماء.

في وضع طبيعي يستقيل الانسان المذي يحترم نفسه ومكانته ووطنه من حكومة لا تحترم المواطن. 

ولكننا في وضع لا احترام فيه للإنسانية ولا مكان لها، فكيف لي ان استغرب تمسك متسلط بكرسيه وانتظار اخر لفرصة تسلط أبدي متاحة؟

ومن هنا أتساءل مرة أخرى، من اجل من تجري محاولات التعديلات، غير مراضاة أصحاب السيادة بكافة مآربهم بين تعيينات جديدة واستحداث مناصب لأفرادهم؟ لمن تجري الحكومة هذه التعديلات، لترضي أمريكا التي طالبتهم بإجراءات شكلية لحفظ ماء الوجه؟ 

يجب على أمريكا ان تحافظ على إنجازها في ديمومة هذه السلطة، ولكن الا تتعظ من تجربتها مثلا اليوم في أفغانستان؟ 

أتساءل عن أمريكا هذه التي تتغنى بالحريات وبالمبادئ الإنسانية التي تعلو كل القيم امام شعبها ومن اجل شعبها، كيف تستطيع ان تكيل بمكيالين متناقضين هكذا؟ 

ام ان هناك أمريكا للأمريكيين وامريكا لغير الأمريكيين؟ الأولى التي تمارس الحقوق والفضائل وتتطبق والثانية التي يتم طحن العالم من اجل مصالحها الأخرى. 

مثلا، هل تكون جامعة واشنطن للصحة والعلوم[1] الموجودة في بيليز[2] ( هندوراس البريطانية سابقا) الكاريبية بأمريكا الوسطى بإحدى الامريكيتين على طريقة التعامل الأمريكي مع بلداننا وشعوبنا؟ 

وهل يكون مثلا قاضي القضاة محمود الهباش هو وزير التعليم العالي البديل كما هذه الجامعة البديلة لأمريكا الا من اسم عاصمتها ما يوازي تعليم الطب في بلادنا؟ (خبر على صفحة قاضي القضاة وجامعة واشنطن يقول ان لديه منح للطلاب وهناك اتفاقية بين الطرفين مع صور)[3]

هل لي ان أتساءل كيف لجامعات فلسطينية ان تدخل في شراكات مع جامعات لا يفهم لها مسقط رأس الا ذلك على شواطئ الكاريبي ان تقدم خدمات طبية وتعليم امريكي ومزاولة وبورد وتدريب في مشافي أمريكية يفهم منها المتقدم بأنه سيجد نفسه في وسط العاصمة الامريكية ليجد نفسه على الكاريبي، بجامعة يديرها مدراء لا علاقة لأمريكا بهم. ولنقل ان الجامعات يمكن الإغراض بها، اين دور وزارة التعليم العالي بهذا؟ ام ان هناك فتوى شرعية من قاضي القضاة تجيز المجاز بتحويل اسم واشنطن الى واشنطن وعليه تجيز الوزارة الشهادة؟ 

يجب التنويه هنا، ان صفحة الجامعة الرسمية تذكر انها في بيليز، ولكن الدعايات الخاصة بالجامعة تقول فقط انها جامعة واشنطن وتقدم تدريبات بجامعات أمريكية وتمنح البورد الأمريكي بمزاولة الطب- وهنا يقع الطلاب بالتأكيد بشرك ستكون مغبته عنوان القانون لا يحمي المغفلين- لأن الدعاية لا تقول نحن جامعة واشنطن بمدينة واشنطن الامريكية، ولا يعني التدريب بمستشفى امريكي ان يكون ذلك المستشفى بأمريكا.

نحن نتكلم هنا عن دراسة الطب! هل لنا ان نسأل كيف تتم المصادقة والشراكات والتعاون بين الجامعات وهل هناك دور لوزارة التعليم العالي؟  

نسيت أفغانستان ومآلها لبطن طالبان….

ونسيت الانتخابات، ونسيت حكومة الوحدة المنشودة. 

نسيت نزار بنات ومقتله، والشاب وكبده المصاب…. واطباء المستقبل امانة جامعاتنا ووزاراتنا. 

نسيت استرضاء السلطة لأمريكا وطبطبة أمريكا على السلطة. فأمريكا والسلطة معا حتى نفوق الفلسطيني الأخير… او ربما حكم شبيه بطالبان يخرج من مستنقع هذا الفساد الخانق عما قريب!!!

“إن مجتمعنا اللئيم يخلق أسباب الفقر والعاهة من جهة، ثم يحتقر المصابين بهما من الجهة الأخرى. وبذا ينمي فيهم عقداً نفسية لا خلاص منها.” 

― علي الوردي, خوارق اللاشعور

[1] https://www.wuhs.edu.bz

[2] https://ar.wikipedia.org/wiki/بليز

[3] https://www.facebook.com/dewanalqadaa

ديوان قاضي القضاة 

August 12 at 4:40 PM  · 

الهباش: منح لدراسة الطب من جامعة واشنطن للصحة والعلوم فرع فلسطين

رام الله 12 / 8 / 2021م أعلن الدكتور محمود الهباش قاضي قضاة فلسطين مستشار الرئيس للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية، عن مجموعة من المنح لدراسة الطب مقدمة من جامعة واشنطن للصحة والعلوم فرع فلسطين .

جاء ذلك خلال توقيع اتفاقية تعاون بين ديوان قاضي القضاة وجامعة واشنطن للصحة والعلوم فرع فلسطين، حيث وقع الاتفاقية من طرف ديوان قاضي القضاة الدكتور محمود الهباش ومن طرف الجامعة الدكتور نظير حمادنة الرئيس التنفيذي لجامعة واشنطن للصحة والعلوم في فلسطين.


اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading