حان الوقت لنسمع وزير التربية والتعليم: التوجيهي على الأبواب
مع انتهاء عرض الوزراء على مدار الايجازات الصباحية والمسائية في الأيام الأخيرة، انتظر الكثيرون وزير التربية والتعليم تحديدا، ولكنه لم يخرج ليدلي بما لديه من إنجازات.
وللحق، خطوة تحسب له.
فما جرى خلال تلك العروض اثار الاستياء أكثر من الاطمئنان، وتحول الايجاز من تحديث لوضع الكورونا الى مناسبة لتقديم الولاء والامتنان والشكر للحكومة لنفسها. وقد يكون وزير العدل قام بما يمكن ان نسميه مسك الختام عندما قال مداعبا ربما: ” ما تدقوش على القانون.”
من ناحية، كانت فرصة للتعرف على الوزراء، ولكن من ناحية أخرى، كم يعنينا ان نتعرف على الوزراء. فنحن نعيش كالعريس الذي يرى زوجته ليلة العرس.
لا اعرف ان كانت الحكومة قد بدأت الاستيعاب ان فترة العرض انتهت. فلم تعد الكورونا وتفشيها هو الأهم، ولكن تبعاتها التي بدأت بالاجتياح السريع هو المهم.
ولكن، بعيدا عن الايجازات والعروض الصباحية والمسائية، هناك أسئلة تتصاعد مع مرور كل يوم بشأن التوجيهي تحديدا. وسؤال جوهري حول ما سيحدث بالعام الدراسي. هل سيعلن انتهاؤه؟ هل سيمدد الى الصيف؟
قد يكون سؤال ما سيحدث بالفصل الدراسي اقل أهمية الآن ولكنه سيبقى السؤال الجوهري.
التوجيهي هو ما يؤرق عشرات الالاف من الطلاب واهاليهم.
قد يبدو الامر لإنسانة مثلي، لا تعاني هذا العام من ضغط التوجيهي كأم اقل أهمية، واكتفيت بإعلان الوزارة القائل بأن التوجيهي سيجري في موعده.
وقد يكون من الطبيعي الفهم لمن لا يشكل هذا الموضوع ارقا له عدم معرفة المزيد من المعلومات. ولكن لو كنت طالبا انتظر امتحانات بعد شهر، ولا اعرف الا ان عليّ الاستعداد؟ فهل هذا منصف؟
المعلومة الوحيدة لدى الطلاب ان الامتحانات في موعدها وما قامت الوزارة بإعلانه من حذف لبعض المواد.
لا يوجد لدي أي شك ان وزير التربية والتعليم يحمل الامر بجدية وحرص عالي. واعرف جيدا انه حريص كل الحرص على ان يقدم ما هو الأفضل والمناسب بلا اخطار لطلبة التوجيهي. واعترف أيضا انه هناك حاجة للتفكير بعمق وبلا توتر في هذا الامر. فإصابة واحدة بالفيروس خلال الامتحانات كفيلة ان تقلب الدنيا على بعضها. فكما نعرف ان هناك طلابا يريدون الامتحانات ليمضوا قدما نحو احلامهم الجامعية، فيجتهدون ويتعبون. هناك من الطلاب من تشكل هذه الازمة لهم فرصة ذهبية.
ولكن اعتقد انه حان الوقت لاطلاع الطلاب واهلهم على تفاصيل خطط الوزارة ومقترحاتها بشأن كيفية حصول الامتحانات وتوقيتها وتأمين الطلاب والتأكد من السلامة الصحية.
نحن نعيش في وقت لا يوجد فيه وصفة سحرية ولا حل واحد لشيء. كلنا في هذا المركب نحاول البقاء احياء، وعليه من المهم مشاركة الوزارة للشعب مخططاتها واقتراحاتها، لأنه ما قد يبدو للوزارة سليم وصحيح، قد يكون غير ذلك للبعض. ولا اظن ان الوزارة مستعدة لأخذ قرار فيه إمكانية ولو واحد بالمئة بتعريض الطلاب للخطر.
في حوارات عدة بهذا الشأن، تيقنت مدى صعوبة الامر وتعقيداته.
من السهل التخمين للمدارس الخاصة والمدارس في المدن، ولكن هناك مدارس في قرى وأماكن نائية حيث الخدمات فيها صعبة والوصول اليها معقد.
كم من الممكن التحكم بسير الامتحانات والتأكد من عدم الغش؟
كيف يمكن الوقاية بكل الاتجاهات، أوراق الامتحانات ومن ينقلها ويحملها ويستخدمها؟ كيف يمكن التأكد من خلو المراقبين والطلاب من الفيروس؟
هل يوجد إمكانيات لفحص ما يقرب من مئة ألف انسان على مدار أسابيع الامتحانات؟
هل هناك تفكير لحلول أخرى؟
مثلا الغاء التوجيهي واعتماد علامات المدرسة؟ هل يمكن التفكير بما تقوم به الأنظمة التعليمية الأخرى من طرق ربما تكون أكثر إبداعية بنشاطات؟
لم أكن ابدا من مؤيدي “الإنجاز” الذي عنْوَن الوزارة السابقة لسنوات مع “التعليم الالكتروني”، ولكن المنطق يقول انه هذا هو الوقت المناسب له. ولأننا عرفنا ان لا انجاز ولا تعليم الكتروني قائم بعد الكلمات، فلا ضرر بالنسبة لي من قرار الوزير بإلغاء ملف الإنجاز. وبينما تساءلت عن أهمية القرار بهذا التوقيت، فكرت لم لا يفكر الوزير الحالي بتطبيق ما يجب ان يكون إنجازا فعليا بينما ننهج التعليم عن بعد الكترونيا، قصرا اليوم؟
ربما لو تفتح وزارة التربية والتعليم المجال للاقتراحات من قبل المهتمين سواء من الطلاب او الاهل او المختصين على صفحتها ودراسة هذه المقترحات والتعقيب عليها، يكون مفيدا.
عودة الى الموضوع الجوهري، وهو ماذا يحل بالسنة الدراسية؟
كل من له ابن او ابنة في البيت منذ أكثر من أربعين يوم، يستطيع ان يقول ان الوضع ليس بخير. فلا اعرف بالحقيقة ما الذي يجري، وما الذي تعلمه الأبناء، وما هي الاستفادة وما هو قدر الضرر. وقد تكون المتطلبات المدرسية لا تشكل أهمية كبيرة على سيرورة التعليم، فأخشى ان اواجه نفسي بفكرة عدم جدوى ما تقدمه المناهج أصلا.
هناك محاسبة يجب ان تتم لو ان في هذه البلد ذرة مكان للحساب، ولكني على يقين بكلام وزير العدل، فلا داعي للتعويل على قانون يحاسب. ولكن ما جرى بكشف ما اعتبره بكل بساطة فضيحة التعليم الالكتروني هو جريمة بحقنا كشعب وحق طلابنا. كم من الأموال هدرت او نهبت بينما سمعنا على مدار سنوات سابقة للوزارة الحالية عن التعليم الالكتروني؟ كم من جهاز تم رصده عبر المنح المختلفة من اجل تسهيل عملية الدراسة الالكترونية؟ اين المناهج الالكترونية؟ اذا ما كان ثلث العائلات تملك جهاز كمبيوتر في هذا البلد على حسب جهاز الإحصاء الفلسطيني.
اعترف انني بهذه الفترة قدرت أكثر دور المعلمين، وتمنيت لو ان ما يجري يكون فرصة للأهل ان يقوموا بالدور الذي طالما رميناه على المدارس في شأن التربية. قد تكون هذه مناسبة لنا بتربية أبنائنا من جديد. بينما امضي نهاري بين صياح وتوبيخ وحرد وفرض تعاليم بيت، امام مقاومة وصد وتوجيه وتوبيخ مضاد من ابنتيّ، اتعاطف من جديد مع المعلمين. كيف لمعلم ان يتحمل عشرات الطلاب في صف على مدار ساعة يوميا؟ ما الذي قدمناه كأهل على مدار سنوات تربيتنا المزعومة لنسهل عملية التعليم بالمدارس؟
أفكر كم مرة سيضرب الاب او الام ابنه وسيرغمه على السكوت والانصياع لأسباب اقل أهمية من تلك التي نشهدها بالمدارس من عنف؟
أفكر كيف سنبرر ضرب أبنائنا بينما نمارس تربيتهم للمرة الأولى بحياتنا. كيف سنتحملهم؟ وكيف سنتكيف مع حقيقة اننا آباء وامهات وظيفتنا ان نربي لا ان ندفع أقساط مدارس لتقوم المدرسة بالتربية عنا لننسب النجاح لنا والفشل لها.