تخطى إلى المحتوى

مسلسل التاج: الانسلاخ ما بين التاج والانسان

مسلسل التاج: الانسلاخ ما بين التاج والانسان

“من يريد الشفافية عندما يكون لديك السحر؟ من يريد النثر عندما يكون لديك الشعر؟ “

اتابع مسلسل التاج على نتفلكس في موسمه الأول (المكون من اربع مواسم حتى الآن)، وتنتابني الكثير من الأفكار. 

كما دوما، قدرة الدراما على أنسنه اوحش الأفكار وعكسها. ولكن بين ما هو وحشي وانساني وعكسه، هناك المقدرة على النقد بكافة اشكاله. فبقدر ما هناك انتقادات ذاتية إذا ما اعتبرنا هذا العمل قد تم انتاجه بمباركة الملكة اليزابيث، الا ان العمل يترك المشاهد متعاطفا معها طوال الوقت. 

أنسنه فكرة “الملكة” بعد وضعها في مكانة أقرب للألوهية، وكأن الله وضع كلمته فيها، فيصبح رضا الرب من رضا الملكة والعكس. ففي كل مرة تحاول هذه المرأة ان تقوم بدورها الإنساني، يصبح دورها كملكة اهم، فكلمتها كلمة الرب. على الرغم من ان الكلمة الحقيقية لرئيس الوزراء (ونستن تشيرتشل) ورئيس الكنيسة في كل الأحيان. لها هامش ان تقول كلمتها الأخيرة التي هي كلمة السلطة الأعلى دائما. وهي سلطة العرش الذي يجب ان يتم الحفاظ عليه. 

“غالبًا ما يكون عدم القيام بأي شيء هو أفضل مسار للعمل ، لكنني أعرف من التجربة الشخصية كيف يمكن أن يكون الأمر محبطًا. التاريخ لم يصنعه أولئك الذين لميفعلوا شيئًا.” الملكة اليزابيث  

والعرش هو التقاليد العريقة التي أبقت المملكة متماسكة من اجل امساك الشعب الإنجليزي. امام العرش يموت الحب او يدوم ليقدم صاحبه او صاحبته اضحية للعرش المقدس. 

الطريف في الامر هو ابراز فكرة “ثقل” الحمل وكأن من يصبح ملكا هو الاضحية. فوالد الملكة اليزابيث، الملك جورج السادس حمل التاج بدلا من أخيه الذي تنازل عنه من اجل المرأة التي أحبها. فنرى كيف تحقد الملكة الام (الزوجة) والملك والابنة الملكة على العم الذي ترك لهم العرش. 

دور الزوج، الأمير فيليب مثير للاهتمام كذلك، فنرى معاناة حقيقية لرجل تنازل عن اسمه لزوجته الملكة، ووجد نفسه مرغما ان يكون تابعا على الرغم من كونه مستقل الشخصية. وبقي كالظل على عقل الملكة يذكرها بان الانسان يجب ان يأتي أولا، ولكن عبثا، فالتاج هو الأول: المقدمة والنهاية. 

ربما يبرز دور الملكة الانسانة وسط “قداسة” الدور بالكثير من الشفافية التي تترك للمشاهد المجال للتفكير فيما بين المشاهد. بالتأكيد يبقى “الحِمْل” الكبير من مسؤولية ان تكون “ملكة” يجعلنا نتعاطف دوما مع العائلة كلها، وكأن الاسرة الحاكمة مرغمة على هذا الدور وتعاني بما تعيشه من رفاهية وسلطة وتسليط ضوء عليها، ليمكن المشاهد من التعاطف دوما لما يحدث… 

طبعا، كل ما يجري خارج دائرة العائلة والملكة من العالم ليس الا ارتداداً يؤثر أحيانا على المركز- الملكة ومكانتها- التاج والأعراف.    

المسلسل يستحق المشاهدة بالتأكيد، بالإضافة لما يخص الأداء الدرامي الجيد، المعلومات التاريخية المهمة التي يرصدها منذ بداية القرن العشرين.

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading