تخطى إلى المحتوى

المواطن المقدسي بين مطرقة الاحتلال وسنديان التجنيس

المواطن المقدسي بين مطرقة الاحتلال وسنديان التجنيس

 

مع قدوم ترامب الى حكم امريكا ، وتصريحاته الانتخابية التي وعد خلالها نقل السفارة الامريكية الى القدس ، بات الخطر من أسرلة المدينة وضمها الدولي لاسرائيل كعاصمة محتما. وبين ما يكمن من هكذا خطوة ، تعتبر سابقة بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية نفسها التي طالما ما التزمت بالقرارات الاممية على الرغم من انحيازها المطلق الى اسرائيل ، وبين انحياز واضح وصارخ وصريح لترامب بالنسبة للموضوع الذي بدا جليا من التعيينات في ادارته ،بدء من تعيين سفير لتل ابيب يهودي صهيوني وداعم محوري لبناء المستعمرات في الضفة الغربية . وبين تعيين صهره اليهودي الصهيوني الداعم الكبير للجيش الاسرائيلي والمدرج اسمه على قائمة داعمي الجيش (لقد تم ازالة اسمه من القائمة بعد فوز ترامب تحضيرا لتعيينه الجديد) ،كالمفوض للسلام بين الفلسطينيين واسرائيل ، الي تعيين مستشاره القانوني اليهودي الصهيوني البارز في ايباك (اللوبي الصهيوني في امريكي ) . وفي غياب اكيد او لكي لا اكون مجحفة ، في حضور ضبابي خجول للقيادات العربية في الشأن الفلسطيني ، وبالطبع في عدم اكتراث للقيادة الفلسطينية ، وتدخل لا يتعدى التصريحات غير المجدية . يبقى الانسان الفلسطيني في القدس تحديدا امام تحديا حقيقي .

لن احاول ان ادخل المواطن البسيط او العادي في هذه المعضلة من المحاسبة . ولكني بكل الاحوال لا استطيع ان اعفي ايا منا كافراد من مسؤوليتنا امام كل ما يحدث. فالانسان المقدسي هو المعضلة الاخيرة في هذا الصراع . ولكي اكون اكثر دقة ، ان عدد الافراد من المقدسيين المتواجدون بالقدس الحاملين للهوية  المقدسية (اسرائيلية) ، هو الذي يمسك اسرائيل من التعدي المفرط في فرط ما تبقى من مساومات على هذه القضية . فالمقدسيين يشكلون اكثر من ثلث عدد سكان القدس. وهذا رقما ليس بسيطا في حسابات المدن ، والثلث هذا بكل التقديرات الاسرائيلية معرضا للتزايد في السنوات العشر القادمة على حسب مؤشرات الزيادة البشرية ، خصوصا ان القدس لا تستقطب السكان الاسرائيليين العاديين ، اي غير المتدينين.وهجرة العلمانيين من الاسرائيليين من القدس الى مدن اخرى .

فمعضلة القدس في غياب دور قيادي ووطني للسلطة الفلسطينية ، تبقي على السكان كمحور للعب على مصير هذه المدينة . فتوحيد القدس بالمفهوم الاسرائيلي ، لم يكن ابدا توحيد سكان ، ولم يرق ابدا للنظر الى المقدسيين كجزء مهم من المدينة . بل هم في احسن احوالهم عمال . القدس اليوم تشكل افقر مدن اسرائيل ، لان السكان العرب هم الافقر ، وبالتالي هذا يؤثر على ترتيب المدينة العام. في بلدية القدس، لا يتعدى نصيب الفلسطينيين من السكان العشرة بالمئة من ميزانية البلدية الموافق عليها من الحكومة ، ولا يحصل المقذسي اصلا الا على ما لا يصل نصف المبالغ المستحقة.

والسكان من المقدسيين بين فكي الاحتلال الاسرائيلي الذي لا ينكف عن محاولات تخفيف عدد السكان بكل ما اوتي من مقدرة ، هدم البيوت، وفرض الضرائب الباهظة، والترحيل القصري، والتجريد من الهوية وبالتالي حق السكن بالقدس، ومنع لم الشمل وغيرها من الاجراءات التعجيزية التي ادت باغلب الاحيان للمواطن المقدسي باللجوء الى الحل الاسلم له ، وهو الحصول على الجنسية الاسرائيلية .

وهنا يبدأ موضوع الجنسية الاسرائيلية بتعقيداتها المختلفة على الانسان الفلسطيني ، وابعاده الكثيرة . فليس هناك ما نتخيله بالنسبة لمحصلة التجنيس الاسرائيلي . فالمثل الفلسطيني المتمثل بمناطق ال٤٨ هو الشاهد الحي على ما يمكن ان يحصل من تفكيك مجتمعي يطال التفكيك الذاتي للانسان . ومهما جملنا وعرضنا من مزايا بالعيش تحت ديمقراطية اسرائيل ، فان الانسان الفلسطيني في احسن احواله لا يرقى الى اكثر من ان يصبح او يكون مواطنا من الدرجة الثالثة او ما يمكن ان يدرج تحت المستويات الادنى في هذه الدولة. وبكل الاحوال يعيش في انفصام بانتمائه بين هويته الفلسطينية وجنسيته الاسرائيلية ، التي تأخذ المواطن الفلسطيني باحسن الاحوال لدى من لهم طموحات سياسية الى الكنيست ، لنبدأ باشكالية من نوع اخر اكثر تعقيدا وتفتيتا لما يجوب بداخل الانسان منهم.

وليس غريبا ما يجري من هرولة للمقدسيين الى وزارة الداخلية من اجل طلب الجنسيات الاسرائيلية . من جهة ، فان تجربة السلطة الفلسطينية اثبتت فشلها للمواطن العادي وغيره بطبيعة الحال ، فيرى المقدسي احياءه وشوارعه تتشرذم امامه وتتقطع وتحاصر بين جدار وشارع يخرج من الارض على حين غرة ويستيقظ ليجد نفسه محاصرا في حيه . والامثلة على هذا كثيرة ، النبي صمويل، بدو ، الخلايلة ، العيزرية،ابو ديس، الرام، حزما، عناتا، قلنديا، سلوان، راس العمود المكبر،السواحرة، الزعيم وغيرها…..وقريبا بيت حنينا وشعفاط والشيخ جراح. ولم يبق للانسان الا المحافظة على وجوده بطريقة تعطيه على الاقل بعض الحقوق الاساسية من سكن وتأمين صحي ووطني .

قبل زمن ليس ببعيد ، وحتى اوسلو ، كان السكان المتجنسين (بالجنسية الاسرائيلية) من اهل المدينة ،لا يجرؤون على الاعلان او حتى الاعتراف بتجنسهم ، لانه كان ينظر اليهم كعملاء  . وبكل الاحوال كان ينظر اليهم باستياء وغضب واحتقار. واسرائيل من جهتها ، كانت اقرب الى الاستجداء بتجنيد سكان الي الجنسية . وعليه حملة الجنسية كانوا من الفريق الثالث اذا صح التعليم ، طبقة عميلة ، غير محترمة وفي احسن احوالها اقرب الى الجهل .

حتى السنوات العشر الاخيرة ، لم يتعد عدد السكان الحاصلين على الجنسية الاسرائيلية او المقدمين لها بضع الاف . اليوم ، المهرولون للحصول على الجنسية تعدى عشرات الالاف ، بالاضافة الى عشرات الالاف الذين حصلوا عليه .

وبين غياب للوعي لما يترتب على هذا من اختزال للقدس في سكان عرب ، يضافوا الى السكان العرب في جموع السكان الاسرائيليين . وبين اختفاء لدور السلطة في هذا ، بين توعية وخدمات .

فالمواطن المقدسي يعيش في تهميش وعزلة حوله تدريجيا الى انسان كل ما يطمح اليه هو الحفاظ على وجوده بالمدينة مقابل خطر التهديد بالترحيل الذي لا يفارقه . مما جعل الكثيرون بوعي كامل امام غياب اي افاق لحل سياسي تكون فيه القدس جزء من الحل ، وبين غياب قد يكون مقصودا من السلطة الفلسطينية يقتصر بوجوده على شكليات من ضمنها وجود محافظ وووزير (بشخص واحد )ان يصطفوا مستجدين امام ذل الاحتلال مطالبين بجنسيته .

Normal
0

false
false
false

EN-US
JA
X-NONE

/* Style Definitions */
table.MsoNormalTable
{mso-style-name:”Table Normal”;
mso-tstyle-rowband-size:0;
mso-tstyle-colband-size:0;
mso-style-noshow:yes;
mso-style-priority:99;
mso-style-parent:””;
mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt;
mso-para-margin:0cm;
mso-para-margin-bottom:.0001pt;
mso-pagination:widow-orphan;
font-size:12.0pt;
font-family:Cambria;
mso-ascii-font-family:Cambria;
mso-ascii-theme-font:minor-latin;
mso-hansi-font-family:Cambria;
mso-hansi-theme-font:minor-latin;}

 

 

1 أفكار بشأن “المواطن المقدسي بين مطرقة الاحتلال وسنديان التجنيس”

  1. تنبيه Pingback: اذا استقر الرأي على المشاركة في الانتخابات البلدية في القدس فما السبيل الاقل ضررا لذلك؟ – نادية حرحش

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading